حاوره/ مجد محمد
نوه عبد الله الرفاعي إلى ما يفعله أحمد الشرع اليوم ليس تأسيساً لسوريا جديدة، بل إعادة تدويرٍ فاشلة لنظام سقط وانتهى… حكومة بلا روح، بلا شرعية، وبلا تمثيل حقيقي لكل السوريين. وأضاف نحن أمام مشروع مشوّه، يعاني من العقم السياسي، إلى إقصاء المكونات الوطنية لصالح أجندات خارجية، تقودها أنقرة وأذرعها في الداخل. مؤكداً إذا لم يُتدارك الأمر سريعاً، فهذه الحكومة لن تُنقذ سوريا، بل ستدفع بها إلى هاوية جديدة.”
ابتداء من المؤتمر الوطني الذي عقده على عجالة، والذي فاحت رائحته من حيث اللجنة التحضيرية والمدعوين، وكذلك الأمر بشأن الإعلان الدستوري الذي صيغ على عجل، وجاءت نقاطه كلها بشكل واحد ولون واحد ودين واحد ومكون واحد ولغة واحدة، والتي هي بعيدة كل البعد عن سوريا ذات التاريخ العريق في الحضارات، لقد كان الإعلان الدستوري إقصائياً لكل المكونات السورية من الكرد والعلويين والدروز والسريان والآشوريين والإيزيديين، وجعل الفقه الاسلامي مصدراً أساسياً للقانون والدستور، ومعروف أن سوريا فيها المسيحيون من كل الطوائف التابعة للكنيسة الأرثوذكسية أو كنيسة الكاثوليك، ناهيك عن الطائفة الدرزية والعلوية والشيعية على اختلاف فرقهم ومذاهبهم، فلا يستقيم الأمر أن يكون الفقه الإسلامي مصدراً للتشريع.
وكذلك بالنسبة للغة حيث يجب قبول لغات كل المكونات لغات رسمية في الدولة السورية المستقبلية، والغالب أنه يجب إعادة النظر حتى في علم الدولة الذي يرمز إلى العصور الإسلامية التي كانت شاملة ولم تقبل الآخر، كما أن هناك جدلاً واسعاً بين المكونات السورية فيما يتعلق باسم الدولة، فوفق التاريخ السوري منذ أيام الانتداب الفرنسي وحتى بعد الاستقلال عام ١٩٤٦ كان اسم الدولة “الجمهورية السورية” وهناك أدلة دامغة تشير إلى هذه المسألة، كالعملة المعدنية والورقية والطوابع البريدية التي تحمل اسم “الجمهورية السورية” وليست الجمهورية العربية السورية كما يسعى الرئيس أحمد الشرع إلى تثبيتها في الواقع الحالي المعاصر، فهذه كلها أخطاء قاتلة وقع فيها أحمد الشرع قد تودي بنهايته في حال عدم تدارك الموضوع.
وبهذا الخصوص عقدت صحيفتنا “السوري” حواراً مطولاً مع الأستاذ عبد الله الرفاعي عضو الحزب التقدمي السوري، ودار الحوار التالي:
*الحكومة التي عينها أحمد الشرع، لم تلق قبولاً في الاوساط السياسية والمجتمعية، لماذا في رأيك؟
للأسف الشديد، التعيينات الحكومية جاءت على مقاس توجيهات هاكان فيدان ورجب طيب أردوغان وهيئة تحرير الشام، متناسياً المكونات السورية من الدروز والعلويين والكرد والمسيحيين، لذا يمكن القول أن حكومة الشرع الحالية لا تعاني من الولادة العسيرة في مخاضها فقط، بل يمكن القول أنها تعاني من العقم السياسي، لأن الحكومة التي شكلها الشرع هي حكومة ذر الرماد في العيون، حكومة دون رئيس وزراء، وحكومة فيها وزراء أتباع وموالون له، على غرار حكومات الأسد المتعاقبة، وقد عين وزراء من الأقليات دون استشارة المكونات نفسها عن طريق قياداتها ومجالسها المنبثقة عنها، بل عينهم من الموالين له، كل ذلك دون الانتخابات التي يجب أن تجري وتتم برعاية الأمم المتحدة، كما تم تفكيك البرلمان ووضع في الإعلان الدستوري أن الرئيس الشرع سوف يعين تعييناً أكثر من ثلث أعضاء البرلمان، وحتى العلم واسم الدولة والدستور يجب أن يخضع للاستفتاء من قبل كل الشعب السوري وبرعاية أممية ودولية وعلى كامل الجغرافية السورية وبمشاركة كل المكونات التي سبقت الاشارة إليها.
*الحكومة تتناسى الوضع الداخلي السوري المنهك، بل حتى انه زادت المعاناة، ما رأيك؟
إنّ الوضع السوري في العاصمة دمشق وفي المدن السورية ينحو نحو الأسوأ من الناحية الخدمية والاقتصادية والأمنية والتعليمية وحتى الدينية والاجتماعية، فالغلاء يضرب سوريا من أقصاها إلى أقصاها وهو متفاقم لدرجة كبيرة، بينما رواتب العاملين والموظفين قد بقيت دون تغيير، ناهيك عن غلاء أجور المواصلات الخاصة والعامة بسبب ارتفاع أسعار الوقود، وتوقف المستشفيات عن تقديم الخدمات والأدوية والعلاج الممنوح للمواطنين، لقد قطع أحمد الشرع وحكومته كل سبل الحياة أمام السوريين، خاصة ما يتعلق برواتب المتعاقدين من المعلمين والمدرسين في مختلف المحافظات السورية، خاصة في مدينة الحسكة وفي القامشلي والمدن التابعة لها، فلم يتلقوا رواتبهم منذ أكثر من خمسة شهور، كما أن هناك مسألة حيوية تتعلق بالاتصالات بين مدن الإدارة الذاتية والمدن السورية الداخلية، ناهيك عن التعليم والامتحانات للطلبة المسجلين في الشهادة الإعدادية والثانوية، فالمسألة يرجح أنها لا تزال عالقة دون حل.
*هل صحيح إن هناك مطالبات من الساحل السوري بتدخل قوات سوريا الديمقراطية فيه؟
نعم، فالحكومة السورية تسعى لتكون مقبولة من كل السوريين، لكنها عاجزة حتى الآن عن تقديم الخدمات الأساسية الضرورية للمواطنين، كما أن حكومة الرئيس أحمد الشرع قد ساهمت في تفاقم الوضع الأمني، وضربت السلم الأهلي في الساحل السوري وارتكبت مجازر بحق الطائفة العلوية بحجة ملاحقة فلول النظام الذي يحاول الانتقام للعودة إلى سدة الحكم، ونتيجة لذلك قتل الآلاف من الاطفال والنساء والشيوخ، وطالب الأهالي بالحماية الدولية، كما طالبوا بتدخل الجنرال مظلوم عبدي وقوات سوريا الديمقراطية؛ وهذا يحسب للإدارة الذاتية التي باتت مقبولة من قبل كل السوريين.
*مناطق الإدارة الذاتية تعتبر جزءاً لا يتجزأ من سوريا، لماذا حكومة الشرع لم تقدم اي دعم او مساعدة للمنطقة؟
حكومة الشرع لم تقدم الدعم ولا المساعدة في حل مشكلة الرواتب للمتقاعدين في مناطق الإدارة الذاتية، كما لم تساعد تلك الحكومة الإدارة الذاتية في حل مشكلة الكهرباء والاتصالات، ولا في حل مشكلة قطع الماء من محطة علوك رغم صداقته مع تركيا وتبعيته لها، حتى الآن يثبت أحمد الشرع عقمه السياسي تجاه الإدارة الذاتية وكل المكونات رغم أن الإدارة الذاتية لها فضل كبير في أمن سوريا وحماية المنطقة برمتها من خطر تنظيم داعش، وهذا باعتراف معظم الدول الأوربية، وخاصة خلال زيارة الشرع الأخيرة إلى باريس التي طلبت منه أن يعطي دوراً كبيراً لقوات سوريا الديمقراطية شريكة التحالف الدولي، وقدّمت أكثر من ١٥ ألف شهيد، وأن يشرك كل المكونات السورية في الحكم، وأن يخرج الفصائل الأجنبية من صفوف قوات الأمن العام السوري، تلك القوات التي هددت النسيج الاجتماعي السوري، وبالتالي هي غريبة عن ثقافة السوريين، وعلى أحمد الشرع أن يحافظ على السلم الأهلي ويحقق العدالة الانتقالية.
*هل تعيين ابو شقرا في قيادة الفرقة ٨٦ بالمنطقة جاء متعمدا من قبل حكومة الشرع؟
إن تعيين المرتزق حاتم أبو شقرا في قيادة الفرقة ٨٦ في الرقة ودير الزور والحسكة، كان على ما يبدو استفزازاً كبيراً لمشاعر المواطنين بمختلف المكونات في مناطق الإدارة الذاتية، حيث خرج الأهالي في مظاهرات واحتجاجات استنكاراً وتنديداً بهذا التعيين لمجرم ارتكب جريمة بشعة بحق المناضلة هفرين خلف، هذه المسيرات والمظاهرات عمت معظم مدن الإدارة الذاتية من القامشلي حتى كوباني وكأن تعيين المرتزق حاتم أبو شقرا كان متعمداً من قبل أحمد الشرع، وربما كان قرار التعيين بناءً على تعليمات تركيا التي لايزال مرتزقتها يعبثون في الشمال السوري المحتل.