لكل السوريين

لمحة موجزة حول مفهوم التماسك المجتمعي

إعداد وبتصرف انعام ابراهيم نيوف 

يعد مصطلح التماسك الاجتماعي، أو البناء الاجتماعي والمعروف سياسيًا بالوحدة الوطنية، أحد اهم مصطلحات علم الاجتماع التي تستعمل في وصف الحالات التي يرتبط فيها الأفراد، أحدهم بالآخر بروابط اجتماعية وحضارية مشتركة.

وتعتمد درجة التماسك الاجتماعي لأي مجتمع، علي طبيعة الجماعات والمنظمات والمجتمعات التي تؤثر تأثيراً كبيراً ومباشراً علي أنماط سلوك الأفراد داخل المجتمع وهو يستعمل عادة في حالة الجماعات الاجتماعية الصغيرة والكبيرة خصوصًا عندما تتوفر في هذه الجماعات الصفات التالية: اعتماد الفرد علي المقاييس والقيم المشتركة، تماسك أفراد الجماعة بسبب المصالح المشتركة وأخيراً التزام الفرد بأخلاقية وسلوكية جماعته. أي أنه علاقة تعبيرية إيجابية تقع بين شخصين أو أكثر.

ومن المعروف أيضاً أن التماسك الاجتماعي ما بين أبناء الوطن الواحد، يظهر جلياً عندما يواجه الوطن بعض المحن أو الأزمات، وبخاصة عندما يكون هذا الخطر خارجيا او داخليا. فتتوحد الأمة وتقوي روابطها دفاعًا عن وطنها الذي يضم الجميع دون تمييز أو تفرقة. فوحدة الوطن هي الغاية، وهي الوسيلة للتماسك والتضامن.ويرتبط بهذا المفهوم عدة مفاهيم تعمل على توضيحه أكثر مثل الإدماج الاجتماعي والإقصاء الاجتماعي:

1- مفهوم الإدماج الاجتماعي: يدل على عملية مشاركة ديناميكية في المجتمع تسمح بإدماج الجميع اجتماعيا مع الحفاظ على التنوع والفردية. بعبارة أخرى، أنها محاولة لإنشاء “مجتمع للجميع” مع احترام الاختلافات. وقد يشمل ذلك مبادرات حكومية، وسياسات، وبناء قدرات، وأيضا النفاذ إلى البنية التحتية التي تسمح بالحوار والتبادل في الآراء. ويتماشى مع الإدماج والتكامل الاجتماعيين التماسك الاجتماعي الذي يعطي كل فرد من أفراد المجتمع حساً بالانتماء والتقدير والشرعية ليس نتيجة التجانس الديموغرافي، بل احتراماً للتنوع.

2- مفهوم الإقصاء الاجتماعي: يعني الإهمال المنهجي أو الإجحاف أو التمييز ضد أشخاص. فإن مفهوم الإقصاء الاجتماعي هو “العملية التي يُستبعد من خلالها الأفراد أو المجموعات تماماً أو جزئياً من المشاركة الكاملة في المجتمع الذين يعيشون فيه”. وللإقصاء ثلاثة نماذج هي:

  • فسخ الروابط الاجتماعية بين الفرد والمجتمع حيث يُبنى التكامل حول قيم وأعراف مشتركة من خلال مؤسسات وسيطة وسياسات التكامل.
  • الإقصاء بالتمييز الناتج عن سلوك وتبادلات فردية حيث يتشكل من خلالها التكامل عبر شبكات للتبادل الاختياري بين أفراد مستقلين يتمتعون باهتماماتهم ودوافعهم الخاصة.
  • نموذج الاحتكار أن الإقصاء ينتج عن هيكل هرمي يحول دون نفاذ الذين لا ينتمون إلى الفئات المهيمنة على السلع والخدمات.

وبالتالي؛ فإن التماسك الاجتماعي يمكن استنتاجه من تلك المفاهيم المرتبطة به والمضادة له وخاصة مفهوم الإقصاء الاجتماعي. فالتماسك الاجتماعي يعنى مشاركة جميع أفراد الشعب والمواطنين في الحياة العامة والاجتماعية والسياسية والاقتصادية دون استثناء لأحد بناءً على أية استثناءات عرقية أو دينية أو سياسية.

وهذا ما يمكننا من الدخول الى ما يتعلق بمفهوم الهوية، والتي تعني مباشرة الانتماء الى روابط محددة قد تكون ما قبل وطنية او ما دون وطنية والتي تختصر الى الروابط القبلية والعشائرية والدينية والعائلية، ومن ثم الرابطة الوطنية والتي تحدد بالانتماء الى دولة ومجتمع، لها قوانينها ودستورها الذي يحفظ حقوق جميع المكونات بصياغة حقوق المواطنة لجميع سكان الدولة ودون أي تمييز والمساواة بين الجميع امام القانون.

ويمكنني الإشارة السريعة هنا، انه في ظل العولمة وعالم ما بعد الحداثة اندرج محدد جديد يضاف الى مواطنية الفرد وقد خلقته وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت الهوية تشاركية بين وطنية الفرد وعالميته وحرياته، لأنها اتخذت بعدا عالميا مضافا الى بعده الوطني خارج الجغرافية، ومشاركة له.