لكل السوريين

بسبب الاحتكار والطلب على السلع خلال رمضان ذوي الدخل المحدود “يعيشون اليوم بيومه”

حلب/ خالد الحسين

ارتفاع الأسعار الذي تخطى حد 220 في المئة يزداد يومياً منذ أن توقفت المعارك في سورية، إذ لا تلبث أن تنتهي سنة وتبدأ أخرى وهي تحمل معها أعباء اقتصادية تصل ذروتها في شهر رمضان، إذ تضطر العائلات إلى شراء بعض الحاجات التي كانت تغض عنها البصر خلال الأيام العادية، فالصائم يحتاج إلى نوع طعام يسد رمقه ويبقي جسده في حال متوازنة خلال ساعات الصيام، فما الذي تغير من رمضان الماضي إلى اليوم؟ وهل أصبح بإمكان المواطنين شراء حاجاتهم أم ازداد الوضع سوءاً؟

رمضان بين الزلزال والاحتكار

حلَّ رمضان هذا العام وكثير من السوريين قد ناءت بهم الأحمال، فمن الحرب وسفك الدماء والتهجير إلى الأزمات الاقتصادية الخانقة المتتالية، وصولاً إلى الزلزال الذي ترك عدد كبيراً منهم مشردين لا مأوى لهم ولا عمل، وما زاد الطين بلة أنه على رغم كمية المساعدات التي وصلت إلى سوريا إلا أن عدداً كبيراً من السوريين لم يحصلوا على ما يقيهم البرد والجوع أو يخفف عنهم لحظات الخوف التي لا يزالون يعيشونها إلى اليوم، إضافة إلى بقاء بعضهم في بيوتهم الآيلة إلى السقوط في أية لحظة، فعلى رغم قرارات الإخلاء إلا أن بعضهم آثر البقاء فيها لعدم وجود بديل لهم في ظل أوضاع اقتصادية متردية.

وفي حال من التناقض تشهد السوق السورية توافر مختلف المنتجات وبكثرة، فكل شيء متوافر لكن حركة البيع والشراء لا توازي كمية المعروضات، ويعزو كثير هذا الوضع إلى احتكار التجار البضاعة وطرحها في السوق بالسعر الذي يناسبهم، مما شكل حال استياء أخرى تضاف إلى سابقاتها.

واعتاد السوريون بداية شهر رمضان قصد السوق قبل أيام والتبضع لأيام عدة، كنوع من الشعور بالبحبوحة وتأمين المستلزمات، لكن ما كان عادة قبل سنوات تحول إلى غاية صعبة الإدراك، فأسعار المواد وبخاصة الغذائية في ارتفاع مستمر، ليس من سنة لأخرى بل من يوم لآخر.

وبالعودة لأجواء رمضان الماضي فقد كان المواطنون يشتكون من ارتفاع الأسعار المفاجئ عن السنوات التي سبقتها، فمع دخول سنة 2022 ضربت الأسعار الحدود القصوى وآذنت بتضخم لم يسبق أن عاشته هذه البلاد، فكل شيء تضاعف سعره ثلاث أو أربع مرات، ومع دخول سنة 2023 ارتفعت الأسعار بنسبة 45 في المئة، ولا يزال الأمر مستمراً خلال الأيام الأولى لشهر رمضان، إذ يتوقع بعض الخبراء الاقتصاديين تراجع حدتها بعد مضي الأسبوع الأول.

ومن أهم المنتجات التي لا تزال تحتفظ بأسعارها من السنة الماضية بدرجة متفاوتة الخضراوات، إذ تسجل أسعاراً متقاربة مع بعض الاختلاف الذي يلحقها جراء ارتفاع أجور النقل والعاملين وكلفة زراعتها، والفرق الواضح كان في الخضراوات الورقية مثل الخس مثلاً الذي ارتفع هذه السنة ثلاثة أضعاف ما كان عليه سابقاً.

الملاحظ أن معظم الأكلات يحتاج إلى مكون أساس وهو اللحوم الحمراء التي قفزت أسعارها بشكل أدى إلى تراجع الإقبال على شرائها

أما أسعار المواد الغذائية مثل الحبوب والبقوليات التي تعتبر ركيزة أساساً على السفرة السورية، فقد ارتفعت أسعارها بشكل واضح وبطريقة جعلت شراءها واستهلاكها صعباً بالنسبة إلى عدد كبير من المواطنين، إذ ارتفع سعر كيلو الرز المصري من 3500 ليرة العام الفائت إلى 7500 ليرة هذا العام، وقد كان العام الماضي يعادل دولاراً واحداً واليوم لا يزال السعر نفسه تقريباً، إذ إن الدولار الواحد يعادل حوالى 7500 ليرة سورية.

وقفز سعر كيلوغرام البرغل الذي يعتبر وجوده من ركائز مائدة الطعام في سوريا من 2500 ليرة العام الماضي إلى 6 آلاف ليرة سورية اليوم، أما المفاجأة فكانت بأسعار البقوليات التي ارتفعت ورفعت معها الأكلات الشعبية، فقد قفز سعر كيلوغرام العدس من 5 آلاف ليرة سورية إلى 15 ألف ليرة هذا العام بما يعادل دولارين، وكذلك الحمص والفول، ويقول شعبان وهو أحد أصحاب المطاعم الشعبية “طبق التسقية المكون من الحمص والطحينة والليمون واللبن والمعد لخمسة أشخاص أصبح يكلف اليوم 25 ألف ليرة، أي ما يعادل ثلاثة دولارات ونصف الدولار، هذا من دون المخللات والبصل الذي أصبح الحصول عليه صعباً ومكلفاً”.

وقالت سعاد وهي ربة منزل إنه “إذا أردت إعداد وجبة المقلوبة على الإفطار فإنني أحتاج إلى كيلوغرام واحد من الرز وثلاثة كيلوغرامات من الباذنجان وقارورة زيت قلي، وأهم ما في هذه الوجبة هو الدجاج واللحمة وقد اخترت الدجاج، وأنا أعد طبقاً لخمسة أشخاص من دون أن أحسب سعر اللبن ومستلزمات السلطة والشوربة التي تعد طبقاً أساساً في رمضان”.

وتابعت سعاد، “لقد أصبحت هذه الوجبة تكلفني تقريباً 80 ألف ليرة سورية، ما يعادل تسعة دولارات، وراتب زوجي بمجموعه لا يتجاوز 200 ألف ليرة سورية (27 دولاراً)، لذلك نحن نعيش فارقاً حاداً بين الأسعار ودخل الفرد، وهذا ما يدفعنا لنعيش كل يوم بيومه”.