لكل السوريين

الشباب يعزفون عن الزواج.. ارتفاع تكاليفه بحماة

تقرير/ جمانة الخالد

أسباب متزايد في الآونة الأخيرة تدفع الحمويين إلى الابتعاد عن فكرة مؤسسة الزواج، لعل آخرها تكلفة غرف النوم، وهو ما يُعد سببا جديدا يدفع السوريين للتذكير مرات عديدة قبل اتخاذ قرار الارتباط وتأسيس عائلة. ليس هذا فقط بل التكاليف الكاملة لأثاث المنزل، من تجهيز غرفة النوم إلى الأجهزة الكهربائية، وغرفة الجلوس وإيجار المنزل وليس وصولا إلى المَهر وتكاليف الزفاف وغيرها.

وهذه الأساسيات العادية في حياة أي فرد أصبحت أحلاما بالنسبة للسوريين في الداخل، فما بالكم بالكماليات والرفاهيات التي حُرم منها معظم السوريين اليوم نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية بشكل عام في هذا البلد الذي يرغب غالبية سكانه الهروب منه.

وتشهد حماة ارتفاعاً في أسعار الأثاث الخشبي المنزلي كغرف النوم والصالون وباقي مستلزمات الأثاث نحو عشرة أضعاف عما كانت عليه منذ ثلاثة سنوات.

وباتت أرخص غرفة نوم مكونة من “تخت وخزانة وبيرو وكومدينتين” تصل اليوم تقريبا لحدود 7 ملايين، وهي من الخشب التجاري نوع “إم دي إف” وهو سيئ جدا، في حين أغلى غرفة نوم تصل لـ 100 مليون وتكون من خشب الزان ويتم تلبيسه بقشر الجوز والسنديان، والطلب رغم تدنيه يكون على الغرف تجارية التصنيع بالخشب الرديء ذاته، وفق تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية.

هذا الغلاء سببه لكون المواد الأولية تُستورد وبعدها يتم توزيعها في السوق، في حين كان سعر متر الخشب الزان المجفف وهو أفضل أنواع الخشب بـ 30 ألفا، أما اليوم فأصبح المتر من النوع نفسه 9 ملايين، وسعر متر الخشب العادي 3 ملايين، إضافة لارتفاع أسعار باقي مواد التصنيع وأجور الشحن وتكاليف الاستيراد، إضافة لبدائل الكهرباء.

وبات معظم المواطنين يتّجهون لشراء الأثاث المستعمل، ففي السابق كان الكثير من الناس يغيّرون فرش منازلهم كل سنتين تقريبا أما اليوم فالأغلبية يقومون ببخ الأثاث من دون إدخال تعديلات أخرى، هذا إن قاموا بعملية البخ أصلا.

لكن تكمن معاناة العمل تكمن في الارتفاع المستمر لجميع المواد الخام المستخدمة في صناعة الأثاث المنزلي. أما عن الأسعار، ويبلغ سعر غرفة نوم مؤلفة من سرير وخزانة و”بيرو”، بجودة خفيفة، يتراوح من مليون إلى مليون ونصف المليون ليرة سورية، بينما قبل عدة سنوات فقط كانت تُباع بنصف السعر وقبل عام 2011، كانت تُباع بأقل من ربع هذا السعر بكثير، ويزداد السعر كلما أُضيفت قطعة أثاث للغرفة، وإن كانت مصنّعة من الخشب الزان فتبدأ بـ 50 مليونا.

كما أن تكلفة الأبواب الداخلية من دون قشر اليوم فتبلغ مليون ليرة، والملبّس بـ مليون ونصف المليون، باب السنديان 3 ملايين، و”طقم الكنبايات” يبدأ بـ 5 ملايين ليرة، لأن سعر الإسفنج أيضا يرتفع باستمرار، وطاولة خشب ملبّس زان بـ مليون ونصف المليون.

يقول العديد من المواطنين إن هذه الأسعار لا تناسب نسبة كبيرة من السوريين، خاصة وأن نسبة الرواتب والأجور متدنية، فليس من المعقول أن يكون راتب الشخص نحو 150 ألف ليرة سورية ويمتلك القدرة في الوقت ذاته على شراء أثاث يكلف أكثر من 100 مليون ليرة سورية.

ليس فقط غرفة النوم باتت غالية، وإنما كل مستلزمات البيت، من الأدوات الكهربائية إلى إيجار المنازل وغيرها، فالغسالة من نوع الحافظ “أوتوماتيك” عشرة كيلو، يبلغ سعرها 6 ملايين ليرة سورية، وتقريبا كل الأنواع متساوية في الأسعار، أما البرادات فقد أصدرت “الشركة العامة للصناعات المعدنية بردى” مؤخرا لائحة جديدة بأسعار البرادات ذات التبريد العالي و”الانفيرتر”، ليصل سعر البراد قياس 24 قدم نحو 4 ملايين ليرة سورية.

أما المراوح، فيبلغ سعر المروحة العادية ذات الحجم الصغير 450 ألف ليرة سورية والمتوسطة الحجم 750 ألفا والكبيرة مليون ليرة تقريبا، ونظرا لتقنين الكهرباء انتشرت المراوح التي تعمل على البطارية بالإضافة للكهرباء وتتراوح أسعارها بين 420 ألفا إلى مليون ونصف ليرة بحسب حجمها ونوعها.

أمّا المكيفات، فيبلغ سعر المكيف 2 طن ماركة “هاي لايف” أكثر من 5 ملايين ليرة سورية، والمكيف 1 طن ماركة “الحافظ” مليوني ونصف ليرة سورية، أما المكيفات التي تدور على العجلات فيبلغ سعرها نحو 3 ملايين تقريبا.

ينعكس الوضع الاقتصادي المتدهور في جميع أنحاء البلاد سلبا على جوانب مختلفة من الحياة، مما يدفع الشباب اليوم إلى التفكير مليا في قرار الزواج وتكوين أسرة، خاصة وأن العقبات كثيرة وتزداد يوما بعد يوم، بالإضافة إلى عدم وجود فُرص عمل جيدة.

وبالنظر إلى أن ارتفاع سعر الذهب بات من أبرز العوائق أمام الزواج لنسبة كبيرة من الشباب، إلا أنهم اتجهوا لطرق الالتفاف حول هذه العادات، وبالتالي صاروا يستأجرون الذهب للتزيّن به أثناء حفل الزواج ومن ثم استرجاعه للصائغ، وذلك إرضاءً وحفاظاً على العادات والتقاليد المجتمعية السائدة.

على الرغم من أن العديد من العائلات زوجّت بناتها بتكلفة أقل نتيجة لظروف المعيشة السيئة، فقد أشارت إحصائية جديدة لوزارة الشؤون الاجتماعية في الحكومة السورية، إلى أن هناك أكثر من 3 ملايين فتاة عازبة فوق سنّ الثلاثين. النسبة المئوية للفتيات اللاتي بقين في منزل أهاليهم، ومتأخرات في الزواج بسوريا تشكل الـ 70 بالمئة، وفقا للمعايير الاجتماعية المحلية.

نتيجة الأوضاع الاقتصادية الهشّة، ارتفعت معدلات الطلاق بشكل مخيف في سوريا، منذ بداية عام 2011، وزادت النسبة بشكل لافت خلال السنوات الثلاث الأخيرة بسبب سوء الأحوال المعيشية الصعبة التي جعلت ربّ الأسرة عاجزا عن القيام بواجبه تجاه أسرته.