لكل السوريين

منع سفر وإنذارات مصرفية تطال آلاف الموظفين المفصولين في طرطوس واللاذقية

تقرير/ اـ ن

يعيش آلاف الموظفين المدنيين السابقين في محافظتي طرطوس واللاذقية منذ أكثر من ستة أشهر حالة من القلق وعدم الاستقرار، بعد أن تم فصلهم تعسفياً من وظائفهم دون صدور أي توضيحات رسمية أو قرارات حاسمة بشأن مستقبلهم الوظيفي أو المالي. ومع استمرار توقف صرف رواتبهم وتعويضاتهم منذ كانون الأول الماضي، وجد هؤلاء أنفسهم محرومين من أي مصدر دخل، وممنوعين من السفر، ما دفعهم للاعتماد على المساعدات المحدودة أو الأعمال الهامشية المؤقتة، في ظل أوضاع معيشية خانقة.

ورغم غياب أي حلول حكومية، بادرت المصارف خلال الأشهر الأخيرة إلى توجيه إنذارات قانونية للموظفين المفصولين، تطالبهم بتسديد الأقساط المتأخرة على قروضهم السابقة، وهددت باتخاذ إجراءات قانونية تشمل الحجز على الممتلكات وملاحقة الكفلاء. ويؤكد موظفون متضررون أن هذه الإجراءات تزيد من الضغط عليهم، خاصة أنهم فقدوا وظائفهم بشكل قسري ولا يملكون حالياً أي دخل ثابت. ويذكر أن معظم هؤلاء الموظفين كانوا قد حصلوا على القروض بضمانات عينية أو كفلاء شخصيين، ما يجعلهم عرضة لخسارة ممتلكاتهم أو تسببهم بإلحاق الضرر بالكفلاء في حال العجز عن السداد.

ويستمر قرار منع السفر الصادر بحقهم دون شفافية أو معايير واضحة، ليشمل غالبية العاملين السابقين في وزارات الدفاع ومؤسسات مدنية أخرى، دون تقديم تفسير رسمي لأسباب المنع أو تحديد آليات للاستثناء أو التظلم. ويرى البعض أن دوافع القرار قد تكون أمنية أو إدارية تتعلق بإعادة الهيكلة، غير أن المبررات تفقد كثيراً من وجاهتها مع مرور الوقت واستمرار تجاهل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة لهؤلاء الأفراد.

الموظف عصام، الذي عمل سابقاً في مالية اللاذقية، أشار إلى أن آلية اقتطاع القسط الشهري من الراتب كانت تضمن انتظام السداد وتقلل المخاطر على المصارف، غير أن فقدان الوظيفة ألغى هذه الآلية تلقائياً وترك المقترضين في مواجهة مباشرة مع التزامات مالية تفوق قدراتهم. وأوضح أن كثيراً من الموظفين استخدموا ممتلكاتهم كضمان للحصول على القرض، ما يجعل الحجز على هذه الممتلكات احتمالاً مرعباً يفاقم معاناتهم الحالية.

من جانبها، أوضحت المحامية نُهى، الموكلة عن أحد المصارف في طرطوس، أن المصارف تعمل بمنطق الربح ولا يمكن أن تتجاهل التعثر في السداد، مشيرة إلى أن العقود الموقعة تلزم المقترض بالدفع ضمن جدول زمني محدد، وأن غياب التوجيهات الحكومية الخاصة بهذه الحالة الاستثنائية يدفع البنوك نحو التصعيد القانوني.

في ظل هذا الواقع، يواجه الموظف المفصول من عمله ظروفاً معيشية صعبة تتجاوز فقدان الوظيفة، لتشمل التهديد بفقدان المسكن والممتلكات وحتى الحق في التنقل. ويتحول القرار الرسمي الذي أبعده عن عمله إلى سلسلة من العقوبات الاقتصادية والاجتماعية، وسط غياب أي ملامح واضحة لحلول جذرية من الجهات المعنية، ما يطرح تساؤلات حادة حول المسؤولية القانونية والأخلاقية للحكومة، وضرورة مراجعة عاجلة للتشريعات والقرارات ذات الصلة قبل أن تتفاقم الأزمة إلى مستويات يصعب احتواؤها.

- Advertisement -

- Advertisement -