لكل السوريين

التجربة البرلمانية السورية “9”

تقرير/ لطفي توفيق

تعتبر التجربة البرلمانية في سوريا من أولى التجارب في المنطقة، حيث تم انتخاب أول مجلس نيابي في بلام الشام، التي كانت تضم سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، في السابع من حزيران عام 1919، تحت اسم المؤتمر السوري، وعقد أول اجتماع له في دمشق بمشاركة 85 نائباً، ومثّل أول صيغة برلمانية فريدة من نوعها في الوطن العربي.

وتتالت التجارب البرلمانية في سوريا تحت تسميات مختلفة.

وقبل ذلك، بدأت محاولات أولى للتجربة البرلمانية، ولكنها كانت تتهمش أو تتعطل أو تلغى، بسبب فرمانات الإمبراطورية العثمانية، أو قرارات الانتداب الفرنسي، أو عدم الاستقرار السياسي وتتالي الانقلابات العسكرية في مرحلة الاستقلال وما بعدها.

ورغم قصر هذه التجارب، وتعثرها غالباً، لكنها ساهمت في بلورة العمل البرلماني، وتراكم الخبرات خلال هذه التجارب، قبل أن تصل إلى مرحلة النضج في بعض مراحلها.

الحملة الانتخابية لانتخابات عام 1947

تميزت الحملة الانتخابية في دمشق، بكونها بين مستقلين أكثر من كونها بين حزبيين، كما كان الأمر في حلب.

وكانت قائمة المعارضة مكونة من ائتلاف بين حزب الشعب واتحاد العمال وبعض شيوخ الشام ورابطة العلماء وأربعة مستقلين، وتكونت من 15 مرشحاً.

أما قائمة الحزب الوطني فتكونت من 18 شخصية، منها ثلاث فقط ترشحت كحزبيين والباقي كمستقلين، مع ممثل للحزب الوطني العربي.

وكان في القائمتين ثلاثة مسيحيين ويهودي وكردي، نظراً لثقل الأقليات في حسم المعركة الانتخابية في دمشق.

وإلى جانب القائمتين التابعتين لحزب الشعب والحزب الوطني، تحالف الإخوان المسلمون مع حزب البعث في قائمة واحدة، غير أن هذه القائمة فشلت.

كما رشح الشيوعيون خالد بكداش في دمشق.

في حمص، كانت المعركة الانتخابية محتدمة بدورها بين الحزب الوطني وحزب الشعب، ولكن على خلفية عائلية، إذ كان آل الأتاسي وعلى رأسهم هاشم الأتاسي الرئيس السابق، الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة  في حمص، يدعم  قائمة حزب الشعب، بينما كان آل أرسلان وسواهم من العائلات الأقل نفوذاً في حمص، تدعم قائمة الحزب الوطني.

في اللاذقية وحوران والجزيرة وريف حماه لم تكن هناك حملة انتخابية قوية، وسارت الأمور بتوجيه من الإقطاعيين وخاصة في أرياف هذه المحافظات.

وفي السويداء كان الصراع خلال الحملة الانتخابية بين آل الأطرش وآل أبو عسلي، وكلاهما من المستقلين، واندلعت مواجهات مسلحة بينهما، أدت إلى مقتل شخص وجرح أربعة وتدخل الجيش للحفاظ على الأمن.

 

انتخابات عام 1947

الانتخابات التشريعية في سوريا عام 1947، هي خامس انتخابات تشريعية تجري في تاريخ سوريا الحديث، والأولى بعد الجلاء.

كما أنها أول انتخابات تنظم بطريقة الاقتراع المباشر والدرجة الواحدة.

قبيل موعد هذه الانتخابات أصدر رئيس الجمهورية شكري القوتلي مرسوماً حدد به عدد المقاعد بأنها 136 مقعداً، وألغيت المحاصصة الطائفية مع الحفاظ على مقاعد “لغير المسلمين” التي حددت بـ 19 مقعداً، وتشمل اليهود والمسيحيين السوريين، إلى جانب مقاعد البدو العشرة.

وكانت مشكلة المحاصصة قد احتدمت حول تفسير المادة السابعة من الدستور التي تنصّ على تمثيل عادل للأقليات في مجلس النواب، وتم الخلاف حول تخصيص المقاعد لكل طائفة من الطوائف، أو حصر الموضوع على المسيحيين واليهود دون طوائف الأقليات المسلمة، أو اعتبار الأقليات كتلة واحدة بحد ذاتها.

وحسم الأمر بداية لصالح توزيع المقاعد لكل طائفة وفق نسبتها، ثم وجد أنها مخالفة للمادة السادسة من الدستور التي تنصّ على مساواة السوريين أمام القانون في الحقوق الممدنية والسياسيّة، فألغي هذا الأسلوب، واعتمد أسلوب تخصيص عدد من المقاعد لغير المسلمين لضمان تمثيلهم في مجلس النواب.