اللاذقية/ سلاف العلي
تشهد جامعة تشرين في اللاذقية واحدة من أخطر الأزمات الطلابية في سوريا، بعد اندلاع توترات ذات طابع طائفي داخل الحرم الجامعي، وصلت إلى حد الاعتداءات الجسدية واللفظية، ودفعت العديد من طلاب محافظة السويداء إلى مغادرة السكن الجامعي، خوفاً من انفجار الوضع إلى مواجهات أوسع.
مصادر طلابية أكدت أن هذه التوترات اندلعت على خلفية اتهام أحد الطلاب الدروز بإلقاء كتاب ديني في القمامة، ما أثار موجة غضب تحولت لاحقاً إلى هتافات طائفية، واعتداءات طالت طلاباً داخل غرفهم باستخدام العصي والسلاسل المعدنية، رافقتها تهديدات إلكترونية وتحريض مباشر على العنف.
ورغم نفي وسائل الإعلام الرسمية، وترويج روايات تزعم أن الانسحاب جاء بتوجيه من شيوخ عقل الطائفة، إلا أن الطلاب أنفسهم نفوا ذلك، مؤكدين أن قرار مغادرتهم جاء لحماية أنفسهم من أجواء مشحونة ومتصاعدة بالعداء، مشيرين إلى أنهم واجهوا في البداية مضايقات فردية، لكنها تطورت إلى تهديد ممنهج يشبه ما حدث سابقاً في جامعتي حمص وحلب.
وبعد مغادرة طلاب السويداء السكن الجامعي بمختلف المدن الجامعية ومنها جامعة تشرين باللاذقية، سارعت وسائل إعلام رسمية إلى تقديم روايات نفت فيها تعرض الطلاب لأي ضغوط، وزعم ناشطون إعلاميون أن الإجلاء تم بتوجيهات من شيوخ السويداء، وهو ما نفاه الطلاب مؤكدين أنهم غادروا لدرء الاستفزازات التي بدأت تأخذ منحى مشابها لما حدث في جامعتي حمص وحلب، بعد محاولات لامتصاص المضايقات الفردية التي تعرضوا لها، لكن التعامل مع هكذا قضايا مثيرة للتفرقة والتفتت وتخريب السلم الأهلي، يتطلب فتح باب الحوار حولها لمعالجتها، لا العمل على خلق روايات مختلقة وغير واقعية وفق رواية تخدم توجهات معينة.
وفي ذات السياق اصدر طلاب السويداء واللاذقية بيناً أكدوا فيه رفضهم للفتنة الطائفية، وتمسكهم بالوحدة الوطنية، مشددين على أن انسحابهم من الجامعات كان قرارا ذاتيا، كما طالبوا بتجريم الخطاب الطائفي، وتأمين الحماية اللازمة للطلبة، ومحاسبة المحرضين والمعتدين. ، لكن حكومة دمشق الجديدة ردت بالقول: “حظر او نشر أو تداول أي محتوى يتضمن تحريضً على الكراهية أو الطائفية، مع فرض مساءلة جزائية على المخالفين”. …ورغم اعتبار هذا القرار خطوة مهمة وجادة نحو معالجة الخطاب الطائفي، إلا أنه عكس تحولا في التعامل مع القضية، من الإنكار في البداية إلى التجريم لاحقا….. ما يفتح المجال لمراجعة أعمق حول آليات عمل المؤسسات التعليمية والإعلامية، وضمان بيئة أكثر أمانا وتماسكا لجميع الطلاب.
ظهر أيضا بيان باسم “حراك طلابي” هدفه “جامعة خالية من العنف والسلاح، ومنحازة الى عدالة والكرامة والحرية للجميع”، رافعاً شعارات “فكر تضامن مساواة”، البيان ذو لغة واعدة غير معروفة أسماء الموقعين عليه أو من صاغوه سوى بأنهم “طلاب وطالبات من جامعات سوريا”،
إن الهويات من الطائفية إلى العشائرية إلى الإثنية إلى العائلية تكون عبئا على الدولة، وما لم تتحكم الدولة بكل الهويات ما دون وطنية، وبكل ما يشبهها، فإن المجتمع معرض لصراعات، قابلة لأن تصبح حرباً أهلية، أو حروبا داخلية مدمرة بين من يدعون لأنفسهم السلطة أو السلطات في المجتمع، أن تعلو الدولة على ما عداها وأن تتمكن من كل ما عداها من سلطات هو ما يبقي المجتمع موحدا، فالاستبداد لا يلغي الديموقراطية وحسب، إنما يلغي المواطنة أيضا، بما هي عضوية في المجتمع وفي الدولة. وبالتالي، بما هي إرادة ورغبة في أن يجد المرء ذاته في الآخر، ويجد الآخر في ذاته، في إطار المجتمع-الدولة، لا يمكن العيش سوية من دون دولة هي قبل كل شيء إطار ناظم للمجتمع فأن يجد المرء نفسه في الدولة هو ما يؤسس للمواطنة. ولا تتشكل الدولة الحديثة إلا من مواطنين.