لكل السوريين

خبراء اقتصاديون يؤكدون بأن مشروع موازنة ٢٠٢٤ وهمي ومشوه

تقرير/ خالد الحسين

وسط غلاء فاحش بالأسواق وانعدام القيمة الشرائية لليرة السورية وضعف اقتصادي ومادي لدى أكثر من ٩٠ بالمئة من السوريين الذي لم يهاجروا بعد، تطرح الحكومة الموازنة العامة بنسبة زيادة ١١٥ بالمئة.

وأشار اقتصاديون مقربون من الحكومة، إن نسبة الزيادة الكبيرة في الموازنة العامة لعام 2024، وهمية ومشوهة، ولا تزيد من تحقيق النمو الاقتصادي في ظل الأزمة المعيشية التي تشهدها سوريا، وتفشي الفقر المدقع.

في هذا الصدد، أكد أحد الخبراء الاقتصاديون أن مشروع اعتمادات موازنة عام 2024 يمثل زيادة نظرية تعادل 115 بالمئة مقارنة بموازنة 2023، معتبراً أنها زيادة غير حقيقية، إذا ما قورنت بالمستوى العام للأسعار أو بالتضخم الحاصل أو بسعر الصرف.

واتفق مع رأيه خبير أخر، لافتاً إلى أن موازنة العام الحالي تعادل 5.5 مليارات دولار، مقابل 3 مليارات تقريباً لعام 2024 (بالسعر الرسمي)، أي إنها تعادل 55 بالمئة من موازنة 2023، وبالتالي فهي غير قادرة على تحفيز النمو الاقتصادي.

وأشار إلى أنه تم تخصيص 75 بالمئة للإنفاق الجاري و25 بالمئة للاستثماري، وهذه أرقام لا تعادل قيمة السلع والخدمات التي كانت تؤمّن في عام 2023.

وتمنى الخبير لو كانت اعتمادات صندوق دعم الإنتاج الزراعي أكبر من الاعتمادات الأخرى، نظراً للحاجة الدائمة لدعم الإنتاج الحقيقي ولاسيما الزراعي، كما أن الوضع الحالي يحتاج إلى تشجيع الاعتماد على الطاقات المتجددة ولاسيما الشمسية منها، ما يخفف الضغط على حوامل الطاقة التقليدية ويوفر القطع الأجنبي، لكن لم يتم رصد أي اعتمادات لصندوق الطاقات المتجددة في موازنة العام القادم أسوة بصندوق التحول للري الحديث.

وحول ما قاله رئيس مجلس الوزراء “حسين عرنوس”، بخصوص أن نسب تنفيذ المشروعات في موازنة العام الحالي جيدة وأكثر من المتوقع في بعض الأحيان، حيث إن نسب التنفيذ ستتجاوز 80 بالمئة للإنفاق الاستثماري، و100 بالمئة للجاري حتى نهاية العام؛ رأى أن هذه النسب مبالغ فيها ولم ترَ بشكل واضح على أرض الواقع.

الموازنة الجديدة هي ترجمة لاستسلام الحكومة أمام التضخم

و بيّن ، أن النسبة الكبيرة للزيادة في الموازنة العامة للدولة لعام 2024 تعد اعترافاً غير مباشر من الحكومة بنسبة التضخم الحاصلة خلال هذا العام فمن غير المعقول في أي دولة بالعالم أن تزداد اعتمادات الموازنة بهذه النسبة.

وأكّد أن “موازنة العام القادم ناتجة عن تضخم وخاصة بعد المرسوم الرئاسي الذي أقر زيادة الرواتب والأجور”.

وفي السياق، اعتبر أنه إذا ما تم تصحيح أرقام الموازنة التي تم إقرارها بمعدلات التضخم الحاصلة في عام 2023، فستكون النتيجة أنها أقل من أرقام الموازنة في العام الحالي، وبالتالي لن يكون هناك أي تحسن بالواقع الخدمي في سوريا.

وتابع أنه “يجب ألا ننسى الترفيعات الدورية للعاملين في الدولة التي ستكون في بداية عام 2024 والتي تشكل 9 بالمئة، أي إنها ستشكل نحو 900 مليار ليرة من مجمل الموازنة العامة كحد أدنى”.

وأشار إلى أن حقيقة أرقام الموازنة تظهر عند عملية قطع الحسابات التي يتم من خلالها التحقق فيما إذا تم اعتماد الأرقام النهائية لكل الإنفاق لتتبين الأرقام الحقيقية التي أنفقت في عام ما، لافتاً إلى أنه في معظم الحالات تختلف الأرقام الأولية للموازنات بشكل جوهري عن أرقام قطع الحسابات، أي إن الاعتمادات أكبر بكثير مما ينفق بشكل فعلي.

وأردف أن “هذه الفروقات تصرف في سياقات عدة، فمثلاً عندما صدر مرسوم زيادة الرواتب في العام الحالي، تم صرف النفقة الناجمة عن هذا المرسوم من وفورات الموازنة العامة للدولة”.

وفيما يخص الإنفاق الاستثماري في الموازنة المحدد بـ9000 مليار ليرة، رأى أنه لو تم أخذها بأرقام سعر الصرف الرسمي الصادر عن مصرف سوريا المركزي فستقارب الـ800 مليون دولار، وهي لا تعادل 25 بالمئة من الموازنة الاستثمارية للدولة في عام 2008.

ويرى الأكاديمي السوري أن هذا الرقم لن ينهض بالاقتصاد السوري بشكل نهائي، ولا يكاد يكفي بعض نفقات الإصلاحات لبعض المرافق العامة فيما لو تعطلت.

وشدد على أن موازنة عام 2024 مشوّهة كالعادة بحسب تعبيره ولا تعكس أي انفراج قادم، بل إنها تعكس تخبّطاً وغياباً للسياسة المالية والنقدية في سوريا.

وعن أرقام الدعم المرصودة للمشتقات النفطية والمحددة بـ2000 مليار ليرة، أكد أن سعر البنزين لم يعد مدعوماً كما كان في السابق، فما تبقى هو بعض المواطنين الذين ما زالوا يعتقدون أنهم مشمولون بالدعم بـ50 ليتراً من مازوت التدفئة، وقد يصل إليهم دور التوزيع وقد لا يصل، معتبراً أن الحكومة تخفي تحت مسمى الدعم الكثير من الممارسات منها الهدر والسرقات في المستودعات التي تزوّد المحطات بالوقود ومحطات التكرير والمصافي.