لكل السوريين

التهميش وقلة الدعم يثقل كاهل الحرفين في العاصمة الصناعية

حلب/ خالد الحسين

بعد الحرب العنيفة التي رحاها في مدينة حلب شمالي سوريا لحق بالبنية التحتية في المدينة خسائر جمة طالت قطاعات استراتيجية لعل أبرزها وأهمها هو قطاع الصناعة، حيث كانت تعتبر العاصمة الاقتصادية لسوريا، وأسفرت عن هجرة ما يقارب ال 70% من الصناعيين من المدينة باتجاه دول أخرى  تتوفر فيها مقومات العمل.

اندلاع الحرب أدى لتوقف نسبة كبيرة من المعامل والمنشآت في معظم المناطق الصناعية “الشيخ نجار والشقيف والكلاسة والقاطرجي والليرمون” حيث اختار أصحابها التّوجه إلى دول الجوار ودول إقليمية أخرى تتوفر فيها ظروف العمل والإنتاج بحسب الصناعيين.

حسان مغربي واحد  من آلاف الصناعيين الذين قرروا الالتحاق بركب المغادرين للبلاد، على أمل العودة حالما تتهيأ له ولأقرانه الظروف الصناعية الملائمة.

أوقف المغربي (٦٦عاماً) عملية تركيب الآلات النسيج، التي استورد قطع غيارها مؤخراً من الصين، بعد أن قطع أشواطاً هامة في إعادة تأهيل منشأته الصناعية في منطقة الشيخ نجار شمال شرق حلب.

الصناعي الحلبي الذي ورث مهنة صناعة الأقمشة عن والده وأجداده، قرر إغلاق معمله في الشيخ نجار، استعداداً للرحيل إلى مصر بحثاً عن ظروف عمل أكثر ملائمة وإنتاجية أفضل.

يقول المغربي ، منذ أن اندلعت الأحداث في حلب أواخر العام 2012 غادرتُ هذه المنشأة التي بنيتها بجهودي حتى عام 2016.

وبعد سيطرة الحكومة، “عدت لأتفاجأ بحجم الدمار الكبير الذي لحق الأبنية والمرافق، إضافة لسرقة الآلات وتفكيكها من قبل مسلحي المعارضة، الذين قاموا بنقلها إلى تركيا وتخريب وسرقة محتويات ما تبقى منها”.

ويضيف: “كانت عودتي على أمل أنه بسيطرة الحكومة ستعود منطقة الشيخ نجار بكل منشآتها للعمل، وفق تصريحات الحكومة وتأكيدها المستمر من خلال جولات وزرائها على المناطق الصناعية في حلب على ضرورة إحياء الصناعة، وإعطائها الأولوية”.

ولكن عودة الحكومة “كانت مجرد كلمات تنطق على وسائل الإعلام. جهزتُ منشأتي بمبالغ مالية كبيرة، اقترضت معظمها”.

وبعد انتظاره لأكثر من عشر سنوات، لم يتمكن من العودة للعمل والإنتاج، “بسبب غياب مصادر الطاقة وارتفاع سعر الدولار والضرائب الحكومية ما دفع بالكثير من الصناعيين مغادرة البلد مرة أخرى وكنت على رأس من غادر”.

بدوره، يقول حسام تركماني (٤٥عاماً) للسوري، وهو صناعي في منطقة الشقيف الصناعية بحلب، إنَّ قطاع الصناعة كان في مرمى أهداف المتنازعين من المعارضة المسلحة خلال أحد عشر عاماً من الحرب الضروس.

وأضاف، أنَّ “الصناعة تتعرض لموت بطيء والحكومة أعادت السيطرة على المناطق الصناعية في حلب, وأطلقت وعوداً بإعادة تأهيل البنية الصناعية، لكن لاتزال الصناعة الحلبية تعاني وتتعرض للاستنزاف والحكومة اكتفت بفرض الضرائب على الصناعيين فقط”.

وأشار، إلى أن الصناعي الذي قرر البقاء متحدياً الظروف والمخاطر وبادر لتأهيل منشأته بعد انسحاب الفصائل المسلحة من حلب ومحيطها “لايزال يتلقى الطعنات من الحكومة التي وفرت كل ثقلها على جمع الأموال وابتكار الوسائل لجني المكاسب”.

تُعد مدينة حلب  العاصمة الاقتصادية لسوريا، وهي ذات كثافة سكانية عالية، تقع قرب الحدود التركية في الشمال السوري، ويشتهر سكانها بالصناعة والتجارة.

أكثر من ٥٠٪ من المنشآت الصناعية في حلب متوقفة  أو مدمرة وغير مؤهلة منذ العام 2012 بحسب ما قاله محمد حسن ، أحد الصناعيين المشهورين في المدينة.

وأضاف، يبلغ عدد المنشآت في عموم محافظة حلب 33993منشأة ما بين معمل وورشة صغيرة وتجمع حرفي ومهني.

وحوالي 11964منشأة صناعية تتبع لغرفة الصناعة موزعة على المناطق الصناعية وحوالي 5600معمل وورشة تم إعادة تأهليهم منذ العام    2000 منها  تعمل فقط.

وأشار إلى أن خسائر الصناعة الحلبية كارثية خلال سنوات الحرب، فحلب كانت تصدر للسوق العراقية إنتاج أكثر من 25مليون دولار بشكل يومي، والمبيع السنوي للصناعة الحلبية كان  يتعدى 2 مليار دولار على مستوى الشرق الأوسط.

الثروة الصناعية في حلب لا تزال قيد الإهمال والتجاهل من قبل الحكومة، وعملت غرفة الصناعة في حلب على مخاطبة الحكومة لتنفيذ  مطالب الصناعيين ولكن دون جدوى.

وتعرضت مدينة حلب، بحسب تقارير صحفية، لتدمير ممنهج وسرقة منظمة طالت أكثر معاملها وبيوتها خلال السنوات الأحد عشر الماضية، ما أدى إلى خروج المدينة بمجملها عن الحياة ومقوماتها الأساسية.