لكل السوريين

الذكرى العاشرة لمجزرة كوباني… شهود على الفجر الأسود وصرخات لن تنطفئ

كان ذاك الصباح في كوباني معتم جداً، رجل أربعيني يُقلّب سبحات بينما يروي القصة التي لا تموت، محمود رشيد أحد الناجين من مجزرة كوباني، ما يزال يحمل في صوته ارتجافة الرعب، وفي عينيه صدى الفاجعة.

وقال الأربعيني؛ “أمي كانت تضم أختي الصغيرة تحاول إسكات بكائها، لكن المرتزقة لم يرأفوا بها أطلقوا النار على الاثنتين فسقطتا معاً، جسدان في حضن واحد كما عاشتا حين رأيت ذلك المشهد، كأني رأيت الرحمة تنزع من الأرض”.

وتابع؛ “لسنا ضحايا فقط نحن شهود على عصر من الكذب والنفاق الدولي لن ننسى، وسنروي الحكاية كل عام حتى تُقال الحقيقة كاملة”.

وتحدثت شهادات عديدة إضافة إلى تقارير أممية وصحفية عن تواطؤ تركي مباشر أو غير مباشر في تسهيل عبور المقاتلين من الحدود إلى الداخل السوري، خصوصاً خلال هجوم كوباني، ووثقت شهادات من سكان محليين رؤيتهم لعناصر التنظيم يعبرون من بوابات حدودية تحت أنظار الجيش التركي.

وفجر يوم 25 حزيران 2015 لم يكن مجرد هجوم دموي، بل فصلًا من كتابٍ أسود كتبه تنظيم “داعش” الإرهابي، ضد مدينة قاومت ببسالة واحدة من أطول المعارك خلال صعود التنظيم.

في ذلك اليوم، تسلّل عشرات المقاتلين إلى المدينة متنكرين بلباس وحدات حماية الشعب، ليشنوا هجوماً من قرية برخ بوتان باتجاه وسط كوباني، ارتكبوا خلاله مجازر بحق المدنيين العزّل، مستخدمين الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وحتى السكاكين في بعض الحالات.

وراح ضحية المجزرة 253 شهيداً، بينهم نساء حوامل، وأطفال، وشيوخ، فيما أصيب مئات آخرون، كثيرون قُتلوا داخل بيوتهم، على فرش نومهم، بعد سحور رمضان في اليوم التاسع من الشهر الذي يوصف بالشهر الكريم.

“أمي صرخت لا تقتلوا أطفالي”

روجين أحمد علي، 34 عاماً، كانت واحدة من الناجيات، وتروي حكايتها بعينين لم تجفّ دموعهما منذ عقد من الزمن:

“كان عددنا ثمانية في المنزل. اقتحموا علينا البيت وبدأوا بإطلاق النار عشوائياً صرخت أمي؛ لا تقتلوا أطفالي! فكان الرد رصاصة في قلبها. بعدها، كل شيء تحوّل إلى دماء وصمت. نجوت بأعجوبة، لكنني فقدت والديّ وإخوتي الثلاثة”.

رغم مرور عشر سنوات، لم تهدأ الجراح. الناجون، وأهالي الشهداء، ما زالوا يطالبون بتحقيق دولي مستقل في مجزرة كوباني وسائر الجرائم التي ارتكبها داعش، مع التركيز على محاسبة الجهات الداعمة.

ومجزرة كوباني لم تكن الوحيدة، فهي جزء من سلسلة طويلة من الفظائع التي ارتكبها التنظيم منذ تمدده في سوريا والعراق عامي 2014 و2015.

ففي حزيران 2014، اجتاح التنظيم مدينة الموصل العراقية، أعقبها إعلان ما سماه “الخلافة الإسلامية”، ليبسط سيطرته خلال شهور قليلة على مساحات واسعة من الأراضي السورية والعراقية، قُدّرت حينها بثلث مساحة سوريا ونصف مساحة العراق.

وخلال هذه الفترة، ارتكب “داعش” سلسلة مجازر مروّعة، أبرزها مجزرة سنجار/ شنغال في آب 2014، إذ قُتل فيها أكثر من الآلاف من الإيزيديين، وتم خطف نحو الآلاف من النساء والأطفال، بعضهم لا يزال مفقوداً حتى اليوم.

كذلك في مجزرة عشيرة الشعيطات في دير الزور 2014، حيث قُتل أكثر من 900 مدني في غضون أيام بعد ثورة عشائرية محدودة ضد التنظيم.

في سوريا، سيطر التنظيم على الرقة كعاصمة لخلافته، ودير الزور والميادين، إضافة إلى تدمر لفترة قصيرة، حيث دمّر آثاراً عالمية وارتكب إعدامات جماعية.

واستخدم تنظيم “داعش” الصلب والحرق والذبح العلني, كوسائل “دعائية” لبث الرعب، من بينها حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً في الرقة، إضافة إلى مئات الضحايا الآخرين بينهم صحفيون أجانب وسوريون و عراقيون وناشطين مدنيين عارضوا التنظيم منذ بداية ظهوره.

- Advertisement -

- Advertisement -