منذ أن أطلقت حركة حماس الفلسطينية عملية طوفان الأقصى، سارعت كثير من وسائل الإعلام الغربية في تناولها للأحداث إلى اعتماد الرواية الإسرائيلية القائمة على الدعاية وتزييف الحقائق، ضاربة بالضوابط المهنية والأخلاقية عرض الحائط.
وشكّلت التغطية الصحفية في واشنطن ولندن وبرلين وغيرها من العواصم التي تؤيد وجهة النظر الإسرائيلية ضربة كبيرة للحياد الذي طالما تغنى به الإعلام الغربي.
ولم يتوقف هذا الإعلام عند محاولات التضليل الإعلامي فقط، بل تجاوزها إلى ملاحقة صحفيين عبّروا عن تعاطفهم مع المدنيين الذين يتعرضون للقصف الإسرائيلي بقطاع غزة، كما حدث في قناة “بي بي سي” البريطانية التي أوقفت ستة من موظفيها في مكتبي القاهرة وبيروت عن العمل بدعوى “نشاطهم المتحيّز لفلسطين على حساباتهم بمواقع التواصل”.
ووصل إلى مرحلة إسكات أصوات صحفيين، كما حدث في شبكة “إم إس إن بي سي” الأميركية التي أوقفت ثلاثة من مذيعيها المسلمين مع بداية الحرب على غزة.
وإلى درجة فصل صحفيين، كما حدث في أميركا حيث تم فصل مراسل من موقع “فيلي فويس” الإخباري لأنه كتب على موقع إكس “أتضامن مع فلسطين دائما”.
كما أنهت صحيفة “ذي غارديان” البريطانية عقد رسام الكاريكاتير ستيف بيل بتهمة معاداة السامية لأنه رسم كاريكاتيراً ينتقد فيه ممارسات بنيامين نتنياهو في قطاع غزة.
كما أدى الضغط الفرنسي على القمر الصناعي أوتيلسات إلى حجب فضائية الأقصى الفلسطينية.
أكذوبة قطع رؤوس الأطفال
عندما تحدث الرئيس الأميركي عن “قطع حماس رؤوس أطفال إسرائيليين”، التي فبركتها مصادر إسرائيلية، تداول الإعلام الغربي هذه الرواية على أنها حقيقة دون أن يتحقق منها، وأفرد لها تغطيات واسعة، ونشرت العديد من كبريات الصحف البريطانية تفاصيل عن عمليات القتل المزعومة لأربعين طفلاً، وهو الادعاء الذي لم تستطع دولة الاحتلال إثباته.
وقالت صحيفة ذا صن في صفحتها الأولى “المتوحشون يقطعون رؤوس الأطفال في مذبحة”. وقالت صحيفة التايمز “لقد قطعت حماس حناجر الأطفال في مذبحة”.
أما مقدّم الأخبار الشهير بقناة “سي بي إس” الأميركية جيف جلور، فقال إنه شاهد صوراً لقطع رؤوس الأطفال، ولم يذكر كيف ومتى شاهد هذه الصور.
وبعد ثبوت أن مصدر هذه الأكذوبة جندي إسرائيلي من المؤيدين لقتل الفلسطينيين صرّح بها لقناة إسرائيلية وتناقلتها كبرى قنوات التلفزة الغربية كحقيقة وتصدّرت الصحف الغربية، تجاهلت معظم هذه الوسائل تصويب نبأ الأكذوبة أو الاعتذار عنه، باستثناء مذيعة في “سي إن إن” دفعتها شجاعتها المهنية لتصويب الخبر، وقالت إنها كانت على الهواء عندما وصلت مزاعم ذبح الرضع، وإنها تسرّعت، وكان ينبغي أن تكون أكثر حذراً.
أكذوبة مستشفى المعمداني
عندما أطلق المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أكذوبة أن حماس أخطأت في إطلاق الصواريخ على إسرائيل فسقطت على مستشفى المعمداني في غزة، تبنت معظم وسائل الإعلام الغربية هذه الرواية دون أن تتحقق من صحتها رغم توافر أدلة دامغة تثبت كذبها.
وقبل قصف المستشفى بيوم واحد نشرت “بي بي سي” البريطانية تقريراً يتساءل “هل تقوم حماس ببناء الأنفاق تحت المستشفيات والمدارس؟”.
وأضاف التقرير “من المرجح أن تتدفق شبكة الأنفاق تحت أحياء مكتظة بالمنازل والمدارس والمستشفيات”، مما برّر مسبقاً قيام الاحتلال الإسرائيلي بقصف مثل هذه الأهداف.
وفي اليوم التالي قام الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب مجزرة المستشفى وقتل المئات من المرضى وذويهم من النساء والأطفال، في مجزرة يندى لها جبين الإنسانية.
وكررت مراسلة “سي إن إن” الأميركية ما قاله جيش الاحتلال، وقالت إن “حماس ربما أخطأت في إطلاق الصواريخ لتسقط على المستشفى في غزة”.
وحاولت “سكاي نيوز” البريطانية التشكيك بتقرير وزارة صحة غزة، حيث كتبت عبر حسابها على “إكس” بأن وزارة الصحة في غزة تتحدث عن استشهاد المئات في قصف على المستشفى المعمداني في مدينة غزة، مضيفة “ولم تتمكن سكاي نيوز من التحقق بشكل مستقل من التقرير”.