لكل السوريين

جامعيات بطرطوس لجأن إلى الأعمال اليدوية لتحقيق مصدر دخل

طرطوس/ أ ـ ن

فرضت الأحداث في سوريا أزمة اقتصادية وسياسية وواقعاً جديداً على شرائح متعددة من المواطنين الساعين والراغبين لتحسين ظروفهم وشروط معيشتهم.

السيدة حلا متزوجة منذ ثلاثة أعوام ولديها طفل وأنهت دراستها الجامعية قالت: اتجهت الكثير من الصبايا زميلاتي أنهين دراستهن الجامعية في مدينة وريف طرطوس، للعمل اليدوي في منازلهن، لخلق فرص عمل لهن، والحصول على المال اللازم لتكاليف المعيشة، لصعوبة الحصول على فرص عمل باختصاصهن الجامعي، فمنذ ثلاث سنوات، بدأت حلا العمل بالعمل اليدوي في منزلها، وهي الحاصلة على شهادة في هندسة العمارة، وتنحدر من ريف مدينة الدريكيش في ريف طرطوس ، إنها وبعد تخرجها منذ أربع سنوات وحصولها على شهادتها، عملت لمدة قصيرة لدى شركة خاصة في مدينة طرطوس، قبل أن تتوقف عن العمل لصعوبة المواصلات والأوضاع الاقتصادية الصعبة ، والراتب كان قليل، والشركات الخاصة يستغلون حاجة الإنسان للعمل ويتدللون عليه حتى لو كانوا بحاجته فاليد العاملة الجامعية كتيره ومتوفرة بأجور زهيدة والحكومة لا تستغل الخبرات العملية فوضع البلد سيئ جداً، وإن حالتي كحال مئات المهندسين المعماريين السوريين، ممن لا يملكون القدرة على إنشاء مكتب هندسي خاص بسبب تكاليفه الباهظة، عبر منصة يوتيوب، شاهدت حلا بعض الأعمال اليدوية، وبمواد بسيطة بدأت بصناعة مزهريات من الجبصين والأسمنت، وبعد عام واحد توسع عملها ليشمل ما تحتاجه العرائس، وصنع أطواق بأسمائهن وإطارات مطرزة من الورود وإكسسوارات،  كما صنعت أوشحة خاصة بتخرج الجامعيين مع تطريز أسمائهم، وقبعات للتخرج، ومع توسع عملي انضمت شقيقتي للعمل معي، بعد حصولها على شهادة في الكيمياء قبل عامين، وأضافت انه رغم التعب الذي يسببه التطريز، وحاجته إلى الدقة، فإن مردوده المادي جيد، ويصل سعر الثوب المطرز إلى مليون ليرة سورية، ومع تطور عملي وانضمام المهندسة لما ومعلمة التاريخ منى والمدرسة مايا الى الورشة  ، إلا أنه مع عدم توفر الماكينات اللازمة للعمل وارتفاع إيجارات المحال التجارية، اعتمدت حلا ورشتها على إحدى معارفها وهي خريجة علوم طبيعية منذ ست سنوات وتوقفت عن التعليم لأنهم لم يثبتوها وهي تمتلك ماكينة تطريز لمساعدتها بمقابل مادي والتي أصبحت شريكة بالعمل وتأخذ حصة من الانتاج.

السيدة المهندسة حلا وزملاؤها الجامعيات في الورشة لم يكنّ الوحيدات في طرطوس وريفها ممن لجأن إلى الأعمال اليدوية لتحقيق مصدر دخل، إذ إن هناك كثيرًا من الفتيات الخريجات في المحافظة يلجأن للأعمال اليدوية في منازلهن، إحداهن السيدة لبنى من القدموس بريف طرطوس، تخرجت من كلية الهندسة الصحية منذ نحو سبع سنوات وبحثت عن عمل لمدة أربع أعوام دون جدوى، وتقدمت إلى ثلاث مسابقات حكومية ولم يسعفها الحظ بذلك، فاقترحت والدة حلا أن تساعدها بتطريز الألبسة العسكرية التي تمتهنها منذ 25 عاما وأخبرتها أنها تعلمت شغل تطريز الأثواب العسكرية من 25سنة ، وأريد أن أعلمها لك، وقالت حلا، بدأت التعلم ومعرفة أنواع التطريزات كالتصليبة و السلاسل و الز كزاك والمد والتسنين، وأهم أنواع قماش الأثواب للتطريز (الكتان والقطن)، واتسع العمل وانضمت إلينا الآنسة بسيمة آنسة الفلسفة والسيدة وداد آنسة اللغة العربية ولم تتعين منذ تسع سنوات والآنسة فاطمة مدرسة مادة الفنون والتي لم تنال فرصتها الكاملة بالتعليم حتى الآن ومنذ ست سنوات إضافة إلى أربع صبايا يساعدون بأعمال  يدوية بالورشة.

وأضافت أصبحنا نبيع الألبسة للمحال التجارية بحسب الطلب، كما لدينا زبائن كثر من الفتيات وطالبات الجامعة اللواتي يطلبن تطريز بعض الكابات أو الأوشحة والعباءات حسب الزي المطلوب، ثم طورنا عملنا لتطرز ألبسة بأزياء عربية، وهو من أنواع التطريزات المرغوبة في محافظة وقرى ريف الساحل كله.

السيدة سحر وهي اختصاصية علاج نفسي وحركي، انتقلت إلى العمل بصناعة الإكسسوارات والإطارات المطرزة من منزلها، للحصول على مردود مادي يساعدها على مواجهة متطلبات الحياة، لكن واجهتها صعوبة في استئجار محل لأن أجرة المحال التجارية تصل لـ 700الف ليرة سورية في مناطق صافيتا بريف طرطوس، مما يضطرها أن تبيع عدة قطع لتسدد المبلغ المطلوب، مما اضطرها بالبداية للعمل بحسب الطلب، لكنها الآن تقوم بإرسال الطلبات إلى أحد المحال الخاصة ببيع الأعمال اليدوية لبيعها، ومقابل بيع كل قطعة فإنها تدفع لصاحب المحل 2000 ليرة سورية، وأكدت أنها اضطرت لهذا العمل أمام الحالة التي نعيشها ونحن في أزمة اقتصادية خانقة، دفعتنا والكثير من المواطنين لإيجاد البدائل للمعيشة، أو مغادرة البلاد، ومن المعروف لدى الجميع إن تسعة من كل عشرة سوريين يريدون مغادرة البلاد، ولدى كل خمسة منهم خطط ملموسة، فالأزمة الحالية تمتاز بارتفاع كبير بأسعار المواد الغذائية والفواكه والخضار، مع انخفاض قيمة العملة ، ولقد تم رفع الدعم عن السلع والطاقة لشرائح واسعة ، وتحديد الدعم لشرائح أخرى ضمن آلية استحدثت في عام 2018، أطلق عليها اسم البطاقة الذكية.