لكل السوريين

تطور الدساتير السورية 8

تقرير/ محمد الصالح 

احتضنت الحضارة السورية الضاربة في القدم أولى الشرائع المكتوبة في تاريخ البشرية، حيث اكتشف علماء الآثار الكثير من القوانين المكتوبة في منطقة سوريا التاريخية، تعود إلى مراحل وحضارات تاريخية مختلفة، ويعود أقدمها إلى تاريخ 2360 قبل الميلاد، في مملكة ماري التي تأسست في الألف الثالث قبل الميلاد على ضفاف نهر الفرات في الجزيرة السورية.

ومع التطور الاجتماعي عبر التاريخ المعاصر، بقيت مركز التشريع والتقنين في محيطها الجغرافي رغم التقلبات السياسية والاجتماعية والانقلابات العسكرية التي عصفت بها.

ولعبت الأحزاب والقوى السياسية المستقلة دوراً بارزاً في تطور الدساتير السورية، وخاصة الكتلة الوطنية التي انقسمت إلى حزبين، حزب الشعب والحزب الوطني الذي استمر بالعمل إلى أن تم حل الأحزاب خلال الوحدة بين سوريا ومصر، عاد الحزب إلى العمل بعد الانفصال، وفاز بالأغلبية في انتخابات العام 1961.

الحزب الوطني السوري

وصفت الكتلة الوطنية بأنها أقوى الأحزاب السورية، وضمت في صفوفها مجموعة من القيادات السياسية السورية المؤثرة ومن رجالات سوريا الوطنيين من أمثال شكري القوتلي وسعد الله الجابري وهاشم الأتاسي وفارس الخوري.

وبعد الاستقلال تزايدت حدة الانشقاقات بين صفوفها، وأعيدت تسميتها باسم “الحزب الوطني السوري”.

وفي عام 1947 أقر قانون جديد للانتخابات، وأجريت أول انتخابات نيابية بعد الجلاء حققت فيها الكتلة المركز الأول، ولكنها لم تحقق غالبية برلمانية نتيجة الانشقاقات في صفوفها من جهة، والانتقادات التي وجهت لسياساتها الاقتصادية والسياسية الخارجية، حيث كان ميول الرئيس شكري القوتلي، وثقل الكتلة المتواجد في دمشق ودرعا والقنيطرة والسويداء نحو الملكيتين السعودية والمصرية.

بينما  كان ثقل الكتلة المتواجد في حمص وحلب وحماة يميل نحو الملكية العراقية.

وانقسمت إلى حزبين، الحزب الوطني السوري، حزب الشعب، ولم يحصل الحزب الوطني في جميع الانتخابات التالية على أغلبية برلمانية، غير أنه شارك في أكثر من وزارة.

كما استطاع إعادة انتخاب شكري القوتلي رئيساً للبلاد عام 1948، وساعد في تحقيق ذلك وزن القوتلي وعلاقته الجيدة مع مختلف الأطياف السياسية من مستقلين وحزبيين.

وبعد أقل من عام على بدايتها انتهت رئاسة القوتلي بانقلاب حسني الزعيم عام 1949، وتم وقف نشاط الحزب خلال حكمه.

كما تم حظر نشاط الحزب والقوى السياسية في سوريا مرة ثانية خلال حكم أديب الشيشكلي.

وفي انتخابات العام 1953 قاطع الحزب الوطني السوري الانتخابات كغيره من الأحزاب.

وبعد خلع الشيشكلي شارك الحزب الوطني في الانتخابات التشريعية العام 1954، وحقق بها المركز الثالث بعد حزب الشعب وحزب البعث.

وفي عام 1958 دعم الحزب الوطني الوحدة مع مصر، وقبل بشرط جمال عبد الناصر حظر الأحزاب والجمعيات السياسية كشرط لقيام الوحدة.

ثم عاد الحزب إلى الساحة السياسية بعد الانفصال عام 1961، وحقق المركز الثاني في انتخابات هذا العام، واستمر بعمله حتى عام 1963، حيث تم اعتقال أغلب رموزه ونفيهم خارج البلاد.