لكل السوريين

الدولار المزوّر يغزو شوارع دمشق.. خطر صامت يهدد الاقتصاد

دمشق/ مرجانة إسماعيل

في أعقاب سقوط النظام، انتشر الصرافون في شوارع دمشق بشكل عشوائي، عبر “بسطات” متناثرة، بينما دخلت محال الذهب وبعض متاجر المواد الغذائية على خط تقديم خدمات صرف العملات الأجنبية، ما خلق بيئة فوضوية لتداول الدولار بأسعار متفاوتة.

وبحسب تقارير، فإن هذه الدولارات المزورة، وخصوصا من فئة 100 دولار، تُسبب إرباكا كبيرا في الأسواق نظرا لقدرتها على خداع أجهزة الكشف التقليدية التي تُستخدم على نطاق واسع في سوريا.

وتمثل هذه الأوراق المزورة تحديا كبيرا؛ إذ إنها تشبه العملة الأصلية تماما من حيث الملمس والعلامة المائية والشريط الثلاثي الأبعاد.

ودفع ذلك التجار والصرافين إلى توخي الحذر الشديد، حيث أصبحوا يفحصون الأوراق النقدية بعناية أكبر أو يقتصرون على التعامل بكميات صغيرة لتجنب الوقوع ضحية للتزوير، ما يزيد من تعقيد العمليات التجارية ويعيق التعامل مع المبالغ الكبيرة.

حذر وتوثيق.. محاولات يائسة للحد من التزوير

وفي محاولة لمواجهة هذه الظاهرة، لجأ التجار والسكان في دمشق إلى اتخاذ تدابير احترازية، مثل تصوير الدولارات التي يتم تداولها وتسجيل أرقامها التسلسلية، بالإضافة إلى توثيق بيانات الشخص الذي قام بعملية الصرف. وتهدف هذه الإجراءات إلى تتبع مصدر الأوراق النقدية المزورة والحد من الخسائر المالية التي قد تنجم عنها.

ويأتي انتشار هذه الظاهرة في وقت يعاني فيه الاقتصاد السوري من ضغوط كبيرة نتيجة تدهور الأوضاع المالية، حيث يُعتبر انتشار العملات المزورة تهديدًا إضافيًا للاستقرار المالي في البلاد.

ورغم المخاوف المتزايدة بين السكان والتجار، لم تتضح حتى الآن أي خطوات ملموسة من السلطات السورية الجدية لمعالجة هذه الأزمة أو الحد من آثارها على الأسواق المحلية.

وتزايد انتشار العملات المزورة خاصة الدولار، خلال الأشهر الأخيرة بشكل ملحوظ في الأسواق السورية، ذلك بعد أن أُتيح التعامل بالدولار عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، في كانون الثاني/ ديسمبر الماضي، إذ كان يحظر تداول أي عملة أجنبية في الأسواق الرسمية.

وانتشر تداول الأموال المزيفة نتيجة ضخ كمية من العملات بعد وصول القادمين من مناطق الشمال السوري والسوريين القادمين من الخارج ليتعاملوا بالليرة التركية والدولار، ما أدى إلى تنشيط الأسواق وازدهار حركة تصريف العملات.

فخ تداول العملات المزيفة وقع فيه جميع الفئات من مواطنين سوريين وتجار، ما عرضهم إلى خسائر مالية، خاصة في ظل غياب الرقابة الفعّالة وصعوبة التحقق من صحة العملات، أصبحت هذه المشكلة أكثر تعقيدًا.

مع تراجع قيمة العملة أمام الدولار والتضخم في سوريا، فإن كثيرًا من الناس لا يتفقدون كل الرزم المالية عند التصريف أو المعاملات التجارية، لما يستغرقه ذلك من وقت، وبالتالي يمكن بسهولة أن تتخللها أوراق مزورة.

وصل سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية، اليوم الثلاثاء، عند 10,600 ليرة للشراء، و10,700 ليرة للبيع، بينما حدد “مصرف سوريا المركزي” متوسط سعر الدولار مقابل الليرة عند 11000 ليرة للشراء، 11110 ليرة للبيع، وفقاً لآخر تحديث.

واستغل المزوّرون ضعف الرقابة الحكومية على الأسواق وقلة ثقة المُتعاملين بالعملة المحلية، لتنتشر عصابات التزوير في كل المناطق السورية، خاصة في ظل عدم توافر الأجهزة المتطورة للكشف عن العملات المزورة.

يمثل انتشار العملات المزوّرة تهديداً إضافياً للاقتصاد السوري الذي يعاني بالفعل من ضغوط كبيرة نتيجة تدهور الأوضاع المالية، كما تعزز مشكلة التزوير عزلة سوريا المالية، لتصعّب من تعاملها مع المؤسسات النقدية العالمية، لذا فإن ضبط ومنع هذه الظاهرة يُعدّ ضرورة اقتصادية.