لكل السوريين

المسلّحون الأجانب يبثون الذعر في سوريا.. هل يفي الشرع بوعده؟

تحقيق/ جمانة الخالد

ترافق إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات عن سوريا بخمسة شروط أو مطالب، منها «مغادرة جميع المقاتلين الأجانب» من الأراضي السورية. ويشكّل هذا المطلب تحدياً كبيراً بالنسبة لسلطة دمشق لما لهؤلاء المقاتلين من «دَين» في عهدة «هيئة تحرير الشام» على مدى السنوات الماضية وحتى سقوط نظام بشار الأسد.

ورغم مرور أكثر من شهرين على مجازر الساحل السوري، لا تزال جراحات الأهالي ماثلة للعيان، فالسواد يتشح الناس، لا سيما النساء، وما يزيد من تلك المعاناة، هو أن الخوف لا يزال حاضرا في نفوسهم، والسبب هو تزايد وتنامي نفوذ المسلّحين الأجانب في مناطقهم، والحال ينطبق بريف حماة وحمص الغربي.

واقعيا، وبحسب المعطيات، ينتشر في مناطق الساحل السوري ما بين 4 آلاف إلى 5 آلاف من المسلّحين الأجانب، ويتمركز معظم هؤلاء في ريف جبلة واللاذقية والشاليهات البحرية في طرطوس، مع وجود ضئيل للمسلحين السوريين.

من بين هؤلاء المسلحين المنتشرين في الساحل، هناك نحو 2000 مقاتل من الإيغور والتركستانيين والأوزبك، وهم يمثلون ما يقارب ثلث إجمالي عدد المسلحين الأجانب المنتشرين في مناطق سوريا، وفق تقارير صحفية، رغم أنه لا وجود لرقم حقيقي لعدد المسلحين الأجانب في البلاد.

أكثر ما يخشاه الناس في الساحل السوري، هو تنامي هذا الوجود للمسلّحين الأجانب في مناطقهم، فالخوف يراودهم أغلب الأحيان؛ لا سيما وأن عددا من التقارير أشارت إلى أن العديد من الجرائم التي حصلت في مجازر الساحل السوري، حدثت على أيادي المسلحين الأجانب.

وبحسب تقارير صحفية عربية، فإن المسلحين الأجانب عادة ما يوقفون المارة في مناطق الساحل، ويسألونهم عن هويتهم الطائفية، فإن كان علويّا، يتعاملون معه بشتى المعاملات غير الإنسانية، والتي تصل بعضها إلى القتل، وهذا الأمر أثّر على الحركة في الشارع، لا سيما مع حلول المساء، فالحركة تتضاءل تدريجيا مع حلول الغروب كل يوم.

هذا القلق والخوف لدى سكان الساحل السوري، تتضح معالمه في شهادات من قلب حمص، فالهدوء الظاهري للمدينة، خاصة في المساء، لا يعكس سوى حذر السكان وتجنبهم التواجد في الأماكن العامة بعد حلول الظلام.

يتبيّن من الشهادات، أن قصص النازحين والخائفين من العودة، والذين يتحدثون عن “الفصائل والمسلحين” ككيانات منفصلة عن الأمن العام، تعكس حالة من عدم الثقة وشعورا بالتهديد المستمر، لا بل حتى الحوادث الفردية، مثل قصة بائع الكحول وتحذيره من “مهاجر” قد يتسبب له في المشاكل، تزيد من وطأة هذا القلق، وتؤكد على أن المسلّحين الأجانب لا يخضعون لأوامر الأمن العام، ولا يخشون من القانون.

اللافت، أنه من بين الشروط الأميركية مقابل رفع العقوبات عن سوريا -قبل قرار ترامب أول أمس برفعها- كان إخراج وإبعاد المسلحين الأجانب من المناصب العسكرية السورية، ووقف تجنيدهم في الجيش السوري الناشئ، وحين التقى الرئيس الأميركي نظيره السوري أحمد الشرع، أمس في الرياض، طالبه بـ “مغادرة جميع الإرهابيين الأجانب من سوريا”، وفق بيان لـ “البيت الأبيض”.

منذ الشروط الأميركية قبل قرار رفع العقوبات، وحتى لقائه أمس مع ترامب، لم يتخذ، أحمد الشرع، حتى الآن أي خطوة واضحة تجاه المسلّحين الأجانب، بل على العكس، تم ترقية العديد منهم، وتسليم بعضهم مناصب عسكرية حساسة، وعلى رأسهم، عبد الرحمن الخطيب، وهو أردني الجنسية، حيث بات قائدا للحرس الجمهوري السوري، بعد أن تم ترقيته إلى رتبة عميد.

ومن بين المسلحين الأجانب الذين تم منحهم صفة ضباط في الجيش السوري، (بعضهم مصنّف على قوائم الإرهاب)، الألباني عبدل بشاري، الذي يقود “جماعة الألبان”، والتركي عمر محمد جفتشي، والمصري علاء محمد عبد الباقي، المطلوب لمحكمة الإرهاب المصرية، وعبد العزيز داوود خدابردي الذي ينحدر من الأقلية التركستانية في الصين، والطاجيكستاني مولان ترسون عبد الصمد، فضلا عن زنور البصر عبد الحميد، الملقب بـ “عبد الله الداغستاني”، وهو قائد “جيش المهاجرين والأنصار”.

في النهاية، لا يريد أهالي الساحل السوري وريفي حمص وحماة المكلومين، سوى إخراج المسلحين الأجانب من مناطقهم، وتسليم أمنها لأفراد الأمن العام من السوريين، أما مع استمرار نفوذ الإيغور والتركستانيين والأوزبك، فإن الخوف سيبقى سيد الموقف، ومن الصعوبة عودة الحياة إلى طبيعتها بالنسبة لهم.