شهد مجلس الأمن الدولي تحولاً لافتاً في الموقف الدولي من الأزمة السورية، حيث برزت دعوات متزايدة لتنسيق مشترك بين سلطة دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، إلى جانب مؤشرات واضحة على رغبة عدد من الدول بإعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي ورفع العقوبات عنها.
وخلال جلسة الإحاطة حول سوريا، أعلنت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة بدأت خطوات نحو استعادة العلاقات الطبيعية مع دمشق، مشيرة إلى أن “الإجراءات الحكومية الأخيرة ترفع سقف التوقعات الإيجابية”. وأكد المندوب الأميركي أن الرئيس دونالد ترامب قرر رفع العقوبات عن سوريا “من أجل الشعب السوري”، داعياً دمشق إلى التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل، وطرد المقاتلين الأجانب والفصائل الفلسطينية.
كما شدد المندوب الأميركي على ضرورة التنسيق بين دمشق وقسد لحماية سجون تنظيم داعش، إلى جانب مطالبة الحكومة السورية بالتخلص من مخزون الأسلحة الكيميائية، مؤكداً أن “ترامب يريد مساعدة سوريا”، وأن البلاد “في طريقها لتكون عنصراً فاعلاً في الأسرة الدولية”.
في السياق ذاته، أعرب ممثلو بريطانيا وفرنسا والدنمارك واليونان عن مواقف متقدمة تجاه سوريا. فقد دعا المندوب البريطاني إلى احترام السيادة السورية وأعلن استعداد لندن لدعم الحكومة السورية، فيما أكد المندوب الفرنسي أن استقبال باريس لرئيس سلطة دمشق أحمد الشرع يمثل دعماً لسوريا. أما الدنمارك، فأشادت بمساهمة مجلس التعاون الخليجي ورحبت برفع العقوبات، واعتبرته خطوة من شأنها تغيير المشهد السوري نحو الأفضل. من جانبه، أكد وزير خارجية اليونان استعداد بلاده للمساهمة في إعادة إعمار سوريا، واصفاً سقوط نظام الأسد بأنه “أشعل الأمل لدى السوريين”.
وفي كلمة له، اعتبر المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون أن الاتفاق بين قسد والحكومة الانتقالية “فرصة تاريخية”، داعياً إلى دعم سوريا في المرحلة الانتقالية، والحفاظ على الوحدة الداخلية وحصر السلاح بيد الدولة، مؤكداً أن “الشعب السوري يشعر بالأمل بعد رفع العقوبات”.
من جهتها، أكدت روسيا التزامها بدعم وحدة الأراضي السورية وعودة اللاجئين، منددة بالانتهاكات الإسرائيلية في سوريا.
ويأتي هذا التحول في وقت تتعاظم فيه الدعوات الدولية لإعادة إعمار سوريا ووقف العزلة الدبلوماسية المفروضة عليها، ما يعكس تغيراً استراتيجياً قد يعيد ترتيب الأولويات في الملف السوري.