لكل السوريين

بين صهاريج تجار المياه وتحكم المحتل بمحطة علوك.. الحسكة تموت عطشا

الحسكة/ مجد محمد 

لازالت حرب المياه مستمرة في شمال شرق سوريا عامة ومدينة الحسكة على وجه الخصوص، حيث يعاني أهالي الحسكة من مطرقة الاحتلال التركي وإيقافه لمحطة علوك، وسندان أصحاب الصهاريج الذين يستغلون الأوضاع برفع أسعار المياه، حيث وصل سعر الخزان الواحد سعة خمسة براميل إلى ٨٠٠٠ ل.س

وهذا يشكل عبئاً إضافياً يثقل كاهل سكان وقاطني مدينة الحسكة وريفها، في خضم عدم التماس أي ملامح تلوح في الأفق لإيجاد حلول بديلة لمحطة علوك حتى الآن.

ظهرت أزمة المياه في مدينة الحسكة وريفها الجنوبي وكذلك الشمال الشرقي وصولاً لناحية تل تمر على وجه الخصوص، بعد احتلال الدولة التركية ومرتزقتها مدينة رأس العين، فلم تكتفي الدولة التركية باحتلال المدينة فقط، بل قامت بالكثير من الأعمال التي انتهكت فيها حقوق الأنسان، دمرت المرافق الحيوية والبنى التحتية في المدينة، حاولت إشعال الفتن بين المكونات، واستهدفت محطة علوك المحطة الرئيسية التي تمد مدينة الحسكة وبلداتها وأريافها، وقطعت مياه الشرب عنها وإيقاف ضخ المياه من محطة علوك المغذية لحوالي مليون ونصف المليون نسمة.

ورغم محاولات أطراف كثيرة لابتعاد الحكومة التركية عن استهداف هذه المحطة وتحييدها عن النزاعات المسلحة، لكن هذه المحاولات لم تجدي نفعاً مع الحكومة التركية التي تسعى دوما إلى تدمير وإبادة شعب شمال وشرق سوريا، ومن جانب أخر عدم جدية الأطراف التي تدخلت بهذا الشأن، إن كانت روسيا الدولة الضامنة أو التحالف الدولي والمنظمات الراعية لحقوق الإنسان وحمايته.

الأمر الذي دعا الإدارة الذاتية لإيجاد حلول إسعافيه لهذه المحطة لتأمين مياه الشرب لمدينة الحسكة التي تكتظ بالنازحين واللاجئين من كافة مدن سوريا.

وعن الحلول الإسعافية، قامت الإدارة بمشروع محطة الحمة في صيف ٢٠٢٠ والذي تكلل بالفشل الذريع منذ أول يوم له، حيث حفرت ٥٠ بئراً يغذي هذه المحطة كحل إسعافي، وبعد صرف آلاف الدولارات وتجهيز المشروع وتشغيله لم تنتج الآبار مياه سوى لمدة عشر دقائق ناذرة الفشل، وكأن ليس هناك اختبارات علمية يجب اجراءها للمياه والتربة قبل البدء بهكذا مشروع.

وكذلك بدأت منذ بداية عام ٢٠٢١، بمشروع استجرار مياه نهر الفرات إلى مدينة الحسكة، ولكن المشروع ليس بديل لمحطة علوك لأن وارد المياه فيها قليل لا يسد حاجة المدينة، وتقدر بين 15و 20متر مكعب في اليوم، سيستفاد منها فقط عشرون بالمئة من أهالي المدينة، ناهيك عن بدء جفاف الفرات إطلاقاً، وتم إعلان فشل المشروع لاحقا.

وبهذا الخصوص أجرت صحيفتنا لقاء مع الرئيسة المشتركة لمديرية المياه في مقاطعة الحسكة سوزدار أحمد، والتي ذكرت في مقتبل حديثها قائلة: “كان إنتاج محطة علوك للمياه قبل الاحتلال في الساعة الواحدة ٦ آلاف متر مكعب، أما بعد الاحتلال فإن أقصى إنتاج المحطة في الساعة أصبح لا يتجاوز الألف متر مكعب، فيما تحتاج مدينة الحسكة بشكل يومي من ٧٠ إلى ٨٠ ألف متر مكعب”.

وتضيف سوزدار “نظراً لأهمية محطة علوك كانت أولى القذائف التي سقطت في مدينة رأس العين في عام ٢٠١٩ كانت من نصيب محطة علوك، بالرغم من علم الدولة التركية أن المحطة خالية من القوات العسكرية وذلك يدل أن حربها ليس حرب سلاح فقط بل كان حرب تعطيش أيضاً، ولإيضاح ملامح هذا الحرب الدولة التركية قامت بإيقاف محطة علوك منذ عام ٢٠١٩ أكثر من ١٣ مرة”.

وأردفت، “وفي المرة الأولى اثناء الهجمات التركية على رأس العين أستمر انقطاع المياه لأكثر من شهر ونصف وحرمان أكثر من مليون نسمة من مياه الشرب، خارقين بذلك جميع القوانين الدولية والإنسانية، وحرمان السكان من مياه الشرب يعتبر جريمة ضد الإنسانية، وعلى المجتمع الدولي إدانة هذه الجريمة والوقوف في وجه تركيا وليس الصمت”.

علوك والصهاريج

ذكرت سوزدار قائلة “حسب خطة توزيع المياه على الأحياء فإن كل حي سيحصل على المياه مرة واحدة في الأسبوع، ولكن هذا للأسف لم يحصل والسبب هو قلة الوارد من علوك، حيث إننا نضغط لتجميع المياه يومين لضخها إلى أحد الأحياء في اليوم الثالث، بمعنى أنه سيحصل كل حي على المياه في الشهر مرة واحدة فعليا”.

وتتابع “قلة الوارد ليس بسبب إيقاف محطة علوك هذه المرة، حيث إنه يعمل فيها الآن ١٩ بئرا، وإنما بسبب التعديات على الخط الواصل إلى الحسكة، حيث يقوم الفلاحون بسقاية أراضيهم ومحاصيلهم الصيفية من حصة الحسكة من المياه، ودون وجود أي رادع، حيث أنها سياسة جديدة للمحتل التركي، لم يوقف علوك ولكن يعمل بكافة الطرق على عدم استفادة مدينة الحسكة منها”.

وتكمل “وبالنسبة للصهاريج، قمنا بتنزيل تعميم بسعر شراء المياه من الصهاريج بمبلغ ٤٥٠٠ ل.س على الخزان خمسة براميل ووضعنا رقم للشكاوي، ولكن للأسف نتيجة قلة الصهاريج وحر الصيف اللاهب الأهالي باتو عاجزين حتى عن الشكوى، فمن يحصل على صهريج في هذه الأزمة بات مستعدا لدفع ما يمليه عليه صاحب الصهريج من سعر”.

وفي نهاية اللقاء ناشدت الرئيسة المشتركة لمديرية المياه في مقاطعة الحسكة سوزدار أحمد المنظمات الدولية وحقوق الإنسان والتحالف الدولي والضامن الروسي والصليب الدولي وجميع القوى بالتدخل من أجل الضغط على الدولة التركية لتشغيل محطة علوك بكامل قوتها وضخها النظامي وتحييد محطة علوك عن النزاعات العسكرية والسياسية، وكذلك عودة المنظمات الإنسانية التي كان تعمل في مجال توزيع المياه عبر الصهاريج مثل العام، وتجديد عقودها للعام الحالي لأن الأزمة لم تنته بعد.