لكل السوريين

ظاهرة عمالة الأطفال توسع نطاق انتشارها في محافظة اللاذقية

اللاذقية/ سلاف العلي

ازدادت ظاهرة عمالة الأطفال في محافظة اللاذقية خلال السنوات الماضية مع التردي الكبير في الوضع الاقتصادي وسوء الأوضاع المعيشية وانعدام الأمن الغذائي، وتدني مستوى دخل الفرد، مما دفع بالأطفال إلى اقتحام سوق العمل في سن مبكرة لمساعدة ذويهم بتحصيل لقمة العيش ومواجهة ظروف الحياة القاسية، أو في مساعدة أنفسهم في تأمين سبل العيش اللائق بهم.

يواجه الأطفال في اللاذقية أسوأ ما تمر به البلاد من أزمات، فقد دفع الفقر وتردي الوضع المعيشي العديد من الأسر لزج أبنائها إلى العمل والبحث عن مصادر دخل في بيئات مختلفة، من أجل تأمين ثمن الدواء ولقمة العيش، أمام ما تشهده الأسواق من ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية.

تقول الخبيرة الاقتصادية فيكتوريا, هناك علاقة وطيدة بين الحالة الاقتصادية للأسرة وعمالة الأطفال، حيث أن الكثير من الأسر لم يعد باستطاعتها إطعام كل افرادها, وتضيف أن محدودية الرواتب واشتداد ويلات الفقر والظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف المعيشة، كلها أمور دفعت بالأسر لإقحام أبنائهم في سوق العمل، وتحمل المسؤولية من أجل تأمين بدل إيجار المنزل وكسرة الخبز، فهناك العديد من الأطفال يعملون لساعات طويلة في ظروف ليست ذات قيمة حقيقة، وليس من أجل الحصول على حرفة أو مهنة إنما يعملون فقط لتدبير دخل يفي بمتطلبات الأسر الأولية، فمعظم الأطفال يعملون بأجور متدنية للغاية، ويتعرضون للاستغلال وسوء المعاملة وانتهاك الحقوق بشكل خطير ومقلق.

ان ارتفاع مستويات الفقر وضع عبئا ثقيلا على الأسرة والمجتمع، ودفع بالعديد من الأطفال إلى امتهان الكثير من المهن المضنية التي لا تناسب أعمارهم، في ظل غياب الدعم الدولي والحكومي لمواجهة هذه الظاهرة التي تحرم الأطفال من التعليم وتتطلب منهم تحمل أعباء شاقة لتحصيل لقمة العيش.

يقول السيد أبو غدير إن لديه اسرة مكونة من 6 أفراد، ويعمل اثنان من أطفاله لمساعدته في تأمين مصاريف البيت، الأول عمره 11 سنة، يعمل في محل لبيع السلع والمواد الغذائية وتوصيل الطلبات للمنازل، مقابل أجر يومي وقدره 3000 ليرة سورية، بينما يعمل الآخر 13 عاما في ورشة حدادة لصناعة الأبواب والشبابيك الحديدية، وهو يعمل طيلة اليوم مقابل مبلغ وقدره 5000 ليرة سورية, ان السيد أبو غدير تمكن بفضل العمل الذي يقوم به أطفاله من تحسين مستواهم المعيشي قليلا، وشراء الطعام والمستلزمات اليومية للعائلة، حيث أنه لم يعد بمقدوره وحده تأمين مصاريف البيت بسبب الغلاء الفاحش الذي يغزو الأسواق.

حول أسباب ازدياد هذه الظاهرة , اخبرنا الناشط الحقوقي علاء , وهو من سكان محافظة اللاذقية :لقد ازدادت عمالة الأطفال بشكل كبير وغير مسبوق بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وازدياد معدل الفقر الى أكثر من 90 % حسب تقديرات الأمم المتحدة، وقد كان لهذا الارتفاع أثر بالغ على فئة الأطفال بالتحديد، وفقدان مصادر الدخل والمعيل وغياب آليات حماية الأطفال، وعدم وجود مؤسسات تقدم الاهتمام والرعاية لهم وعدم اتخاذ الفاعلين في المجتمع، إضافة إلى عدم القيام باي دور من قبل منظمات المجتمع المدني لمواجهة خطر هذه الظاهرة، ونتيجة هذه الأسباب نجد أن الأطفال  اليوم يدفعون ثمنا باهظا يتمثل بتفاقم ظاهرة عمالة الأطفال، واتساعها بشكل مقلق وخطير.

تشهد محافظة اللاذقية تزايدا ملحوظا في أعداد الأطفال المنخرطين في الأسواق والمحال التجارية والورش الميكانيكية وكثير من الحرف والمهن، ويعمل الكثير منهم في ظروف قاسية وصعبة لا تناسب أعمارهم ولا بنيتهم الجسدية، بدلاً من الذهاب إلى المدرسة، مقابل أجر لا يكفي لسد احتياجاتهم اليومية.

تقول المرشدة الاجتماعية ميشلين: إن لعمالة الأطفال آثار اجتماعية وثقافية خطيرة، لأن ممارسة العمل في سن مبكرة ينعكس سلبا على حياة الأطفال الجسدية والنفسية والاجتماعية, يعمل الأطفال في ظروف تنعدم فيها شروط الصحة والسلامة، وهذا يجعل الأطفال أكثر عرضة لمخاطر  تؤثر على صحتهم وحياتهم، ونموهم وتطورهم الجسدي والنفسي لأن الطفل غالبا ما يعمل في أشغال لا تتناسب مع قدرته البدنية وطاقته الجسدية، وهذا يؤدي إلى حرمان الطفل من حقوقه الأساسية ومن الحصول على مستقبل أفضل، هذا ويتعرض الأطفال في سوق العمل لسوء المعاملة من قبل رب العمل والتعنيف أيضا، مما يجعلهم أكثر عرضة لتعلم سلوكيات غير حميدة كالتدخين وتعاطي المخدرات وبالتالي الانحراف، لذلك فعمالة الأطفال تعد من أخطر المشاكل التي تؤثر سلبا على الفرد والمجتمع.