لكل السوريين

سوريا على وشك بدء استيراد الخضار

حلب/ خالد الحسين

من المعروف أن قطاع الزراعة والغذاء بات رأسمال الاقتصاد السوري الوحيد تقريبًا، وصاحب الثقل الأكبر في ميزان الصادرات، لكن ذلك لم يشفع للقطاع الذي نال نصيبه من الإهمال الحكومي والقرارات التعسفية الخاطئة، حتى بات في خطر حقيقي.

في حلب على سبيل المثال، وبخسارة تقدّر بين 3000- 3500 ل.س للكيلو، يعزف الكثير من مزارعي البندورة عن التوجّه بمنتجهم إلى السوق، باعتبار “البيعة خسرانة مية بالمية”.

ويؤكد الفلاحون أنهم، والكثير غيرهم من المزارعين، لم يعد بإمكانهم الاستمرار أكثر في الزراعة وتحمّل الخسارات الناجمة عن الارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج، ناهيك عن ارتفاع أجور النقل والتسويق.

أما في ريف بانياس وسهل عكار، فيشتكي المزارعون من “هموم بالجملة”، وهم يفنّدونها الواحدة تلو الأخرى ويدللون بكيفية انعكاسها على تراجع الزراعات الأساسية المعروفة في المنطقة.

ومرة أخرى تأتي البندورة في المقدمة، إذ قال مزارعون: “بحسبة بسيطة لا تحتاج إلى محاسبين ولا خبراء لفك شيفرتها، كيف لنا أن نبيع كيلو البندورة بـ 2000- 2500 ل.س وتكلفته علينا تصل بين 5500- 6000 ل.س؟، وهل يستطيع مزارع أن يتحمّل حجم هذه الخسارة الكبيرة، والاستمرار بالزراعة؟”.

وأشار المزارعون إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بدءاً من تكلفة البيت البلاستيكي التي تصل إلى 25 مليون ل.س، مدللين بالهيكل المعدني، شرائح النايلون، البذار، الشتول، الأسمدة الذوابة، السماد العضوي، أدوية، خيوط نايلون، شبكات تنقيط، بالإضافة لتكاليف شراء المازوت لتشغيل مضخات المياه الخاصة بالرذاذ، المبيدات وارتفاع أجور النقل والعبوات.

أكد المزارعون أن واقع الحال دفع الكثير منهم إلى هجرة الزراعات التقليدية، والتوجه إلى الزراعات الاستوائية “الدارجة” باعتبارها ذات مردود وتحقّق ربحاً جيداً للمزارعين بأضعاف ما تحققه الزراعات التقليدية، مشيرين إلى زراعة الموز والأفوكادو وغيرهما من الزراعات الاستوائية التي باتت تلاقي رواجاً كبيراً بين أوساط المزارعين.

بدوره، أكد رئيس اتحاد فلاحي حلب تعرض مزارعي البندورة للخسارة جراء بيعهم المادة في سوق الهال بسعر يتراوح بين 2000-2200 ل.س، بسبب وفرة العرض، في الوقت الذي تكون تكلفة إنتاجه أكثر بكثير، ما يجعل المزارعين يعزفون عن زراعة البندورة ويستبدلونها بزراعات أخرى، كالاستوائية مثلاً.

وحذّر، في حديثه لموقع محلي، من أن عزوف المزارعين عن زراعة البندورة سيؤدي خلال عام أو عامين، إلى قلة العرض وارتفاع أسعار البندورة في الأسواق.

وأضاف: “دائماً عندما يرتفع سعر أي مادة في السوق نقوم بمنع التصدير، ما يؤدي إلى تدني سعرها مقابل ارتفاع تكلفة إنتاجها ما يدفع المزارعين للعزوف عنها، على غرار ما حصل بمحصول البطاطا الذي يباع اليوم بين 5000- 7000 ل.س، بعد أن كان يباع سابقاً بين 800-1100ل.س”.

الحل برأيه، هو فتح باب التصدير حتى يستطيع المزارع من تحقيق الربح، ورغم ذلك فإن السوق المحلية لن تتأثر بسبب وفرة العرض الذي سيكفي المزارع والمستهلك، وزيادة إقبال المزارعين على زراعة البندورة، مشيراً إلى أن السوق عرض وطلب فإذا كانت المادة متوفرة ولو كان هناك تصدير سيكون سعرها مقبولاً.

ثم حذّر ختامًا من التوسع بهجرة المزارعين للزراعات الأساسية في المحافظة، “لأنه خلال السنوات القليلة القادمة سنتحوّل إلى دولة مستوردة للبندورة والخيار والبطاطا، إذا تقلصت الزراعات المحمية لهذه الأنواع الضرورية على حساب التمدد باتجاه الزراعات البديلة”.