دمشق/ مرجانة إسماعيل
لم تقتصر معاناة السوريين على ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية وتدني الأجور فقط بل تعدت لتصل إلى صعوبة استلام الحوالات المساندة التي يتلقونها من أقربائهم في الخارج إذا أرادوا استلامها من خلال شركات الصرافة والتحويل المرخصة رسمياً في ظل الإجراءات المتخذة لتقييد التحويل.
تعتمد نسبة كبيرة من السوريين على الحوالات الخارجية لمواجهة الأزمة المعيشية والاقتصادية، وتكتسب هذه الحوالات أهمية في الوقت الذي تنعدم فيه الموارد الأخرى أمام الارتفاع في الأسعار وتذبذب سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.
وشكلت الحوالات الخارجية التي يرسلها السوريون في بلدان اللجوء لأهاليهم، وسيلة تنفس تعتمد عليها آلاف الأسر السورية في الداخل. وبعد تحرير سوريا زادت وتيرة دخول القطع الأجنبي إلى البلاد، بالتزامن مع عودة العديد من المغتربين الذين قدموا إلى سوريا، إضافة إلى التحويلات المرسلة من بلدان اللجوء.
تشير التقديرات إلى أن الحوالات تتراوح تقريباٍ بين 3 و4 مليارات دولار سنويا حاليا، وهي تشكل أحد أهم مصادر الدخل القومي (قد تصل إلى 15-20%) من الناتج المحلي الإجمالي غير الرسمي، لكنها تبقى حلا مؤقتا في اقتصاد منهار يعتمد على اقتصاد النجاة بدلًا من الإنتاج.
وتعد الحوالات مصدرا نهما لدعم الأسر السورية في ظل الأزمة الاقتصادية والحرب المستمرة، وتشكل هذه الحوالات شريان حياة لملايين السوريين إذ تقدر بمليارات الدولارات سنويا.
وتساعد الحوالات في تغطية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والدواء والمسكن، إضافة إلى دعم الاقتصاد المحلي من خلال تحفيز الأسواق وتوفير فرص عمل، وتعويض انهيار الليرة السورية عن طريق توفر عملة أجنبية تخفف من آثار التضخم.
بحسب تقرير نشره برنامج الأغذية العالمي، فإنه وبعد 14 عاما من النزاع والانهيار الاقتصادي، يجد السوريون صعوبة متزايدة في إعالة أسرهم، وتحتل سورية المرتبة الثانية عالميًا من حيث عدد النازحين داخليا.
وبسبب الأزمة التي يعانيها الاقتصاد السوري، تضاعفت تكاليف المعيشة ثلاث مرات خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث لا يكفي الحد الأدنى للأجور سوى خُمسة احتياجات الأسرة الأساسية من الغذاء وعُشر الاحتياجات الأساسية.
وبسبب نقص التمويل، اضطر برنامج الأغذية العالمي خلال عام 2024 إلى خفض مساعداته بنحو 80%، لإعطاء الأولوية لدعم الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي الشديد.
وأظهر تقريران للبنك الدولي في 24 من أيار عام 2024، أن الوضع الاقتصادي المتردي أدى إلى تدهور كبير في رفاه الأسر السورية، وسبب استمرار النقص في التمويل، إضافة إلى أن محدودية المساعدات الإنسانية استنزفت قدرة الأسر على تأمين احتياجاتها الأساسية وسط ارتفاع الأسعار، وتراجع الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات البطالة.
يذكر أن معظم هذه الحوالات تأتي من الإمارات والعراق وتركيا ودول الخليج وألمانيا وهولندا نظراً لوجود أكثر من 8 ملايين سوري بتلك الدول.