لكل السوريين

اللاذقية.. التقصير وسوء التوزيع يفاقم الحاجة لمازوت التدفئة

تقرير/ سلاف العلي

التقصير والتسويف في توزيع المازوت باللاذقية ومدنها وقراها يبدأ مع بداية البرد، توزيع المازوت يسير على مهله والبرد القارس يسير بسرعة قصوى.

تحول الشتاء بالنسبة إلى الغالبية العظمى من المواطنين باللاذقية، وخاصة غالبية الفقراء، غلى ذاكرة سيئة منذ سنين، مليئة بالمعاناة والآلام والبرد والقرف من قصص سوداوية مكررة، ذكريات باردة وأيام قاسية، وعجز عن تأمين أي شيء يدفئ أولادهم وكبارهم، الجميع لا يتذكر إلا قساوة الطقس والظروف، ولا يمكن بناء الثقة ما بين المسؤولين عن توزيع المازوت والمواطنين المقتنعين أنهم محاربون بلقمة عيشهم وبصحتهم وببردهم ودفئهم وفقرهم المتزايد.

حيث كانت أولى خطوات الاستغلال في هذا السياق رفع سعر مازوت التدفئة ببداية شهر 10 من العام الحالي بنسبة 150%، حيث أصبح سعر الليتر 5000 ل.س بعد أن كان 2000 ل.س، أجل ضمان توفير المادة للمواطنين، لكنه سيزيد من الفرص لنهب وسرقة جيوب المواطنين عبر أقنية السوق السوداء، التي تنتعش أكثر مع بداية فصل الشتاء، حيث جاء وسط أزمة محروقات خانقة تواجهها اللاذقية ومدنها.

وبالرغم من قلة توفر مازوت التدفئة، فقد تم تخصيص 50 لترا فقط لكل عائلة بالسعر المدعوم، وسط اتهامات من السكان بعدم صدق الادعاءات الحكومية حول الكميات المتاحة وتوزيعها، كما تصاعدت أسعار الحطب في تلك المناطق بنسبة 150 % مقارنة بالعام الماضي، ليتراوح سعر الطن بين 8 – 10 ملايين ليرة سورية، ما يزيد من أعباء المواطنين مع اقتراب فصل الشتاء، من أكبر الشواهد على ذلك، هو ازدحام المواطنين في كراجات والمواقف والطرقات وانقطاع الكهرباء، حيث تشير التعليقات المحلية إلى استمرار معاناة السكان في ظل نقص الوقود وارتفاع أسعاره، وبعد وضع خطة توزيع المازوت وفق الأولويات، بما يتناسب مع الكميات الواردة التي انخفضت إلى 8 طلبات مازوت، و تخفيض مخصصات البولمان بنسبة 50% يوم الجمعة، ومخصصات الخطوط الخارجية بين المحافظات بنسبة 50%، ومثلها مخصصات الخطوط ضمن المحافظة، لكن رفع السعر يأتي في وقت تشهد فيه مناطق سيطرة النظام أزمة في تأمين مواد المحروقات وهي مستمرة منذ نحو شهر، دون حلول حكومية من شأنها تخفيف الأزمة، خاصة مع انخفاض درجات الحرارة، وزيادة الطلب على المحروقات.

ومن المقرر أن يبدأ توزيع مازوت التدفئة باللاذقية وريفها، اعتبارا من 6 تشرين اول مع التركيز على منح الأولوية للمناطق الباردة، وكالعادة مثل كل عام، التأخير وفوضى التوزيع، يؤثرون على المواطنين في استلام مخصصاتهم بوقت الحاجة، وليس بعد مضي أشهر على فصل الشتاء، وعادة يتم توزيع مخصصات المحروقات بشكل مقنن، ما يجبر البشر والقادرين منهم على اللجوء للسوق السوداء لتغطية احتياجاتهم منها، حيث تختلف الأسعار وفق الطلب عليها، ووجود وفرة في المواد المدعومة أو عدمه، إذ تتضاعف حين حدوث أزمات متكررة في المحروقات، بينما تعاود الانخفاض حين توفر المواد بشكل نظامي.

تعتبر قلة كميات المحروقات الأزمة الأساسية التي تفتح الباب على أزمات أخرى، كوقف الإنتاج في عدد من الورشات والمهن التي تعتمد بشكل رئيس على المحروقات، وتخفيض وصل التيار الكهربائي، وحدوث أزمة في المواصلات، إذ لا يستطيع سائقو وسائل النقل العمل في ظل عدم حصولهم على مخصصاتهم من المحروقات، وتتأثر أسعار معظم المواد الاستهلاكية بزيادة أسعار المحروقات، وسط تدني القوة الشرائية للسكان وتدهور الوضع الاقتصادي، مع مطالبات سريعة وملحة في توزيع المادة قبل حلول الشتاء لتجنب أزمة البرد باللاذقية ومدنها وقراها الباردة جداً، وبيع المازوت في السوق السوداء يزدهر بسبب التأخير، مما يحرم العائلات ذات الدخل المحدود، مطالبين بضرورة ضبط عملية التوزيع لتتم بشكل عادل بين الريف والمدينة ومنع الاتجار بالمادة ورفع سعرها في السوق السوداء.

يذكر أن العدد الإجمالي للبطاقات الذكية الأسرية على مستوى المحافظة 376162 بطاقة، منها 351278 بطاقة مستحقة للدعم، في حين بلغ عدد بطاقات المحروقات على مستوى المحافظة، 151916 بطاقة، منها 35682 بطاقة غير مستحقة للدعم، وأن عملية التوزيع بطيئة كون الواردات قليلة، لأن ما يصل المحافظة يوميا نحو 36 ألف لتر يتم توزيعها، ولكن هناك وعود بتعزيزات أيام العطل، الأمر الذي سيسرع من العملية، ولكن في حال بقيت كما هي سيأتي الربيع ولا ننتهي من عملية التوزيع، وإن إتمام عملية التوزيع بنسبة 100% على هذه الحالة سيستغرق 500 يوم، أي تقريبا سنة وثلث، وبالتالي إما أن تتم تسريع عملية التوزيع بالشكل الذي يتماشى مع قوانين الطبيعة،فاحتياجات الأسر من مازوت التدفئة بات من المستحيلات توفيرها، خاصة مع تسجيل العجز عن تأمينها عبر حيتان هذه السوق وبأسعارها الكاوية، أو باللجوء إلى تجار الحطب الذين لا يقلون سوءا، وكذلك الحال مع السوق السوداء للغاز المنزلي الذي بات من المستحيل الاعتماد عليه للتدفئة، وقد سبق أن خرجت الكهرباء من حسابات الدفء، والنتيجة استمرار المعاناة من قسوة البرد طيلة فصل الشتاء.