لكل السوريين

تراجع الاهتمام بمحصول الشوندر السكري في سوريا

تقرير/ مرجانة إسماعيل

كثيرة هي الوعود التي أصدرتها الحكومة ووسائل الإعلام التابعة لها أو المقربة منها، عن اقتراب حلحلة الوضع الاقتصادي وحصول انفراجة طال أمدها في الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه مناطق الحكومة السورية وإذا بأزمة جديدة هي انقطاع السكر من الأسواق السورية تضاف إلى الأزمات الكثيرة التي يعاني منها السوريون بشكل يومي.

وشهدت مناطق الحكومة أزمات معيشية متعددة، واختفاء للعديد من المواد والسلع من الأسواق، مثل البصل والسكر والقهوة والبنزين والمازوت وحتى الخبز، وجميع ما سبق كان على صلة بتجار الأزمات الذين لهم صلة مباشرة بالفروع الأمنية.

ويستهلك السوريون السكر بمعدلات كبيرة باعتباره عنصراً أساسياً على موائدهم اليومية، حيث يضيفونه إلى الشاي والقهوة ويضعونه في المربيات والحلويات بمختلف أنواعها.

ووصل سعر كيلو السكر في دمشق وريفها إلى 25 ألف ليرة للكيلو الواحد، نحو (1.7 دولار)، رغم أن سعره المدعوم لا يتجاوز الـ 12 ألف ليرة سورية أي أقل من نصف السعر المتوفر بالأسواق والذي قد يصل إلى 30 ألف ليرة ببعض أحياء دمشق.

وقبل أيام، قال مدير عام المؤسسة العامة للسكر، المهندس عبد الحميد جنيد، إنه “لا يوجد إنتاج لمادة السكر في الوقت الحالي نهائياً، لعدم توفّر المادة الأولية، وذلك بما يتعلّق بالسكر الأحمر بالنسبة لشركة سكر حمص وتوقف زراعة الشوندر السكري بالنسبة لشركة سكر تل سلحب”.

وأضاف جنيد أن شركة سكر حمص التي تعمل على تكرير السكر الخام متوقّفة عن الإنتاج منذ عام 2018 لعدم توفّر المادة الأولية، وشركة سكر تل سلحب متوقفة منذ عام 2022 لتوقّف زراعة الشوندر السكري في منطقة الغاب.

وبخصوص توفر المادة الأولية، بيّن أن أهم عقبة هي عزوف العارضين عن تأمين المادة، مبيناً أنه “لا يوجد فارق اقتصادي بين السكر الأحمر والأبيض بحيث يتم التشغيل الاقتصادي للمعمل، إذ من الممكن أن تكون النسب لشركات القطاع الخاص”.

وأشار مدير المؤسسة العامة للسكر إلى أن “تأمين السكر الأحمر يحتاج إلى ملاءة مالية عند العارضين، كما تم الإعلان أكثر من 20 مرة لتأمين السكر ولم يتقدّم أي عارض، في حين تم إيقاف زراعة الشوندر السكري من قبل اللجنة الاقتصادية لموسمي عام 2023/2024”.

ولفت كذلك إلى أن “قرار إيقاف زراعة الشوندر لموسمين جاء لعدم تأمين مستلزمات الإنتاج من قبل وزارة الزراعة للفلاحين من سماد ومحروقات، بالإضافة إلى عدم اقتصادية سعر الشوندر”.

وكانت صحف مقربة من الحكومة السورية قد أشارت خلال الشهر الماضي، إلى وجود تراجع ملحوظ في إنتاجية مؤسسة السكر العامة، وانخفاض الإنتاجية بنسبة 50 بالمئة مقارنة مع عام 2023.

ويؤثر ارتفاع سعر السكر على العديد من القطاعات المهنية والصناعية في سوريا، وخاصة مصانع الكونسروة والبسكويت والشوكولا، إضافة إلى محال الحلويات والأفران، إلى جانب التأثير المباشر على العائلات بالنسبة للاستهلاك المنزلي وشراء الحاجيات.

وأدى انقطاع السكر إلى زيادة نسب التضخم في العديد من السلع المباشرة، في ظل جنون الأسعار الذي يعيشه المواطنون، والدخل القليل الذي لا يكفي لعدة أيام بالأصل.

ويبلغ متوسط الرواتب في سوريا، قرابة الـ 350 ألف ليرة بالنسبة لموظفي القطاع العام شهرياً، وقرابة 800 ألف ليرة في القطاع الخاص، وهي مبالغ لا تكفي لأسبوع واحد بالنسبة لعائلة مكونة من أربع أشخاص في أحسن الأحوال، وإن اقتصرت مصاريفهم على الخضراوات والمعكرونة.

قصة اختفاء السكر من الأسواق ليست جديدة، فقد مرت مناطق الحكومة بأزمات مشابهة خلال السنوات الخمس الأخيرة، إلا أنه في نهاية عام 2023، عملت وزارة الزراعة على تحويل محصول الشوندر السكري الذي يعد محصولاً استراتيجياً لعلف للمواشي والدواب.

وكانت هذه الخطوة بداية للأزمة التي يعيشها السوريون الآن، ورغم أن بعض المزارعين في سهل الغاب أحد أبرز أماكن زراعة الشوندر السكري في سوريا، قد أبدوا قلقهم وامتعاضهم من ذلك، حيث كانوا يعولون كثيرا على المحصول نظراً لمردوده الريعي، وما يتيحه لليد العاملة من العمل، مؤكّدين أن تقديمه علفاً للمواشي، خلال السنوات الماضية، تسبّب بخسارة كبيرة للاقتصاد المحلي.