لكل السوريين

التهديد والوعيد بإعادة اللاجئين.. دعاية مغرضة وحقيقة صادمة

حاوره/ مجد محمد

أكد المطر، أن مصطلح العودة الطوعية الذي ابتدعته بعض حكومات الدول الشقيقة ما هو إلا للتضليل وتجميل قبيح فعلهم الذي يرتقي لجرائم ضد الإنسانية حسب المواثيق الدولية، الحقيقة هي إعادة قسرية، ومن يرفض يتعرض للابتزاز والترهيب والإجبار، والعودة القسرية للاجئين السوريين اليوم من الدول الشقيقة تعني الحكم بإعدام واعتقال وتشريد وتجويع مئات الآلاف من العائلات.

عقب الزلزال الذي حدث في شباط العام الجاري، واعادة العلاقات مع الاسد، يفتح بين الحين والآخر موضوع اعادة اللاجئين السوريين، وخصوصا المتواجدين في الاردن وتركيا ولبنان، فيتم التركيز على هذا الموضوع خصوصا من قبل الدول المطبعة مع الاسد، دون توضيح آلية ذلك ومدى ارتباط هذا بالمدى السياسي العام الذي لم يحرز اي تقدماً حتى اليوم.

وعن الموضوع، عقدت صحيفتنا حواراً مطولا؛ مع الحقوقي علي المطر، ودار الحوار التالي:

*استاذ علي مرحبا بك بداية، اختصار الملف السوري منذ انطلاق الثورة مع التركيز فقط على موضوع واحد وهو موضوع اللاجئين، هذه السياسة التي يتم اتباعها مؤخرا، لماذا التركيز على ملف اللاجئين ونسيان الملفات الاخرى؟

لو عدنا اشهر قليلة إلى الوراء لكنا لاحظنا انه تم اختزال القضية السورية بملف الدستور واللجنة الدستورية، واليوم ايضا يتم اختصار الازمة السورية بقضية واحدة وهي قضية اللاجئين، وللأسف بعض الانظمة العربية تحاول الترويج ان التطبيع مع حكومة دمشق سيؤدي إلى بسط الاستقرار في المنطقة وانتهاء الازمة وإلى ما هنالك، ولم يفهموا من الموضوع التطبيع سوى اعادة اللاجئين السوريين لبلدهم، وهم على علم ودراية ان سوريا بلد غير آمن وذلك حسب التقارير الدولية والتي تقول ذلك، ومع ذلك يتم اختصار المسألة السورية اليوم بموضوع اللاجئين، وفي الاردن يتم تداول اختيار ١٠٠٠ شخص من اللاجئين السوريين فيها وارسالهم إلى بلدهم كعينة عن اللاجئين السوريين المتواجدين فيها، ليعرفوا ان كانوا مطلوبين للنظام ام لا وذلك في وسيلة منهم للتحايل على المجتمع الدولي.

*في الاردن كما ذكرت، هل ممكن ان تكون هناك مقايضة لأرجاء اللاجئين مقابل التوقف عن تهريب المخدرات اليها؟

يمكن القول ان هناك صفقة ما مع نظام الاسد، ونلاحظ انه يتم بشكل مستمر التضييق على اللاجئين السوريين فيها لإجبارهم على العودة، وليس كما تروج له عن عودتهم بشكل طوعي، وبالنسبة للأردن ان هناك اجتماع مرتقب مع مسؤول اممي من اجل ورقة اللاجئين والتي ستتصدر المشهد، فاليوم الاردن وجميع الدول التي تدعي التضرر من اللاجئين السورين تنتظر اي مبادرة من نظام الاسد للقيام بخطوة مقابل خطوة، فليس مستبعد ان تكون الخطوة اعادة اللاجئين مقابل توقيف تهريب المخدرات.

*قسم من اللاجئين مطلوب للنظام، وبالتالي مصيرهم معروف وهو الموت، كيف تتناسى الاردن هذا الشي، وكيف تتعامل مع هذا الموقف؟

بعد ان بقي الاسد، وبعد ان عاد للجامعة العربية هناك احساس دولي ان الازمة السورية انتهت والاسد هو المنتصر، لذلك اللاجئين يجب ان يعودوا إلى اوطانهم، وحتى اللحظة الاردن لم ترسل اي لاجئ ولكنها من السباقين مع المبادرات الدولية لإعادة اللاجئين السوريين فيها بحجة انها متضررة منهم، والحديث عن الاتفاق والمقايضات مع الاسد بشأن اللاجئين حتى الآن لم يتم التأكد منه، ولكن برأيي في حال حدث ذلك فأن الاردن سترسل في البداية الاشخاص الذين تعلم انهم غير مطلوبين للنظام، ومن ثم تفكر فيما ستعمل بالمطلوبين حسب الاحداث والمتغيرات الدولية.

*كان من اللافت حديث السعودية كذلك عن عودة اللاجئين السوريين لمناطق النظام، علما انه لا يوجد اي لاجئ سوري فيها، فهي كانت تدعم فقط في المال، كيف ذلك؟

نعم جميع الاطراف العربية اليوم تحاول ان تتماهى مع الرؤية الروسية، فلو عدنا إلى عام ٢٠٢٠ نرى تصميم روسيا وتركيزها على موضوع اللاجئين فعقدت مؤتمر في دمشق عن هذا الموضوع، وحينها رأينا سخرية كبيرة على هذا الموضوع وحتى من الموالين لنظام الاسد، انه كيف تعقدون مؤتمر للإعادة اللاجئين واصلا البنية التحتية منهارة، والوضع الاقتصادي مزري، ولكن من الواضح ان الامر لم يتوقف والرؤية الروسية استمرت، وبدورها الدول العربية بدأت تتماهى معها، والسعودية دولة لها ثقل في منطقة الشرق الاوسط او الخليج العربي فلها القدرة ان تضغط على لبنان او الاردن او تركيا لعودة اللاجئين السوريين واللعب على هذا الوتر، ولكن هنا السؤال، على ماذا تعول السعودية او الاردن في موضوع عودة اللاجئين ونجاح هذا المبادرة، ف للأسف النظام لا يملك من امره شيء ولكن ربما التعويل على الدول التي تدعمه كروسيا وايران.

* ولكن، ما زالت الظروف غير ملائمة لعودة هؤلاء اللاجئين، هل تناست الدول هذا؟

دائما ما تحذر المنظمات غير الحكومية بانتظام من إعادة اللاجئين القسرية أو الإجبارية على سوريا، وقد دعت منظمة العفو الدولية لبنان إلى وقف عمليات ترحيل اللاجئين غير القانونية خوفا من تعرضهم للتعذيب والاضطهاد من قبل الحكومة السورية عند عودتهم، خاصة أن الشروط الضرورية للعودة الآمنة والسلمية لم تتوفر بعد، وذلك بعد الحملة العنيفة التي قامت بها السلطات اللبنانية مؤخرة لإرغام اللاجئين للعودة، ولكن كما قلت في سؤالك الدول تحاول ان تتناسى ذلك في محاولة منهم لإعادة تعويم النظام السوري.

* إذاً، الدول بدأت تطبق ما أقرته في اجتماع عمان التشاوري؟

تماما هذا ما يحدث، ففي البيان الختامي لاجتماع عمان التشاوري تم ذكر هذه القضية بكل صراحة، فدعا البيان إلى ان العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين إلى مدنهم وقراهم أولوية قصوى ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فوراً، وكذلك تعزيز التعاون بين نظام الاسد والدول المضيفة لهم، والتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة لتنظيم عملية العودة، وفق إجراءات محددة وإطار زمني واضح، والوزراء في الاجتماع اتفقوا على بدء حكومة النظام التنسيق مع هيئات الأمم المتحدة، من اجل تحديد الاحتياجات اللازمة لتحسين الخدمات العامة المقدمة في مناطق عودة اللاجئين، وذلك للنظر في توفير مساهمات عربية ودولية فيها، مع توضيح الإجراءات التي ستتخذها لتسهيل عودتهم، بما في ذلك في إطار شمولهم في مراسيم العفو العام، ولكن جميع الكلمات والتصريحات تأتي تجميلية، فالسوريون لا يريدون العودة ولا يوجد عودة طوعية بل هي عودة رغما عنهم ومجبرين عليها.

*لم يتوقف الامر على الاردن، فهناك تراشق بين وزيري خارجيتي سوريا وتركيا، واللاجئين الحدث الابرز..

نعم، تركيا بدأت بذلك فعلاً، فسابقاً تعلن عبر مسؤوليها انها سترسل اللاجئين إلى المناطق الآمنة والمحررة حسب زعمها في شمال غرب سوريا فقط، ولكن مؤخراً برز وزير الخارجية التركي مولود شاويش اوغلو وصرح قائلا إن مشكلة اللاجئين لا يتم حلها عبر خطاب الكراهية والخطابات الشعبوية، مؤكدا أنه يجب إعادة اللاجئين السوريين ليس فقط إلى الشمال السوري وإنما إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام أيضاً، فهذه خطوة حتى من تركيا لإعادة تعويم النظام والتي تأتي بالتأكيد بضغط روسي، وبالمقابل سوريا تريد ان تظهر بمظهر المنتصر كما تروج في وسائلها الاعلامية وتقول انه لن تحاور تركيا قبل ان تنسحب الاخيرة من الاراضي السورية التي تحتلها، فهذه المناوشات كان حدثها الابرز هو اللاجئين، فالطرفين يستخدمونها ضد بعضهم.