لكل السوريين

خانات حلب القديمة شاهدٌ على صبغتها التجارية العريقة

حلب/ خالد الحسين

الحرير والوزير والعطشان والعلبية والشونة والكتان والنحاسين من أشهر وأقدم الخانات في مدينة حلب وأعرفها فمدينة حلب تعد من أقدم المدن وتقع في الشمال السوري على بعد مئة كيلومتر من البحر المتوسط، وأقل منها بعشرة كيلومترات من نهر الفرات، وَمَن يدخلها من جهة الشرق أو الغرب لابدَّ أن يرى قلعتها. ويبدو من القراءات الأثرية أنَّها سُكنت منذ العصر الحجري، وتناوب على حكمها أقوامٌ وغُزاة كثيرون لكنَّها لم تندثر.

وكان آخر ما تعرَّضت له أن قام الروم بحرقها، وتدمير أسواقها التجارية وبعض أحيائها السكنية سنة 962م، ولقد اشتهرت حلب بقلعتها التي كانت رابية طبيعية واستعملت كمعابد عبر العصور، ثمَّ صارت «الأكروبول» لدى اليونانيين، ومن بعدها تحوَّلت إلى مقرٍّ للحكَّام.

اشتهرت حلب بأبوابها وأسوارها التي كانت تحيط بالمدينة على شكل مربَّع وكان ارتفاعها يصل إلى 15 خمسة عشر متراً في بعض الأماكن، كما اشتهرت بمدارسها وحمَّاماتها وخاناتها التي كانت بمثابة فنادق وأسواق للمسافرين باعتبار أنَّ حلب كانت مركزاً تجارياً للقوافل القادمة من بغداد والبصرة، والمحمَّلة بمنتجات اليمن والهند والشرق الأقصى من البن والتوابل والأدوية والأصبغة، وللقوافل القادمة أيضاً من ديار بكر والموصل حيث كان تجار أوروبا يتسوقون ويشحنون البضائع بحراً عن طريق مرفأ اسكندرون.

مأوى المسافرين والخان هذا؛ هو بناءٌ يتألف من طابقين الطابق الأوَّل لسكن التجار الأغرابِ، ولمبيت الضيوف والمسافرين، أمَّا الطابق الأرضي فلتفريغ وعرض البضائع التي كان ينقلها المسافرون في طريقهم من وإلى بلدانهم، كما كان فيها إسطبلات لمبيت الخيول والجمال، والخانات هذه كثيرةٌ منها ما كان مُشاداً خارج حلب، ومنها ما كان يقع على أطرافها أو داخل سوقها وهي: «خان الوزير» وكان بناه أحد ولاة حلب عام 1683م، وما لبث أن صار وزيراً في الأستانة فسمِّي بخان الوزير، ويقع على أطراف سوق المدينة التاريخي، وقد هَدمت البلدية قسماً منه عندما شقَّت الطريق إلى القلعة. ثمَّ يليه «خان الصابون» وقد بناه الأمير (أزدمر بن مزيد) في نهاية القرن الخامس عشر حين كان والياً على حلب وسمِّي بخان الصابون لوقوعه قرب سوق الصابون.

وخان «خاير بيك» أو خان «العطشان» ويقع في سوق النحاسين، وكان بناه والي حلب المسمَّى باسمه عام 1515م وهو يختلف عن باقي الخانات لأنَّه ثلاثة خانات في خان واحد. أما خان «النحاسين» فهو أقدم بيت وليس خاناً فحسب منذ عام 1539م، وفيه مقرُّ قنصلية دولة البندقية، ويضم الآن متحفاً مليئاً باللقى الأثرية، يليه خان «الجمرك» الذي يقع في «سويقة علي» وهو من أكبر خانات حلب وقد بناه (إبراهيم خان زاده) عام 1574م، ويضم مخازن كثيرة وقاعات عديدة وفسيحة. وهناك «خان الحرير» الذي حمل اسم مسلسل تلفزيوني سوري، ويقع في المنطقة التجارية بين الجامع الكبير والسبع بحرات، وسمِّي بخان الحرير نسبة إلى التجار الهنود الذين كانوا ينزلون به وهم يحملون الحرير، ومساحته حوالي 2000 متر مربَّع، وواجهته مبنية على الطراز الأوروبي. وخان «العلبية» وهو وقفٌ لجامع العادلية.

وخان «القصابية» ويقع في محلة جب أسد الله وكان بناه الأمير (أبرك)عام 1510، وخان «القاضي» الذي بناه قاضي حلب كمال الدين المصري عام 1450م، ويقع مقابل البيمارستان الأرغوني في منطقة باب قنسرين. وخان «النقر» ويقع في محلة الفردوس، وكان من أكثر الخانات شهرة لكثرة العمليات التجارية التي تتم فيه، وخان «التتن الصغير» وخان «التتن الكبير» ويقع بعد مدخل باب إنطاكية.

وخان »قورت بك بن خسرو باشا» الذي بناه وبنى معه المدرسة الخسروية. وخان «كالقدس» أو «الهوكيدون» أي البيت الروحي بالأرمنية وهو يقع بعيداً عن منطقة سوق القلعة ما بين بوابة القصب والتلل، حيث كان يجتمع فيه الحجيج الأرمن الذاهبون إلى القدس. وخان «الشونة» ويقع أمام قلعة حلب.

وخان «الحبال» وكان نزلاً للجنود الفرنسيين ويقع في سوق الحبال. وخان «البنادقة» وسمِّي بذلك لأنَّه كان نزلاً للتجار الإيطاليين الذين يأتون من البندقية ولقنصلهم. وخان «الكتان» ويقع قريباً من خان الوزير وهو الآن مقر القنصلية البلجيكية. وخان «البرغل» وهو على مقربة من خان النحاسين. وخان «استانبول» ويقع في سوق استانبول.

وخان «الشوربجي» ويقع في الجهة الغربية من محلَّة العقبة المطلَّة على باب جنين، وكان الفرنسيون قد استعملوه سجناً أيام احتلالهم لسوريا.

وتقع معظم هذه الخانات داخل سوق المدينة التاريخي أو على أطرافه، وهو سوق مسقوفٌ يبلغ طول شوارعه حوالي عشرة كيلومترات، وكان بُني في القرنين الخامس عشر والسادس عشر ميلادي.

هناك خانات تقع على تخوم مدينة حلب وفي ضواحيها أو داخلها مثل: خان طومان، خان العسل، خان السبيل، خان شيخ نعسان، خان العبسي، خان العبه جي، خان الناصر، خان الجيرودي. وهذا يدلِّل على مكانة حلب التاريخية كمركز تجاري واقتصادي؛ ذلك عدا مكانتها الثقافية.