لكل السوريين

الخيول العربية الأصيلة في سوريا تنفض غبار الحرب وتأخذ مكانها

حافظ مربو الخيول العربية الأصيلة في سوريا على خيولهم رغم سنوات الحرب التي تجاوزت عامها الحادي عشر، حيث تعرضت العديد من مزارع الخيول في بعض المناطق إلى السرقة والتدمير المقصود والقتل، وفقدت آلاف الخيول العربية الأصيلة التي تنحدر من خمسة أرسان أساسية.

وقال مدير مكتب الخيول السابق في وزارة الزراعة السورية المهندس غياث الشايب”: خلال سنوات إدارتي لمكتب الخيول من 2014 إلى 2020 أرسلت بين عامي 2015 و 2016 لجاناً إلى مناطق ساخنة خارج سيطرة الدولة السورية في محافظات الحسكة ودير الزور ودرعا لوشم وتسجيل الخيول، وتم وشم أكثر من 500 جواد وأخذ عينات شعر أرسلت إلى المخبر في ألمانيا “.

ويقول “عدد الخيول في سوريا حالياً أكثر من 13 ألف جواد وخلال سنوات عملي تم تسجيل أكثر من 5 آلاف جواد نظراً لصعوبة الوصول إلى كل المناطق والتسجيل السنوي، وحتى عام 2020 كان عدد الخيول الموجودة في سوريا حوالي 10 آلاف رأس سرق وخرجت من البلد بشكل غير مشروع حوالي ثلاثة آلاف، واستعدنا منها 200 جواد بالتعاون”.

وتعرضت جميع مزارع الخيول في محافظة حلب للسرقة والنهب ويقول محمد الجابري من مالكي مزرعة “سرقت جميع مزارع الخيول في محافظة حلب وعددها تسع مزارع، وفي صيف عام 2014 دخل مسلحون من مرتزقة داعش الارهابي إلى مزرعتنا شرق مدينة حلب وأخذوا جميع الخيول التي كان عددها أكثر من 100 جواد ومنها أفراس على وشك الولادة، ونقلت إلى نادي الفروسية في الرقة والتي تعرضت لقصف من قبل طائرات التحالف الدولي؛ حيث قتلت وجرحت العشرات من الخيول كما نقلت خيولنا إلى مدينة البوكمال على الحدود السورية – العراقية، وبيع بعضها في مزادات والباقي نقل إلى العراق من قبل عناصر تنظيم داعش “.

كما تعاني الخيول المنتشرة في مناطق سيطرة فصائل المعارضة في شمال سوريا من عدم وجود وثائق وسجلات لها باعتبارها مناطق خارج سيطرة الحكومة السورية.

ويقول رئيس الرابطة السورية للخيول العربية الأصيلة في الشمال السوري محمد صبحي الأفندي ” في مناطق ريف حلب الشمالي وإدلب يوجد أكثر من 650 رأس خيل غير مسجلة ما يهدد هذه الخيول بضياع نسبها في حالة وفاة الأم والتي أصبح لها العديد من الولادات “.

ويضيف: “طلبنا من مكتب منظمة الخيول العربية الأصيلة (واهو) في دمشق إرسال لجان لتسجيل الخيول ولكن حججهم دائماً أن المنطقة خارج سيطرة الدولة السورية، ونحن كجمعية أهلية تضم مربي الخيول تعهدنا بضمان أمن أي أحد يصل لتسجيل خيولنا، كما وافقنا على نقل الخيول إلى المعابر مع مناطق الحكومة وقسد، ولكن لم نصل إلى جواب، هي خيول عربية سورية بغض النظر عن مناطق السيطرة، ولكن يبدو أن هناك تعمداً من عدم تسجيل هذه الخيول وتركها في عالم المجهول”.

ويتفق مدرب الخيول محمد العواد أبو الزعيم والمربي محمد الملحم على أن محافظة الحسكة شمال سوريا هي مربط الخيول العربية الأصيلة ويقدر عدد الخيول الموجودة في محافظة الحسكة حالياً أكثر من 6 آلاف رأس خيل.

ويقول المربيان الزعيم والملحم: “سنوات الحرب وقطع الطرقات والجفاف أثرت بشكل كبير على الخيول كما باقي الثروة الحيوانية الأخرى، حيث أصبح الكثير من المربين يبيع حصاناً أو فرساً لتأمين الغذاء والدواء لباقي خيوله، وسط ارتفاع كبير في أسعار الأعلاف، وارتفاع تكاليف نقل الخيول بين المحافظات، الأمر الذي أدى إلى مقاطعة السباقات السورية والتحول إلى سباقات محلية تعتمد على تبرعات من أصحاب الخيول وبعض الداعمين وهذه الجوائز لا تغطي تكاليف تدريب الجواد على السباق”.

ووسط المشهد القاسي لواقع الخيول العربية الأصيلة في سوريا خلال سنوات الحرب تبرز تجارب نقاط مضيئة على ساحة البلاد حيث تعود الخيول إلى محافظة دير الزور بأعداد مضاعفة عما كانت عليه قبل عام 2011.

ويقول الشيخ ذاكر الهفل أحد أبرز مربي الخيول في محافظة دير الزور: ” خلال سنوات الحرب والحصار تأثرت الكثير من مرابط الخيل بالقصف وقتلت الكثير من الخيول، المربون اهتموا بخيولهم كاهتمامهم بأولادهم “.

ويضيف الشيخ الهفل: ” بعد عام 2017 بدأت تعود تربية الخيول إلى دير الزور وعدد الخيول حالياً ربما أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل 2011، بسبب دخول عدد كبير من المربين الجدد المحبين للخيل رغم صعوبة تأمين الغذاء والدواء “.

وغير بعيد عن محافظة دير الزور تبرز مزرعة الهنوف واحدة من أهم مزارع تربية الخيول في سوريا.

وعن هذه المزرعة يقول مدير المزرعة الشيخ حسين الباشا العاصي الجربا: ” مزرعة الهنوف في قرية رميلان الباشا في محافظة الحسكة تعتبر مزرعة نموذجية في سورية لتربية الخيول العربية الأصيلة وهي تنفرد بأنها تضم حوالي 250 جواداً من رسن واحد وهو كحيلة الواطي المتوارثة عن أجدادنا منذ مئات السنين، ويرفض مالك المزرعة الشيخ عبد الله الباشا العاصي الجربا دخول أي رسن آخر من الخيول إلى المزرعة، والتي أصبحت تعرف اليوم برسن كحيلة الهنوف”.

ويضيف مدير مزرعة الهنوف: ” السنوات الماضية كانت قاسية علينا، وسقطت عدة قذائف من قبل المسلحين داخل المزرعة وأصيبت بعض الخيول بشظايا ولكن صمدت الخيل وبقيت في مزرعتها كصمود أهلها، إضافة إلى قطع الطرق وصعوبة وصول الأعلاف والأدوية ؛حيث يرسل الشيخ عبد الله الذي يقم في العاصمة السعودية الرياض الأدوية والبذور عبر مطار أربيل وصولاً إلى منطقة القامشلي للمعالج وزراعة النباتات، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من العلف. ويملك الشيخ أكثر من 500 هكتار مخصصة فقط للخيل ويعمل في المزرعة حوالي 300 شخص بين فني وإداري وعمال لخدمة الخيل”.

ويختم الشيخ الجربا كلامه قائلا” هذه المزرعة وجدت لخدمة الخيول ويرفض الشيخ عبد الله بيع اي جواد منها مهما غلا ثمنه، ولدينا فكرة بأن تصبح المزرعة بوابة انطلاق لسباقات لمساعدة اصحاب الخيول “.