لكل السوريين

بانثالاسا.. محيط مجهول يقزم من المحيطات الشهيرة

المحيط عبارة عن جسم كبير من المياه المالحة يمتد حول الأرض داخل أحواض المحيطات الكبيرة جدا. وتشغل هذه المسطحات المائية ما يقرب من 71% من سطح الكوكب، وتشكل أكثر من 90% من إجمالي كمية المياه على الأرض، وهي جزء لا يتجزأ من وجود كوكب الأرض المستدام.

في الوقت الحالي توجد 5 محيطات على كوكبنا، ويعتبرها العلماء جسما مائيا واحدا تم تقسيمه وفقا للموقع بالنسبة إلى القارات والحضارات. وتختلف هذه المحيطات في المساحة التي تشغلها من سطح الأرض، إلا أن المحيط الهادي يعد أكبرها وأعمقها على الإطلاق، فهو يغطي أكثر من ثلث سطح الأرض.

وعلى الرغم من أن المحيط الهادي يمثل أكبر كتلة مائية على الأرض، فإنه لا يتعدى أن يكون بقايا أكبر كتلة مائية في تاريخ كوكبنا الأزرق، وهو محيط “بانثالاسا” (Panthalassa) الذي أحاط بقارة “بانجيا” (Pangea) العملاقة منذ حوالي 300 مليون إلى 200 مليون سنة. ويمكن تخيل البانثالاسا كما لو كان المحيط الهادي والمحيط الأطلسي ملتصقان معا.

شغل محيط بانثالاسا ما يقرب من 70% من سطح الأرض في نهاية العصر الترياسي، وذلك وفقا لدراسة منشورة في يناير/ كانون الثاني الماضي في “إيرث ساينس ريفيوز” (Earth-Science Reviews).

محيط بانثالاسا العملاق

ووفقا لموقع “أوشن إكسبلورريشن” (Ocean Exploration)، فإن المحيط الهادي يشغل مساحة تعادل مساحة المحيط الأطلسي والمحيط الهندي مجتمعين. ويحتوي على أكثر من نصف المياه السائلة على الكوكب، وضعفي كمية المياه التي يحتويها المحيط الأطلسي ثاني أكبر محيط على الأرض في الوقت الحالي.

وتبلغ مساحة حوض المحيط الهادي أكثر من 155 مليون كيلومتر مربع، أي أكبر من مساحة اليابسة لجميع القارات مجتمعة، كما يعد المحيط الهادي أيضا أعمق كتلة مائية على كوكبنا بمتوسط عمق يقارب 4 آلاف متر. ويوجد به خندق ماريانا الذي يحتوي على أعمق مكان على وجه الأرض والمعروف باسم “تشالنجر ديب” (Challenger Deep) الذي يمتد على عمق يزيد على 11 ألف متر.

وبالرغم من كبر المحيط الهادي، فإن محيط بانثالاسا العملاق جعل منه قزما بالفعل. ويشار إلى محيط بانثالاسا باسم “باليو باسيفيك” (Paleo-Pacific) أي “المحيط الهادي القديم” أو “بروتو باسيفيك” (Proto-Pacific)، لأن المحيط الهادي هو استمرار مباشر لبانثالاسا.

المحيطات الفائقة

ويعتبر البانثالاسا من المحيطات الفائقة التي وجدت على الأرض. والمحيط الفائق هو محيط يحيط بقارة عظمى واحدة تضم كل اليابسة على كوكب الأرض، ويتم تعريفه بشكل أقل شيوعا على أنه أي محيط أكبر من المحيط الهادي الحالي.

وتشمل المحيطات العملاقة العالمية محيط ميروفيا (Mirovia) الذي أحاط بقارة رودينيا (Rodinia) منذ حوالي 650 مليون سنة، ومحيط بانثالاسا الذي أحاط بجزيرة بانجيا، وهي القارة الأحدث في سلسلة من القارات العظمى في تاريخ الأرض. وقد كانت القارات العملاقة قبل ذلك أيضا محاطة بالمحيطات الفائقة.

يقول بريندان مورفي أستاذ الجيولوجيا في جامعة سانت فرانسيس كزافييه في نوفا سكوتيا (St. Francis Xavier University in Nova Scotia)، لموقع “لايف ساينس” (Live Science)، “يحدث أكبر محيط عادة عندما تتشكل القارات العملاقة، لأنه إذا كان لديك قارة واحدة كبيرة فقط، فلن يكون لديك سوى محيط واحد موجود حولها”.

ويقول مورفي إن هذا حدث على الأرجح عدة مرات، وقد كانت بانجيا آخر قارة عملاقة، ويضيف أنك إذا كنت تسافر بالطائرة النفاثة عبر خط الاستواء، فسوف يستغرق عبور المحيط الهادي 10 ساعات، لكن عبور بانثالاسا سيستغرق 15 ساعة.

ووفقا للموسوعة البريطانية (Britannica)، فإنه منذ حوالي 200 مليون سنة، بدأت قارة بانجيا العملاقة في التفكك لتتشكل في النهاية القارات الحديثة والمحيط الأطلسي والمحيط الهندي. وأصبح المحيط الهادي من بقايا البانثالاسا. ومنذ زوال بانجيا حصل المحيط الهادي على لقب أكبر محيط في العالم.

وبالرغم من مساحة محيط البانثالاسا التي شغلت أكثر من ثلثي مساحة كوكب الأرض تقريبا، فإنه يجب الأخذ في الاعتبار أن المحيط الأكبر الذي شغل مساحة الأرض كلها وجد حينما لم تكن هناك أي قارة وكان سطح الأرض مغطى كله بالماء تقريبا، وذلك بعد حوالي 150 مليون سنة فقط من تشكل الأرض.

وفي الوقت نفسه، يعتبر العلماء أن محيطات الأرض في الوقت الحالي هي محيط عالمي واحد، فقد جاء في موقع “ساينس فوكاس” (Science Focus)، أنه بالرغم من أننا أعطينا محيطات كوكبنا أسماء منفصلة، فإنه في الواقع لا توجد حدود بينها، بل إن التيارات تتدفق فيما بينها باستمرار وتخلط مياهها.

فالمحيط الأطلسي يختلط بالمحيط الهادي في قاع أميركا الجنوبية، ويتصل بالمحيط الهندي تحت أفريقيا، كما يمتد المحيط الهادي من المحيط المتجمد الشمالي شمالا إلى المحيط الجنوبي جنوبا.

المصدر : مواقع إلكترونية