لكل السوريين

ألمانيا… السجن المؤبد لطبيب سوري بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

أصدرت محكمة “فرانكفورت الإقليمية العليا” في ألمانيا، اليوم الاثنين، حكماً بالسجن المؤبد بحق الطبيب السوري علاء موسى، بعد محاكمة استمرت نحو ثلاث سنوات ونصف، بتهم تتعلق بارتكابه جرائم ضد الإنسانية، شملت التعذيب والقتل والعنف الجنسي بحق معتقلين في سوريا.

وأكدت صحيفة “فرانكفورتر ألجماينه” الألمانية أن المحكمة وجدت أن التهم الموجهة إلى موسى ذات طابع “خطير للغاية”، وأمرت باستمرار حبسه احتياطياً. وقال رئيس المحكمة القاضي كريستوف كولر، خلال النطق بالحكم، إن الجرائم التي أُدين بها موسى أسفرت عن إصابة تسعة أشخاص بجروح خطيرة، جسدياً ونفسياً، ومقتل شخصين آخرين.

وبحسب المحكمة، تعود الجرائم المرتكبة إلى فترة عمل موسى طبيبًا في مستشفى حمص العسكري وفرع المخابرات العسكرية في المدينة خلال عام 2011، حيث اتُّهم بتعذيب معتقلين، من بينهم أطفال، باستخدام وسائل عنيفة مثل الضرب، الكهرباء، والاعتداء الجنسي، وصولاً إلى القتل.

وكانت الشرطة الألمانية قد اعتقلت موسى في 19 حزيران 2020، وبدأت أولى جلسات محاكمته في 19 كانون الأول 2022. وخلال المحاكمة، قدّم ضحايا وشهود روايات صادمة عن ممارسات موسى، منها قيامه بحرق الأعضاء التناسلية لمعتقلين باستخدام الكحول والنار، وضرب مرضى مقيدين داخل غرف الطوارئ والعناية المركزة.

ومن بين الشهادات البارزة، ما أدلى به شاهد عمل إلى جانب موسى في مستشفى حمص العسكري عام 2011، والذي وصف قيام عناصر النظام بمنع دخول أي شخص إلى قسم الجراحة إلا بأسماء محددة مسبقاً، وربط المعتقلين في الأسرة مع تعصيب أعينهم، وتعريضهم للتعذيب المستمر. كما أشار الشاهد إلى قيام موسى باستخدام أنابيب قسطرة البول لضرب المرضى، وارتكابه أفعال عنف جنسي بحق قاصرين.

وتضمنت لائحة الاتهام ضد موسى العمل كطبيب وعميل لدى المخابرات العسكرية في كل من مستشفى “المزة العسكري” المعروف بـ”المسلخ البشري” وسجن المخابرات العسكرية في حمص، وهي المواقع التي تم توثيق انتهاكات واسعة فيها، من ضمنها ما وثقته صور “قيصر” الشهيرة التي سربت عام 2014 وتثبت مقتل آلاف المعتقلين تحت التعذيب.

وفي إحدى القضايا التي نظرت بها المحكمة، اتُّهم موسى بقتل معتقل يدعى محمود، اعتُقل على خلفية مشاركته في مظاهرة في حمص عام 2011، وتعرض للضرب حتى الموت على يد موسى وطبيب آخر، رغم معاناته من نوبة صرع استدعت تدخلاً طبياً عاجلاً.

وخلال المحاكمة، نفى موسى جميع التهم المنسوبة إليه، لكنه أدين بعد سلسلة من الشهادات المفصلة، والوثائق، والوقائع التي أكدتها المحكمة، التي رأت أن الجرائم المرتكبة ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية تستوجب أقصى درجات العقوبة.

يذكر أن الحكم الصادر يُعد من أبرز محاكمات جرائم الحرب ضد أفراد مرتبطين بالنظام السوري، ضمن مساعٍ أوروبية لمحاسبة المتورطين بانتهاكات جسيمة بحق المدنيين خلال سنوات الحرب في سوريا.