لكل السوريين

العمل بـ “ورديات” أخرى يتفشى بين أهالي حماة لتغطية تكاليف المعيشة

حماة/ جمانة الخالد

في ظل الغلاء الجامح الذي يجتاح عموم سوريا، وبسبب ضعف قيمة الرواتب، اضطرت نسبة كبيرة من المواطنين في حماة إلى العمل في أكثر من مكان لتأمين ضروريات الحياة اليومية، ولو كان ذلك على حساب الصحة الجسدية والنفسية.

بين الحين والآخر تظهر عادات جديدة في الحياة اليومية، إذ تعمل نسبة كبيرة من الموظفين في وظائف ثانية إلى جانب وظائفهم الحكومية، وتتنوع هذه الوظائف وتختلف حسب الحاجة. ومنهم من يعمل سائق “تاكسي” في المساء، ومنهم من يعمل في المطاعم أو المحلات التجارية فضلا عن مهنة تعقيب المعاملات والأوراق الحكومية، التي تبدو غريبة بعض الشيء على المجتمع السوري، لكن الحاجة لها كلمة الفصل.

صعوبة الظروف المعيشية فرضت على الجميع العمل بفترتين، وكل ذلك في مقابل 150 ألف شهريا، بالكاد تكفي لمدة أسبوع، وهذا الحال يندرج على عموم فئات المجتمع من رب الأسرة إلى الأم التي تفتقد للمعيل إلى الشباب الذين يرغبون بالزواج.

وثمة نسبة كبيرة من الموظفين من الصنفين رجالا ونساء تلجأ إلى الوظيفة الإضافية أو العمل الإضافي بعد الدوام الأساسي وسط تدهور الأوضاع المعيشية.

بالتالي قد يصل البعض إلى العمل لأكثر من 14 ساعة في اليوم لتأمين احتياجاتهم المادية في ظل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار حيث يعتبرون أن العمل الإضافي هو الخيار الأمثل لزيادة الدخل وأن الوظيفة الإضافية ستؤثر على حياتهم اليومية على الأمد البعيد لجهة تأمين ما قد يصعب تأمينه من الدخل الواحد الذي يجنيه الأهل.

لهذا يعتبر البعض أن العمل الثاني أو ما يطلق عليه “الوردية” الثانية هي بوابة العبور لتحصيل دخلٍ ثانٍ؛ ولا نخطئ عندما نقول إن 14 أو 16 ساعة عمل، لا تكفي أي مردود يحصل عليه أي شخص مهما كانت طبيعة العمل في ظل الارتفاع الكبير لكافة السلع والمواد الغذائية.

المعيشية الصعبة أجبرت الكثيرين على البحث عن عمل آخر في ظل تضخم الموارد وارتفاع سعر الصرف الذي بمجرد ارتفاعه ولو بشكل بسيط ترتفع معه كل الأسعار، إذ أن التضخم الحاصل في سوريا غير مسبوق وبالتالي يحتاج الفرد إلى العمل في عملين أو ثلاثة لسد الحد الأدنى من احتياجاته، خاصة وأن الأسرة السورية تحتاج اليوم أكثر من مليوني ونصف المليون شهريا لتأمين الحاجات الغذائية فقط، دون تكاليف الإيجار أو أمور أخرى.

ويعيش أكثر من 90 بالمئة من الشعب السوري تحت خط الفقر، وهي كارثة اجتماعية واقتصادية على مجموع الشعب السوري، فضلا عن غياب العدالة بالرواتب في القطاعين العام والخاص ما يدفع الفرد للعمل صباحا ومساءً ما يؤثر سلبا على صحته الجسدية والنفسية، خاصة وأن المرأة أيضا باتت تلجأ للعمل المزدوج بشكل يومي في سبيل مواجهة الظروف الاقتصادية التي حولتها في أغلب الأحيان إلى حاملة المسؤولية الكاملة عن أسرتها في ظل غياب معيل الأسرة.

تقديرات كشفت في وقتٍ سابق عن أن 70 بالمئة، من السوريين يعيشون على الحوالات المالية الخارجية، مقدرة حجم المبالغ التي تصل سوريا من المغتربين يوميا بـ5 ملايين دولار، ومعدل تحويلات السوريين العاملين في الخارج لمساعدة عائلاتهم 5 مليارات دولار سنويا.

من جانب آخر، ومع تزايد مرارة الواقع الاقتصادي في سوريا، أصبح المئات من الشباب والعائلات السورية مهووسة بالسفر إلى الخارج بهدف الذهاب إلى بلد يوفّر لهم الأمن والاستقرار المعنوي والمادي، خاصة بعد ارتفاع أسعار مختلف السلع في السوق بنسب كبيرة، إضافة إلى تسيّد حالة من الفوضى والتفلّت بالأسعار في الأسواق، وهو ما انعكس أيضا في ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار الأساسيات، بالتالي وصلت اليوم تكلفة المعيشة لأسرة سورية مكونة من خمسة أفراد إلى 10 ملايين ليرة سورية، فيما يتراوح متوسط دخل الموظف الحكومي بين 200-260 ألف ليرة.