لكل السوريين

الطابع الاستبدادي يطغى على مناديب الخبز

لعل الاستبداد وما يسببه من ظلم وخوف هو حاكم على المجتمعات الشرق أوسطية ومترافق مع نشأتها ويتطور مع تطورها، وللاستبداد أنواع عديدة منها الاستبداد الفكري والسياسي والاجتماعي والخدمي، ولكل نوع من أنواع الاستبداد مساوئه التي لا تعد ولا تحصى.

ولكن سنختصر الحديث عن الاستبداد الخدمي والذي يتحكم بحاجات المجتمع ويجعل المجتمع حبيس رغبات المستبد للحصول على حاجاته المرهونة في متناول المستبد وتحت سطوة قراراته.

ولعل من محاربي الاستبداد القدامى الجاحظ الذي حمل على عاتقه مسؤولية محاربة الاستبداد والمستبدين وفضح ممارسته الدنيئة.

وما زلنا نرجو إلى يومنا هذا أن نتخلص من ليل الاستبداد الذي فيه الكثير من القهر، ولعلنا اليوم نشاهد الاستبداد في أبشع صوره، ولكن الأبشع بأن يمارس هذا الاستبداد من أبناء جلدتنا.

وعلينا ومن مستبدي اليوم نذكر مندوب الخبز الذي يقوم بالكثير من الممارسات ضدنا، بعد أن كان الأمل الذي نرجو الفرج فيه، ولكن كانت الصدمة أولا بأن أزمة تأمين رغيف الخبز لم تحل.

ولكن زاد الأمر تعقيدا حيث يقوم المندوب بمنح الخبز لمن يريد وبالكمية التي يريد وبالسعر الذي يريد، ولكي تحصل على ما تحتاجه من الخبز لابد أن تسكت وتستكين ولن يكفيك هذا بل يجب أن تهدي المندوب الهدايا وأن تلقاه بوجه طلق فيه الابتسامة جلية، وبالعامية يلزمك الكثير من تمسيح الجوخ لكي تحسن صورتك أمام مندوب الخبز.

وكل هذا لتحصل على أهم حق من حقوقك وهو رغيف الخبز الذي يضمن لك العيش والاستمرارية، وبهذا تزداد عزة وطغيان مندوب الخبز ويزداد ظلمه، فهو يمنع حق البعض ليعطي البعض المقرب منه الكميات التي يطلبونها، بل تجاوز جشعه ذلك، حيث يمنع حق الناس من حصولهم على رغيف الخبز ليمنح لنفسه الحق في الاتجار بالكميات التي منحت له كمخصص لأبناء حارته.

فهو يبيع للمطاعم بسعر مرتفع وكذلك يقوم ببيع الخبز كمواد علفية في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار دون ضمير يؤنبه ودون إذن تسمع صراخ طفل جائع لا يبعد عنه بضع أمتار. وكل ما يطلب منا أن نصدق كذبه وأن نكون مطية له لكيلا يحرمنا حقنا في الغذاء.

ولكن السؤال هنا من سيضع الحد لهذا المستبد هل المجتمع التي تعود الخضوع لكي يحصل الاستقرار بتأمين حاجاته، أم من ولى هذا المندوب بدلا أن يكون خادما لتلبية حاجات الناس تحول لمستبد بيده القوة وبيده الجبروت ليسير الناس وفق أطماعه، ألم يأن الأوان بأن نطالب ليل الاستبداد بأن ينجلي، ولماذا الإدارات لا تحاسب هؤلاء الجشعين بتلاعبهم في قوت الناس دون أن يحمل نفسه عبء المحاسبة؟

ولكن صدق من قال من أمن العقاب أساء الأدب، ومن مخاض كلماتي أقول لابد أن يحاسب المندوب المستبد وكذلك لابد من محاسبة الإدارة المتخاذلة في أداء واجباتها قبل أن يقوم المظلوم من قهره وظلمه ليحاسب الجميع.

وكلنا أمل بتدخل المعنيين قريبا لحل هذه الأزمة التي بدأت تفوق التصور في ظل هذا الحجم الهائل من المصائب التي تقع على عاتق الشعب في هذه الظروف الراهنة.