لكل السوريين

النفايات مصدر رزق.. الخطورة تهدد حياة النباشين في طرطوس

طرطوس/ اـ ن

يعاني سكان مدن الساحل السوري وجبالها من ارتفاع معدلات البطالة ونسب الفقر إلى مستويات غير مسبوقة، ما دفع البعض من الشباب وحتى الأطفال إلى امتهان أعمال خطرة وغير إنسانية، منها العمل في نبش القمامة وفي مكباتها. في ظل غياب فرص العمل والفرص الاقتصادية المناسبة، أصبحت النفايات مصدر رزق للعديد من الأشخاص الذين لا يجدون طريقاً آخر للبقاء على قيد الحياة. لكن هذه الظروف تجعل من هؤلاء العمال ضحايا محتملين لحوادث مأساوية، مثل الانهيارات، والتسمم، والأمراض المزمنة الناتجة عن التعرض المستمر للملوثات.

وتعد مأساة الشاب الذي توفي نتيجة انهيار مكب نفايات في ريف طرطوس وهو ينقب عن رزقه، حادثة ليست استثنائية، فأن يقضي شاب حياته وهو يبحث بين النفايات عما يسد رمقه، ثم يطمر تحتها ليس مجرد حادث عرضي، بل هو انعكاس صارخ لأزمة اقتصادية واجتماعية تضرب البلاد بأكملها، وهي واحدة من حلقات طويلة من المعاناة التي يعيشها آلاف المواطنين الذين أجبرتهم الظروف الاقتصادية القاسية على العمل في أخطر المهن وأكثرها إذلالاً.

ورغم أن العمل في نبش القمامة ومكبات النفايات لا يخضع لأي شكل من أشكال الحماية المهنية، أو الضمانات الصحية، فلا توجد معدات وقاية، ولا إجراءات سلامة، ولا حتى رقابة تحد من المخاطر المحتملة، فإن هذه المهنة لا تعترف بها الدولة كوظيفة رسمية، مما يجعل العاملين فيها من الشباب والأطفال عرضة للموت أو الإصابة دون أي تعويض أو مساعدة. وعلى الرغم من تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية، لم يكن هناك أي تحرك فعلي وجاد للحد منها.

وتتفاقم المشكلة أكثر بسبب عدم وجود إدارة صحيحة لمكبات النفايات، حيث تترك الأكوام تتكدس من دون فرز أو تنظيم، مما يزيد من خطر الانهيارات المفاجئة، ويعزز التلوث البيئي الذي يؤثر سلباً على المجتمعات المحيطة.

وتدعو هذه الظروف المأساوية إلى ضرورة إيجاد حلول جذرية، لا تقتصر فقط على تحسين ظروف العمل في مكبات النفايات، بل تبدأ أيضًا بإيجاد بدائل اقتصادية توفر فرص عمل كريمة بأجور تحفظ كرامة الإنسان. فإذا استمر إهمال هذه القضية، سيظل شباب وأطفال كثيرين يسقطون تحت أكوام القمامة، وهم يعانون من واقع قاسٍ يرفض أن يمنحهم فرصة للحياة بكرامة.

ويدعو الخبراء إلى ضرورة تبني سياسات اقتصادية واجتماعية عادلة، واتخاذ إجراءات فعالة لحماية الفئات الأضعف في المجتمع، وعلى رأسهم هؤلاء العاملين في أخطر المهن في مجتمعهم، بما يساهم في توفير بيئة عمل أكثر أماناً، وتعويض الضحايا المحتملين في حالة تعرضهم لمخاطر مهنية.