لكل السوريين

المسرح تاريخ وفن.. مرّ بمراحل مختلفة وعصفت به تحديات متعددة

حاوره/ مجد محمد

يعتبر المسرح أول الفنون وأعظمها وأقدمها، وهو شكل من أشكال الفنون يؤدى أمام المشاهدين ويشمل كل أنواع التسلية من السيرك إلى المسرحيات، وهناك تعريف تقليدي للمسرح هو أنه شكل من أشكال الفن يترجم فيه الممثلون نصاً مكتوباً إلى عرض تمثيلي على خشبة أمام الجمهور مباشرة، ويقوم الممثلون عادة بمساعدة المخرج على ترجمة شخصيات ومواقف النص التي ابتدعها المؤلف.

وإذا ذكر المسرح، فغالباً ما يراود ذهننا هذه الخشبة المرتفعة التي تقف عليها بعض الشخصيات، ليقدموا عرضاً ما، وتختلف هذه العروض باختلاف نوع المسرحية، وللحديث في هذا الشأن وعن هذا الموضوع، عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الممثل المسرحي عواد الرفيعي، ودار الحوار التالي:

*بداية مرحباً بك أستاذ عواد، هلّا تطلعنا على الفرق بين المسرح والمسرحية؟

أهلاً وسهلاً بك، الفرق بسيط للغاية، فالمسرحية ما هي إلا النص المطبوع للعرض، أما عن تعريف المسرح، فهو الإنتاج الفعلي للمسرحية، المسرحية هي عبارة عن النص المحتوي على سيناريو المسرحية، وتتميز عن الدراما في عدة حالات بوجود تفاعل بين المؤلف والقارئ، كما في حالة الروايات وغيرها من الأعمال الأدبية المكتوبة، وتستخدم كلمة دراما في العصر الحالي للإشارة إلى أنواع من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، أما المسرح فهو يشير إلى الإنتاج الفعلي للمسرحية على المسرح، ويلزمه عدة عناصر كي يكتمل مثل خشبة المسرح، والممثلين، والمؤثرات الصوتية، والإضاءة، والخلفية، والأزياء، وأهم عنصر هو الجمهور.

*ما هي أنواع المسرح؟

للمسرح أنواع كثيرة ومنها، المسرح الموسيقي وهو مسرح كانت تقام عليه مسرحيات موسيقية وتتم بشكل كامل في شكل أغنية ورقص، وهي نوع شائع من المسرحيات كان يقام في لندن ونيويورك، ومسرح السيرة الذاتية وهو يختص بمسرحيات السيرة الذاتية، فهو يمثل حياة البطل طوال حياته، ويهتم بتفاصيل حياته، ولحظاته الكثيرة، وقد تكون مسرحيات السيرة الذاتية إما منفردة أو متعددة الشخصيات، والمسرح الكوميدي فالكثير منا لا يعرف ما هي المسرحية الكوميدية بالضبط، فالشائع أنها المسرحيات الفكاهية التي تملأ الصالة ضحكاً ومرحاً، لكن الحقيقة أن المسرحيات الكوميدية هي التي تغطي العديد من الموضوعات، وتشير مسرحيات شكسبير أنه إذا كانت المسرحية لها نهاية سعيدة فهي كوميديا، وعلى مر السنين، وأصبح للمسرحيات الكوميدية أدوار كثيرة، فقد تعمل على نقل رسائل اجتماعية للجمهور، والمسرح التجريبي والذي يتميز هذا النوع بأنه مليء بالقصص الشيقة، وهو غير مكلف، من حيث الجانب التقني والإنتاجي، فيمكن إقامة عدة عروض في يوم واحد، في السابق كانت تقام المسرحيات التجريبية في غرف صغيرة فوق الحانات، والمسرح التراجيدي وهو يتناول الموضوعات التي تتضمن الأحداث العاطفية المؤلمة والأحداث المأساوية، وهذا النوع من المسرحيات قد طور من المسرحيات المأساوية اليونانية القديمة، فأصبح يركز على الموضوع والحبكة، وصار يسرد القصص ويوضح المؤامرات الفرعية، وهذه المسرحيات المأساة تؤرخ قصص الملوك وأصحاب النفوذ، والذين صاروا بعد ذلك قصص كفاح، والمسرحيات التاريخية وهي مسرحيات تقوم بسرد قصص تاريخية، فقد توثق أحداثاً تاريخية حدثت بالفعل، أو شخصية تاريخية لها أثراً ملموس، وقد عرفت هذه المسرحيات من خلال مسرحيات شكسبير مثل مسرحية يوليوس قيصر، ومسرحية هنري الرابع.

*كيف نشأ المسرح، وما هو تاريخه؟

نشأ الفن المسرحي حسب المؤرخين والباحثين في البداية في الاحتفالات والطقوس الدينية المرتبطة بكل الحضارات القديمة، بما فيها الحضارة الفرعونية القديمة وعلى الرغم من أن الباحثين يعزون البداية الحقيقية للمسرح في شكله المتقدم وفي قوالبه المنتظمة إلى الحضارة الإغريقية واحتفالات الإله ديونيسوس الذي وحسب الأساطير كان الإله الوحيد من أم بشرية، ولقد عرف الفراعنة قبل ذلك أشكال المشاهدة والاحتفال والدليل على هذا مخطوط لمسرحية دينية مصرية كتبت قبل ٢٠٠٠ سنة ق.م تؤرخ لقصة الإله أوزوريس وبعثه على يدي أخته وزوجته أيزيس وهو المكلف بمحاكمة الموتى في الأساطير الفرعونية والذي قتل على يد أخيه ست، ورغم أن الحضارات القديمة عرفت أشكالاً متعددة من الاحتفالات إلا أن الدراما الإغريقية تعد أصل النشأة وملهمة التأليف المسرحي في قوالبه الغربية، وقد بدأت بالاحتفالات المخصصة لعبادة الإله ديونيسيوس إله الخمرة والخصب إذ كان الناس يضعون أقنعة على وجوههم ويرقصون ويتغنون احتفالاً بذكراه وبوفرة المحصول، وفي بداية الأمر كان الاحتفال يتشكل من جماعة المحتفلين والتي تردد الأهازيج والأشعار غير أن انفصال ثسبس عن الجماعة والذي يعد أول ممثل في التاريخ أدى إلى نشأة الفن المسرحي وظهور الحوار الذي يعد منطلق الصراع الدرامي بعدها أضاف الشاعر التراجيدي إسخيلوس ممثلاً ثانياً ليبلغ المسرح الإغريقي أوجه مع سوفوكليس ويوربيديس اللذين يعدان أبرز شعراء التراجيديا، وقد تركا إرثاً مسرحياً غنياً بالمآسي التي لا تنسى كثلاثية سوفوكليس الشهيرة أوديب ملكاً وأوديب في كولون وانتيغون وانتشر المسرح في أصقاع الأرض لتحصل كل حضارة على مسرحها وأساطيرها وفنها الخاص بها.

*من هم أشهر كتاب المسرح؟

يعتبر وليام شكسبير أبرز وأشهر كتاب المسرح ويستحيل ألا تكون قد سمعت به، ولد شكسبير عام ١٥٦٤ وله مسرحيات أشهر من نار على علم في التراجيديا والكوميديا ومن أبرز مسرحياته روميو وجولييت التي أصبحت رمزاً من رموز الحب والتراجيديا إضافة إلى مسرحيات الملك لير، ترويض النمر

ة، تاجر البندقية، ماكبث، وتعود أهمية شكسبير في كونه الإبن النجيب لفكر وفن عصر النهضة الأوربية بامتياز فهذا الفكر الذي عالج جوهر الإنسان الفرد وموقعه في الكون ودوره في الحياة على كافة الأصعدة انعكس بتجلي في مسرحياته، ولا يمكن مقارنة الشهرة التي اكتسبها أي كاتب آخر بشهرة شكسبير عالمياً على كافة المستويات فقد دخل إلى جميع الثقافات والمجتمعات الأدبية والفنية والمسرحية في كل بلدان العالم، وقد اعتمد في مسرحه وشعره على العواطف والأحاسيس الإنسانية مما عزز من عالميته واستمراريته، وبالطبع كان للعرب حصة في المسرح وتوفيق الحكيم هو واحد من أبرز كتاب المسرح العربي ولد في الإسكندرية عام ١٨٩٨ ويعد رائد المسرح الذهني ذلك لصعوبة تمثيل مسرحياته على خشبة المسرح لكن ذلك لا يلغي إطلاقاً دوره الكبير ككاتب مسرحي ومن أشهر مسرحياته أهل الكهف، شهرزاد، براكسا، بجماليون، سليمان الحكيم، الملك أوديب، وأيضاً بريشت ولد في أوجسبورج ١٨٩٨ وهو شاعر وكاتب ومخرج مسرحي ألماني يعد من أهم كتاب المسرح في القرن العشرين كما أنه من الشعراء البارزين ويعد من مؤسسي وأهم منظري المسرح الملحمي ويقوم مذهبه في المسرح على فكرة أن المشاهد هو العنصر الأهم في تكوين العمل المسرحي فمن اجله تكتب المسرحية حتى تثير لديه التأمل والتفكير في الواقع واتخاذ موقف ورأي من القضية المتناولة في العمل المسرحي وقد كان من أوائل الكتاب الذين دعوا إلى هدم الجدار الرابع مع المشاهد ومن أهم مسرحياته الإنسان الطيب في ستشوان و حياة غاليليو.

*ختاماً، ما الذي يلزم المسرحية كي تكون ناجحة، وما هو وضع المسرح في الحسكة؟

وضع المسرح في الحسكة مأساوي بسبب هيمنة الدراما من أفلام ومسلسلات، نفتقد الممثلين المسرحيين ونفتقد لجميع المقومات، وحتى إننا نفتقد لجمهور متابع للمسرح، وجل ما نقوم به للحسكة مسرحيات ترفيهية للأطفال، وغالبا ما أسافر إلى دمشق من أجل المشاركة في مسرحيات هناك، أما بالنسبة لنجاح المسرحية فيجب توافر فيها عدة عناصر من الفكرة الجيدة والعمل الدؤوب والشخصيات الجيدة واللغة المتمكنة ومؤثرات فنية شاملة وبالتأكيد ممثلين بارعين.