لكل السوريين

ارتفاع أسعار المنازل المؤجرة في حلب… أزمة تفاقم معاناة المواطنين

حلب/ خالد الحسين

تعيش مدينة حلب أزمات متلاحقة، من أبرزها أزمة ارتفاع أسعار إيجارات المنازل، التي باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل المواطنين، حيث ارتفعت الإيجارات إلى مستويات قياسية خلال العام الحالي، لتتجاوز في كثير من الأحيان حاجز المليوني ليرة سورية شهرياً، مما يدفع السكان إلى البحث عن حلول بديلة قد تكون معدومة أو غير متاحة.

في هذا السياق، تحدثت أم أحمد، وهي سيدة أربعينية تقطن في حي الأعظمية، لمراسلنا عن معاناتها مع الإيجار المرتفع، مشيرة إلى أنها تدفع مبلغ 200 دولار شهرياً، أي ما يزيد على مليوني ليرة سورية، لقاء منزل صغير المساحة. وأضافت أن زوجها يعمل بالأجر اليومي، وما يجنيه بالكاد يغطي نفقات المعيشة، ناهيك عن الإيجار، ما يضطره للعمل في أكثر من وظيفة، وأحيانًا الاستدانة من الأقارب لتأمين المبلغ المطلوب، في ظل إصرار مالك المنزل على تقاضي الإيجار مطلع كل شهر.

من جانبه، يقول سمير العلي، نازح من ريف إدلب: “نزحت إلى حلب هرباً من الحرب، لكنني صُدمت بواقع قاسٍ، فأسعار الإيجارات هنا مرتفعة جداً، وخاصة بعد التغييرات السياسية الأخيرة وسقوط النظام البعثي”. وأضاف أن صاحب المنزل الذي يسكن فيه رفع عليه قيمة الإيجار وهدده بالإخلاء في حال التأخر عن الدفع، ما اضطره للبحث عن منزل أقل تكلفة، رغم صعوبة العثور على ذلك.

وترجع أسباب هذه الأزمة إلى عدة عوامل، أبرزها غياب الرقابة الرسمية على تسعير الإيجارات، وعودة آلاف النازحين إلى مدينة حلب بعد الأحداث الأخيرة، فضلاً عن الإقبال المتزايد على السكن في المدينة نتيجة الهجرة من الأرياف، ما تسبب بارتفاع الطلب بشكل كبير.

وأوضح محمد عبد الله عمر، صاحب مكتب عقاري في حي سيف الدولة، أن الأسعار تختلف بشكل واضح بين أحياء المدينة، حيث تشهد المناطق الغربية مثل الفرقان وحلب الجديدة ارتفاعاً ملحوظاً في الإيجارات قد تصل إلى ثلاثة ملايين ليرة شهرياً، في حين تنخفض القيمة في الأحياء الشرقية كصلاح الدين والراموسة إلى أقل من مليون ليرة. وأكد أن الكثافة السكانية وغياب الرقابة من الجهات المختصة ساهمتا في تفاقم المشكلة، رغم صدور قرارات من المحافظة لضبط الأسعار، إلا أنها بقيت دون تفعيل حقيقي.

وفي السياق ذاته، أشار الطالب الجامعي أحمد سعيد، القادم من مدينة الرقة ويقطن في حي الأشرفية، إلى أن طمع المالكين وجشعهم هو السبب الرئيسي وراء ارتفاع الإيجارات، مؤكدًا أن الملاك يستغلون حاجة الناس، دون أي اعتبار للظروف المعيشية القاسية التي تمر بها البلاد، لاسيما ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأجور، ما يجعل الطلاب غير قادرين على استئجار منازل، حتى الصغيرة منها، إذ قد يصل إيجار المنزل الصغير إلى مليون ليرة سورية.

من جهتهم، يبرر بعض المالكين رفع أسعار الإيجارات بعدة أسباب، منها ارتفاع أسعار المواد الأساسية وزيادة العمولة التي يتقاضاها أصحاب المكاتب العقارية. وبيّن صبحي سليمان، مالك أحد المنازل المؤجرة، أنه اضطر إلى رفع الإيجار من مليون إلى مليون ونصف ليرة سورية شهرياً، مبرراً ذلك بغلاء المعيشة وزيادة الطلب على الإيجار، معتبراً أن المبلغ السابق لم يعد كافياً لتغطية نفقات الحياة اليومية.

ويأمل المواطنون أن يتم ضبط هذه الفوضى في سوق الإيجارات من خلال تفعيل دور الجهات الرقابية المعنية، بما يضمن تحديد أسعار تتناسب مع متوسط الدخل ويحفظ كرامة المواطن وحقه في السكن.