لكل السوريين

أكلة شعبية تشتهر بها حمص وتعد جزء من ذاكرتها وتراثها

حمص/ بسام الحمد

تشتهر كل مدينة سورية بنوع معين من المعالم أو الأكلات الشعبية، وترتبط تلك الأكلة أو الصنعة بالمدينة وتبقى وجهة زوارها من غير سكانها، فمثلاً تشتهر دمشق ببوظة بكداش وكذلك بوز الجندي المختص بتقديم الفول والحمص، كذلك تشتهر حمص ببعض أنواع الحلويات.

و”المغطوطة” أكلة حمصية قديمة تتألف من خبز التنور وقشطه الحليب، حيث يوضع الحليب في وعاء كبير ويترك قليلاً من الوقت حتى تتجمع القشطة على السطح ثم توضع قطع خبز التنور على الوجه وتترك قيلاً من الوقت بعدها نقوم بإزالة قطعة الخبز عن السطح ويرش عليها السكر.

ويتم صنع وبيع المغطوطة فجراً من الساعة الرابعة حتى الساعة التاسعة صباحا ً، أما السحلب الصباحي من الساعة الخامسة صباحاً وحتى ساعة الواحدة ظهراً”، والمغطوطة أكلة موسمية، يكثر بيعها في فصل الشتاء، يقول “الحجار”

ثم إن اهتمام الحماصنة بطبق المغطوطة ورواج صناعتها لا يتوقف عند عمر معين، بل تتوارثه الأجيال من حيث تناولها أو حتى العمل في صناعتها، بما يضمن استمرارية هذه الأطباق لأجيال مقبلة، حباً من شيوخ الكار بالمحافظة على استمرارها وجودتها وشهرتها.

والمأكولات الشعبية والحلويات التقليدية جزء هام من ذاكرة الناس تتوارثها الأجيال عبر السنين وترتبط بالذكريات والأماكن والمناسبات ارتباطاً وثيقاً.

قليلة هي المدن التي تتربع الحلويات على قائمة معالمها كمدينة حمص التي ذاع صيتها في سوريا والعالم، بأسماء شهيرة لحلويات عبرت القارات حاملة عبق حجارتها السود لأبنائها المنتشرين في الأصقاع، ويرجع ذلك لوفرة المواد الأولية المكونة لها، مما أغنى ذائقة الناس، وترك لهم حيزاً واسعاً في تنويع أصناف الطعام والحلويات.

ولكل محافظة سورية خصوصية لأطباق تشتهر بها عن سواها، ومن الأكلات الشعبية المشهورة “المغطوطة”، والتي اشتهرت بها مدينة حمص وذاع صيتها بين المحافظات، وعبرت الحدود، وتصنف المغطوطة من الحلويات البسيطة ومادتها الأساسية هي الحليب والخبز والسكر.

لا يزال طبق المغطوطة من الأكلات التراثية السورية التي تشتهر بها محافظة حمص، وتتوارثها جيلاً بعد آخر.

إن اهتمام أهالي حمص بهذا الطبق جعل منه وجبة غذائية أساسية على وجبة الفطور، ويتوفر في المحال المختصة لإعداده منذ ساعات الفجر حتى ساعات الصباح الأولى، مما ساعد في انتشار هذا الطبق وأصبحت الأجيال تتناقله منذ عشرات السنين على موائدها.

وهي أكلة موسمية، يكثر تحضيرها في فصل الشتاء والربيع، ويبدأ صنعها بصب الحليب فور حلبه من البقر أو الماعز أو الغنم في صواني كبيرة، وتكون حرارته 37 درجة ليلامس حرارة الجو البادر في لحظات الفجر، ويترك بحدود ثمان ساعات حتى تظهر طبقة تسمى “الأيما” أو “القيمق”، أي وجه الحليب، وهي طبقة تكون دسمة أكثر من القشطة، ثم يوضع خبز التنور على وجه الصواني حتى يتشرب “الأيما” ويتم صنعها على شكل طبقات، ويقطع ويضاف إليه العسل أو السكر أو القطر، أو يبقى من دون هذه الإضافة حسب رغبة كل شخص وتؤكل باردة”.

والمغطوطة أكلة شعبية يأكلها الدراويش وصغار الكسبة لبساطة مكوناتها ومتعة طعمها ولذتها، فبالرغم من المنافسة الواسعة بين المأكولات والمعجنات وأطباق الفطور والحلويات الحديثة والتي ملأت واجهات المحلات بألوانها وطعومها المتعددة، لكنها لم تزحزح مكانة المغطوطة الحمصية من الموائد وذاكرة الناس .

إن اهتمام الحماصنة بطبق المغطوطة ورواج صناعتها لا يتوقف عند عمر معين، بل تتوارثه الأجيال من حيث تناولها أو حتى العمل في صناعتها، بما يضمن استمرارية هذه الأطباق لأجيال مقبلة، حباً من شيوخ الكار بالمحافظة على استمرارها وجودتها وشهرتها، بالمقابل يلقى ذلك تقديراً من أهالي حمص وزبائنها من المحافظات لطبق المغطوطة الشعبي دفعهم لجعله مرتبطاً بطقوس اجتماع الأسرة وفي المناسبات والأعياد والأفراح وعند تجمعهم في منازل جداتهم، فهي لا تعد حلوى تؤكل فحسب بل هي رائحة الجدات والأمهات وعبق ذكريات ستبقى.