لكل السوريين

الإتجار بالبشر.. الاحتلال التركي ومرتزقته في الصدارة

حاوره/ مجد محمد

يعتبر الإتجار بالبشر هو تجارة الرقيق الحديثة، حيث يتم تجنيد عدد من الأشخاص أو نقلهم أو إيواؤهم بالقوة، بالإضافة إلى الاحتيال عليهم وخداعهم بهدف استخدامهم لمنافع خاصة تعود عليهم بالربح، فيقع الرجال والنساء والأطفال ضحايا لعصابات الإتجار بالبشر مهما اختلفت أعمارهم وخلفياتهم الفكرية والثقافية، وذلك لأن المتجرون يستخدمون العنف والكذب والخداع للسيطرة على الضحايا وإبقائهم في حالة من الخوف والذعر الدائم الذي يجبرهم على تنفيذ جميع الأوامر التي يطلبها المتجرون، ونظراً للاهتمام العالمي المتزايد لمكافحة الإتجار بالبشر حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبار يوم ٣٠ تموز/يوليو اليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالأشخاص في قرارها ١٩٢/٦٨.

وفي هذا الصدد، وبهذا الخصوص عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الحقوقي ربيع السالم، ودار الحوار التالي:

*أستاذ ربيع مرحباً بك بداية، بلمحة بسيطة ما هو الإتجار بالبشر؟

الإتجار بالبشر هو جريمة تنطوي على استغلال شخص ما لأغراض العمل القسري أو ممارسة الجنس التجاري من خلال استخدام القوة أو الاحتيال أو الإكراه، أو تهريب الأشخاص بطريقة غير شرعية أو تغريرهم بالتهريب لاختطافهم وطلب فدية أو حتى المتاجرة بالأعضاء البشرية، ويمكن أن يكون الضحايا أي شخص من جميع أنحاء العالم، النساء والرجال والبالغين والأطفال والمواطنين وغير المواطنين على حد سواء، ويعد الإتجار بالبشر أحد الجرائم التي يعاقب عليها القانون، ويتم تجريمها في كافة الدول والمجتمعات نظراً لأنها تعد أحد أشكال انتهاك حقوق الإنسان.

*ما هي الوسائل المستخدمة في جريمة الإتجار بالبشر؟

عادة ما يتم الإتجار بالبشر بشكل غير مباشر عبر وسائل وطرق تهدف للاحتيال على الأفراد، ويتم ذلك باستخدام أكثر من وسيلة مثل، الاعتماد على أساليب القوة أو العنف أو التهديد بهما، واستغلال السلطة أو التهديد بها، استغلال حاجة الضعف أو الحاجة، وتقديم الاغراءات المادية من خلال إعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الإتجار بشخص أو استغلاله في أعمال غير مشروعة من خلال السيطرة عليه، والسيطرة تحت التهديد، وتوظيف كافة أشكال الخداع، والاحتيال بطرق مباشرة وغير مباشرة.

*كمراحل أولية بشكل بسيط، كيف يتم الإتجار بالبشر؟

المراحل تتمثل في عدة أشكال، كممارسة أشكال التعامل مع شخص طبيعي من خلال/البيع، العرض للبيع، الشراء/، استخدام وسائل معينة لنقل الأشخاص المتجر بهم بإحدى وسائل النقل البرية أو البحرية أو الجوية ويكون ذلك بمقابل أو بدون مقابل من مكان لأخر ودائما ما يكون اجتياز حدود دولة إلى دولة اخرى وذلك بقصد الإتجار بهم، وبعد النقل تأتي مرحلة تسليم الأشخاص المتجر بهم من شخص إلى آخر داخل حدود الدولة أو عبرها بهدف تسيير سبل الإتجار بهم، وتوفير سبل استقبال أو تلقي الذين تم نقلهم أو ترحيلهم داخل الحدود الوطنية أو عبرها بقصد الاتجار بهم أو استغلالهم، وهكذا دواليك ترتكب بقية الجريمة إما بقطعهم الحدود بطريقة غير شرعية أو اختطافهم وطلب فدية من ذويهم، أو اختطافهم لسرقة أعضائهم وغيرها من التصرفات.

*ما هي الأسباب التي تدفع لقيام جريمة الإتجار بالبشر؟

أهم سبب لانتشار ظاهر الإتجار بالبشر هو الفقر، فالفقر قد يدفع بعض الأسر إلى بيع أطفالها، كما يستغل التجار بالبشر حاجة الناس فيستدرجونهم للعمل وفي الواقع يعاملونهم كعبيد ولا يتمكن الفقراء من الاعتراض خوفاً من تعرضهم للابتزاز أو لخوفهم من توقف المنفعة المادية التي يحصلون عليها، وتزايد الطلب على الجنس التجاري، فبعض الأشخاص الذين يعملون في استخدام البشر لغايات جنسية، يقومون بالاتفاق مع الضحايا ويقدمون لهم مبالغ مالية قليلة وبعدها يتم استخدامهم لغايات جنسية، وتقصير قوانين حقوق الإنسان مع بعض الفئات في المجتمع، فبعض الفئات في بعض المجتمعات لا تشملها قوانين حقوق الإنسان وهذا الأمر يعرفه أصحاب الدوافع الخبيثة العاملين في الإتجار بالبشر لذلك فإنهم يستغلون هذه النقطة لصالحهم، والعوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فبعض الفئات تعاني من التمييز في بعض المجتمعات فلا يحصلون على حقوقهم المشروعة في العمل والتعليم وقد يضطرهم ذلك إلى الهجرة غير المشروعة، وأسباب أخرى متعلقة بالمتاجرين أنفسهم، فالأشخاص الذين يمتهنون التجارة بالبشر يقررون ذلك بسبب الأرباح الهائلة التي يجنونها من هذه التجارة، فإذا استخدموا مبدأ السخرة والاستعباد مع بعض الفئات فإن ذلك يعني إجبار هذه الفئات على العمل ساعات طويلة مقابل أجر زهيد في حين أن هؤلاء التجار يحصلون على أموال طائلة من تعب العمال وجهدهم.

*حسب الإحصائيات فأن دولة الاحتلال التركي، تعتبر الدولة الاولى في أوروبا والشرق الأوسط في ارتكاب جرائم الإتجار بالبشر، ما رأيك؟

نعم، تشهد الدولة التركية تصاعد خطير في جرائم الإتجار بالبشر بكافة أشكاله وألوانه، حيث تمارس سلطات الديكتاتور العثماني رجب طيب أردوغان أبشع الجرائم، وتزايدت شبكات الإتجار بالبشر داخل تركيا خلال العام الحالي بشكل مطرد، وذلك من خلال مجموعة متنوعة من الأشكال من بين شبكات الإتجار بالأعضاء البشرية التي تستغل معاناة اللاجئين السوريين والاستغلال الجنسي للنساء القادمات من مناطق مختلفة من العالم، وأن اللاجئين السوريين في تركيا يواجهون أنواع شتى من انتهاكات حقوق الإنسان من بينها عمليات الإتجار بالبشر، حيث يتم استغلال حاجتهم المادية وعدم قدرتهم على العيش، لبيع اعضائهم البشرية وكذلك اجبارهم على العمل في الدعارة والاستغلال الجنسي، بالإضافة إلى أنه تركيا تحتل المرتبة العاشرة حول العالم في تجارة الدعارة وطبقاً للمادة ٢٢٧ من قانون العقوبات القانون رقم (٥٢٣٧) تعتبر ممارسة الدعارة مهنة قانونية في تركيا، كما يوجد أكثر من ١٠٠ ألف من النساء يعملن بالدعارة وبعضهن مجبر على هذا الأمر عن طريق الاختطاف أو الحاجة المادية، هذا بالإضافة إلى وجود ١٨ ألف بيت دعارة مرخص مع حجم استثمارات بقيمة ٧ مليارات دولار كل عام.

*ومرتزقة تركيا، السوريين والجيش الوطني في المناطق التي يحتلونها في شمال سوريا، متورطين أيضاً، ما رأيك؟

بالتأكيد، هؤلاء السوريين الذين باعوا أنفسهم للعدوان التركي وانسلخوا من أصلهم متورطين بتقديم تسهيلات لدولة الاحتلال التركي في جميع ما ذكرته سابقاً، فهم يتفقون مع التجار الأتراك ويقبضون منهم الأموال لبيعهم الفتيات والنساء وذلك عبر ايهامهم بعقود عمل مزيفة، وكذلك متورطين في نوع آخر من جرائم الإتجار بالبشر وهي جريمة تهريب الأشخاص بطريقة غير شرعية، فعناصر مرتزقة الجيش الوطني الذي تقوده دولة تركيا متفقين مع أشخاص يقومون ببث الدعايات عبر وسائل التواصل الاجتماعي مستغلين رغبة الشباب و العوائل في السفر، ويقومون بأيهامهم بتهريبهم إلى تركيا عبر مبالغ زهيدة، وعندما يصل الشباب او العوائل إلى المناطق الخاضعة تحت سيطرتهم يتم اختطافهم وتعذيبهم والتواصل مع ذويهم لتحويل مبالغ طائلة مقابل الإفراج عنهم.

*ختاماً، كلمة أخيرة لك تحب أن تضيفها، المجال مفتوح لك..

الإتجار بالبشر هو قضية معقدة يتطلب القضاء عليها اعتماد نهج متعدد الاختصاصات، ويتطلب مساعي وجهود كبيرة وحتى فرض قوانين عقابية لممارسيها في الدول، وحتى إنه يحتاج إلى تواصل حكومات دول إقليمية مع بعضها البعض لكشف عصابة متورطة بجريمة الإتجار بالبشر، ورغم هذا الشيء فأن الأشخاص قادرين في المساهمة على القضاء عليها، وذلك من خلال الوعي الكافي وعدم الانجرار وراء جميع ما يحصل على وسائل التواصل الاجتماعي وعدم المغامرة والخوض في أحاديث ونقاشات مع أشخاص مجهولين ومن دون معرفة كافية واللقاء بحجة عقود عمل أو تهريب من دولة لأخرى وغيرها.