لكل السوريين

النزوح قدر السوريون.. إلى أين الملجأ؟

تقرير/ مرجانة إسماعيل

منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011، لم يعرف مئات الآلاف من السوريين سوى التشرد والنزوح، سواء داخل بلادهم التي دمرتها الحرب، أو في دول الجوار.

لبنان، البلد الصغير الذي يعيش أزماته الخاصة، استضاف على مدى السنوات الماضية أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري، ليصبح اللاجئون السوريون جزءاً من النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبنان.

لكن مع توالي الأزمات، ابتداءً من تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان إلى الأزمة السياسية والانفجارات التي هزت بيروت، زادت معاناة اللاجئين السوريين بشكل كبير.

واليوم، مع اشتداد الهجمات الإسرائيلية على لبنان وتصاعد الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله”، وجد اللاجئون السوريون أنفسهم في مواجهة نزوح جديد، يضاف إلى سنوات النزوح السابقة.

ووفقاً للأرقام الرسمية الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عبر نحو 300 ألف شخص الحدود إلى سوريا منذ تصاعد القتال في جنوب لبنان، 60% منهم لاجئون سوريون.

لكن هذه الأرقام لا تعكس حجم المعاناة التي يعيشها هؤلاء النازحون، إذ إن آلاف العائلات السورية لا تزال تقبع في العراء، تفترش الشوارع والأرصفة أو تختبئ في البساتين والكروم، غير قادرة على الوصول إلى مأوى آمن.

تحت القصف والدمار، تتزايد الأرقام المروعة التي تعكس حجم الكارثة الإنسانية في لبنان. إذ أُصيب أكثر من 350 سورياً أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة، بينما يعيش عشرات الآلاف في ظروف غير إنسانية، بحسب المفوضية.

ونزح حتى 30 أيلول/سبتمبر 2024، أكثر من 21 ألف لاجئ سوري على مدار الصراع الذي دام عاماً، وفي 23 من الشهر ذاته، نزح أكثر من 8.500 لاجئ سوري، بيوم واحد، بسبب تصعيد الأعمال العدائية في لبنان.

ومع ازدياد أعداد النازحين، دعت المفوضية وشركاؤها إلى توفير تمويل عاجل للاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتفاقمة.

الحكومة اللبنانية قدرت نزوح مليون شخص حتى الآن، فيما باتت شوارع العاصمة بيروت مكتظة بالنازحين الذين لا يجدون مأوى.

وقد أطلقت المفوضية الثلاثاء الماضي، نداءً عاجلاً لجمع 425.7 مليون دولار أميركي لتقديم مساعدات فورية، وتُقدّر حصة المفوضية من هذا النداء بنحو 83 مليون دولار.

رغم أن الحكومة السورية أعفت اللاجئين السوريين من رسوم الدخول لفترة مؤقتة، والتي كانت مقدرة بـ 100 دولار للشخص الواحد، إلا أن العديد من اللاجئين ما زالوا غير قادرين على العودة إلى بلادهم.

وبينما يعاني اللاجئون السوريون من نقص في المساعدات، يواجهون أيضاً تمييزاً في توزيع هذه المساعدات. فإن التفرقة بين النازحين اللبنانيين واللاجئين السوريين أصبحت واضحة، حيث تقتصر بعض المساعدات على اللبنانيين فقط، رغم أن الدول المانحة ترفض توزيع المساعدات على أساس فئوي.

وتحت وطأة الحرب والنزوح، يعيش اللاجئون السوريون في لبنان حياة على الهامش، بين النزوح المستمر والمساعدات المحدودة. ومع اقتراب فصل الشتاء، تزداد الحاجة إلى حلول عاجلة لإنقاذ هؤلاء النازحين من مأساة متجددة. لكن حتى الآن، لا يبدو أن هناك نهاية في الأفق لهذه الكارثة الإنسانية، حيث يبقى اللاجئون السوريون محاصرين بين قصف لا ينتهي ووعود غير محققة.