لكل السوريين

الأزمة السورية إلى أين…؟

حسن مصطفى

أعوام خمسة مضت على جريمة العصر التي وقعت في ظل تخاذل وتواطؤ دولي غير مبسوق؛ تم في وضح النهار، دون أي وازع من اخلاق او قانون يردع مرتكبيها الذين ضربوا عرض الحائط بكل القوانين الدولية والشرائع الإنسانية بعد أن سمحت الإدارة الأمريكية ممثلة بالرئيس ترامب للمحتل التركي أن يجتاح مناطق مهمة في شمال وشرق سوريا وتحديداً في منطقتي تل أبيض (كري سيبي) ورأس العين (سيري كانيه).

وتعد هذه الجريمة جاءت في سياق المؤامرة المستمرة التي تتعرض لها الإدارة الذاتية من قبل أعداء المنطقة، الذين أدركوا أن مشروع الإدارة الذاتية بات وبإجماع كل العقلاء والمنصفين في العالم والوطنيين على امتداد الساحة السورية يمثل النموذج لحل للأزمة السورية التي مضى على اندلاعها أكثر من ثلاثة عشر من السنين العجاف والتي كان ولازال العالم أجمع يتبع حيالها سياسة إدارة الازمة وليس البحث عن حل لها.

وبالرغم من وجود مرتكز أساسي للحل السوري السوري وهو القرار الاممي /2254/ الذي مضى على صدوره من اعلى مرجعيات الشرعية الدولية أكثر من عشر سنوات وبالرغم من ذلك نجد الالمتنفذين والمهيمنين على القرار والسياسة الدولية يعملون جاهدين على تأخير تنفيذه لسببين الأول: أنه صدر عن الأمم المتحدة ممثلة بمجلس الأمن بعد أن توافقت عليه كل الدول الدائمة والمؤقتة فيه ولحرصهم على تغييب وعدم تفعيل دور الأمم المتحدة.

أما السبب الثاني إجماع كل السوريين عليه لأنهم وجدوا فيه السبيل للخروج من أزمتهم التي طالت معاناتهم بسببها والتي ستؤدي في حال عدم إيجاد حل لها إلى تحويل سوريا إلى بلد فاشل وهذا سيعود حتماً إلى شرق أوسط مضطرب ولعشرات السنين، لأن سوريا هي عامل استقرار أقليمي ودولي وبالعودة إلى رأس العين وتل أبيض نجد أن احتلال رأس العين جاء بعد أن اخذت قوات المحتل التركي الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية لتنفيذ هذه الحلقة من سلسلة المؤامرات التي حيكت لضرب مشروع الإدارة الذاتية.

وبالفعل شرع العدو التر كي بالتنسيق مع فصائل المرتزقة السوريين لاجتياح المنطقة حيث بدأت المعركة في التاسع من شهر تشرين الأول لتستمر لمدة أحد عشر يوماً لتنتهي بسقوطها بيد الغزاة الجدد وعملائها المحليين، ومنذ ذلك التاريخ عمت الفوضى والانتهاكات والأعتداءات السافرة التي طالت البشر قبل الحجر في ظل غياب أي شكل من أشكال المساءلة القانونية وهذا الأمر ينسحب على منطقة تل أبيض التي طالها التدمير والتهجير لأبنائها وسلب ممتلكاتهم عدا عن الضحايا المدنين الذين سقطوا جراء العمليات العسكرية التي قام بها الجيش التركي ومرتزقته من الفصائل الا سوريا المسلحة وعمليات الخطف والاغتصاب وانتهاك الحرمات تلك الفصائل التي رهنت امرها وقرارها  للمحتل التركي الذي استخدمهم كأدوات رخيصة لتنفيذ مشروعه التخريبي القذر الذي تجاوز حدود الأقليم عندما قام بتجنيدهم كمرتزقة يقاتلون مرة في ليبيا ومرة في أذربيجان لينتهي دورهم اليوم بتسليمهم قرباناً لعملية المصالحة والتطبيع مع نظام دمشق.

من هنا فإننا نرى أن ما حصل قبل خمس سنوات من تآمر لم تتوقف مسيرته بل استمرت في إصرار مؤكد من قبل الأطراف المتآمرة على تنفيذ مخططهم الإجرامي تجاه المنطقة وشعوبها التي عانت الأمرين من ذلك وفي مقدمة أولئك المتآمرين المحتل التر كي الذي لم يعد خافياً على أي عاقل مستوى تخاذله وتآمره وانكشاف حقيقة تواطؤه وسعيه المحموم لتخريب المنطقة ونشر الفوضى والخراب والفساد وهذا ما جسدته أزمة غزة بعد 7 أكتوبر عندما تبدى واضحاً للجميع مستوى التخاذل التركي ودوره التآمري من خلال صمته تجاه الجرائم المرتكبة من قبل العدو الاسرائيلي ضد أبناء غزة حيقطث نفذ أكبر  حملة إبادة جماعية راح ضحيتها أكثر من مئة وخمسون ألفاً بين قتيل وجريح وكان الموقف التركي مقتصراً على التصريحات السياسية الخجولة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

وبمن هنا فإن مثل هذه المواقف والسياسات المتخذة من قبل الجانب التركي وحلفاءه وداعميه تجاه المنطقة عموماً ومنطقة شمال شرق سوريا خصوصاً يتطلب منا إعادة تقييم لمواقفنا تجاه كل تلك الأطراف المتآمرة من جانب والعمل على الحد من التأثيرات السلبية لتلك السياسات على مناطقنا والشروع بحملة وطنية شاملة لفضح تلك السياسات والمواقف و للتأكيد على مواقفنا الثابتة في الدفاع والمحافظة مكاسبنا وانجازاتنا التي حققناها بفضل التضحيات الجسام التي قدمها أبناء شمال وشرق سوريا في مواجهتهم للمؤامرة وأخطرها كانت حلقة داعش التي كانت نهايتها بداية النهاية لهذا المشروع التآوي الخطير على المنطقة ولما سبق علينا أن نعي تماماً  لواجبنا الذي يحتم علينا رغم كل التحديات والصعوبات التي تواجهنا ان لا نتردد في الدفاع عن مشروعنا مشروع الإدارة الذاتية الذي بات اليوم هو بمثابة الحلم الذي طالما حلم به السوريون من أجل الخروج من دائرة الأزمة التي طال امدها واستفلحت آثارها السلبية على مجتمعنا وهذا المشروع أمسى اليوم بوابة الحل والخلاص للسوريين الذي طال انتظارهم له.