لكل السوريين

أنين المرضى أمام شريعة الغاب

خلال المراحل التي مرت على المدن السورية من الحرب والاقتتال الداخلي والتدخلات الدولية كطرف كان مشجعا للحرب أكثر من أن يكون مشجعا للسلام، نتج لدينا طبقتين مجتمعيتين واضحتين، فكانت الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة، وهنا نلاحظ تراجع النسبة في الطبقة المتوسطة التي كانت الغالبة على المجتمع السوري مع زيادة غير طبيعية في الطبقة الفقيرة.

ومع هذه الزيادة نلاحظ تدني المستوى الصحي لهؤلاء ومع تدني المستوى الصحي نلاحظ غياب صفة الإنسانية عن مهنة الإنسانية.

وإذا كان التعميم مغلوطا لكننا وصلنا لنسبة كبيرة في سيادة شريعة الغاب على مهنة الطب الإنسانية، وهنا تكمن الكارثة في خراب البنية الأخلاقية عند البعض من الأطباء.

ونرى لغة المال تسيطر على هذه المهنة دون الاكتراث للواقع الصعب التي يعانيه الأهالي، ومن هنا نطلق صياحات ومناشدات للأطباء في حال أنتم أبناءنا لا تكترثون لحال أهلكم، فمن سوف يكترث لذلك، ولعلنا بدأنا نسمع عن اتفاقات العهر التي تجري ليلا بمؤامرة على الشعب الفقير بين الأطباء فيما بينهم.

وتكمن أغلب هذه الاتفاقات في ضرورة الإحالة من الطبيب المشخص إلى أطباء أخرون للتحليل والتصوير وغيرها وضمن نسب وفق الاتفاق لضمان الحق المالي لهؤلاء الذئاب من أشلاء الضحية.

ولعل بعض الاتفاقات يسري ضمن زيادة نوع دوائي ليس لحاجة المريض له، وإنما لزيادة حجم مبيعه كونه لم يستجر من الصيدليات وأيضا وفق نسب مالية تضمن حقوق المتفقين على بقايا جسد الفقير التي أنهكتها الحرب دون أي رادع أخلاقي، أو ديني أو مجتمعي.

والهم الغالب جمع المال ليصبح لذا الطبيب سارته الفارهة وقصره المشع ونفقاته في الكافي والمطاعم دون النظر إلى حجم المبلغ المالي في فواتير هذه المطاعم وكحالة إشباع للذات دون الإشباع النفسي التي لا يمكن تحقيقه إلا بخدمة الجميع والعمل لصالح الجميع.

ولعل أغلب أطبائنا اليوم في حالة الركض لاهثين لجمع أكبر من الأموال، ونرى بين هذه الطبقة التي تعتبر طبقة النخبة صراعات وتشهيرات عديدة، ولعلنا كنا نعول على الفئة الشابة في خدمة المجتمع ولكن قبل أن تصلهم دعوات أهاليهم بالمساعدة وصلتهم دعوات كبار الكهنة من الأطباء القدميين إلى المطاعم المرموقة، ليجلسوا على طاولة المؤامرة على دم المواطنين.

وهنا تكمن الكارثة وكون هذه المهنة لا ضابط لها سوى أخلاق الطبيب، فنحن ندعو ضمير هذا الطبيب بأن يكون يقضا ليحدد وجهته وليعرف نفسه وليخدم أهله، ولعل البعض منهم رأينا سعيهم لتطوير الواقع الصحي وحمل الهم العام.ولكن لابد من زيادة الأعداد في هذه الفئة التي تستحق الكثير من الاحترام والتقدير.

وفي نهاية المطاف نود تذكير أطبائنا بأن من تعالجونهم هم أهلكم وإننا والله قد أهلكتنا الحرب فلا تدمرنا وصفاتكم الطبية ولا طلباتكم المخبرية فنحن دونكم لا نستمر وأنتم دوننا لا وجود لكم.