لكل السوريين

ذكريات جميلة تملأها الحسرة، سوريون يستذكرون التلفزيون

التلفزيون العادي اجتاز فترات متباينة خلال المسيرة التاريخية لتطوره، فكان التلفزيون الأبيض والأسود، يتواجد لدى قلة قليلة من أهالي اللاذقية وريفها، واقتصر اقتناء هذا الجهاز على بعض التجار والصناعيين والضباط، ليصبح متوافرا في الأرياف التي وصلت إليها الكهرباء وكانت ضمن نطاق أجهزة البث في فترة السبعينيات، وكان الشخص الذي يملك تلفازا من القامات الاجتماعية التي يقدرها الجميع، لسماحه لهم بالاطلاع على ما يحصل في البلد و العالم حينها، والسماح للجيران والاقارب بالحضور ولساعات طويلة مع ضيافتهم،  وانتقل البث  في سورية إلى الملون عام1976، مع استمرار حلم صعب التحقيق لدى العديد في امتلاك التلفزيون، واستمرت العائلات باقتناء التلفزيون الأبيض والأسود مع انتشار الملون بسبب ارتفاع سعره في تلك الأيام، حتى فترة التسعينيات والانفتاح الذي شهده البلد وإنتاج التلفزيون محليا ماركة سيرونكس، وتخفيف قيود الاستيراد حتى أصبح الجميع يقتنون أكثر من جهاز في كل غرفة وربما حتى في المطبخ، قصص كثيرة حول حلم العائلات باقتناء التلفزيون، وأخذ القروض والتسجيل في مؤسسات الدولة، أما اليوم ومع التطور التقني المتسارع ودخول أجيال جديدة من التلفزيونات الملونة والشاشات  فقد بات وجود التلفزيون العادي عاديا في أغلب المنازل، وربما له دلالة على الفقر وضيق الحال.

السيد أبو دريد وهو من أهالي قرية بطغرامو بريف اللاذقية البعيد يتذكر ويقول: كنا بالبداية نجتمع في أحد المنازل من مختلف الاعمار ونساء وذكور ننتظر مسلسلا ونحكي مسلسلات بعد كل حلقة من المسلسل، ونشرة الاخبار وبعدها نحلل الاخبار بشكل سطحي وبسيط، وبعض الأغاني لمطربين من سورية ولبنان ومصر والجميع يدندن فيها بعد سمعها.

السيد نور الدين أبو قاسم من قرية البرغلية، بين لنا وقال: أجمل شيئ ايم زمان كانت التلفزيونات تستهلك اوقاتنا وتسلياتنا، فيومنا يمتلئ بحكايات البارحة من مسلسلات واخبار واغاني، ونحلل كل شيئ بمنظورنا البسيط والسطحي لمختلف الأمور ونقارن النساء مع نساءنا وبناتنا ونضحك ونهزأ من كثير من الشغلات.

ام اما السيدة اميمة وهي من قرية بيت ياشوط، فقالت لنا: كنا نذهب الى بيت المختار ابتداءا من غيبة الشمس وكل منا يحجز مكانه لنسهر على التلفزيون، ونراقب المذيعات وما لباسهن وكيف يتكلمن ومن ثم نشاهد المسلسلات والممثلات وقصص المسلسلات لنتكلم بها ونحكي عنها وما هي احتمالات الاحداث ليوم غد، ونهتم كثيرا بالأغاني والمطربين والمطربات، وما هي الأصوات الجميلة، وماهي البستهم وكيف يسوون شعرهن، وبعض الصبايا اصبحن يقلدن مشية وشعر وكلام بعض الممثلات والشباب يقلدوا بعض حكي الممثلين وكلامهم وقصة شعرهم، كانت أيام جميلة فيها كل شيئ حلو حتى الفقر والتعتير، لكن الناس كانت تحب بعضها.

السيد أبو منير تدخل وأضاف قائلا: هذه الأيام أصبح أولادنا يتابعون الموبايلات والشاشات المرتبطة بالأنترنت، وفيها برامج وافلام من متلف الانواع والقيمة، بالرغم من انني مع زوجتي الختيارة مثلي نتابع بعض البرامج اثناء مجيء الكهرباء ولوحدنا، وإذا طرأ عطل ما فان الأولاد يتكفلون بذلك.

السيد غسان وكان يعمل في إصلاح التلفزيونات العادية قال: إنه عمل بمهنة اصلاح التلفزيونات لمدة لا تقل عن 40 سنة وبعد ذلك ترك هذه المهنة لأنها لم تعد تطعم الخبز وتقدم بالعمر، والناس قليلا جدا أصبحت تصلح تلفزيونها بعد انتشار الشاشات وبعد قطع الكهرباء المتواصل ولساعات عديدة فلا الناس تتفرج ولا نحن لم نعد نستطيع العمل، علاوة على كل ذلك هنالك ندرة بقطع الغيار للتلفزيون القديم ولا هو مع قطع الكهرباء يمكنه العمل على البطاريات، وقسم كبير من الأهالي كانوا يبيعونه بملغ2000 الى 3000 ل.س، والان يمكن ان يعرض علي جهاز بأعلى سعر له مبلغ حوالي ال10الاف  ليرة،  وبدوري كنت ابيع أي جهاز عندي بزيادة 2000ليرة لاحدهم كي يستفاد من قطعه،  والبعض يتركه بالمنزل كقطعة أثرية موجودة في إحدى الغرف ولم يطاوعه قلبه ببيعه.