تقرير/ بسام الحمد
لعل التنقيب عن الآثار واحد من أكثر الجوانب المظلمة في الحرب السورية، ورأينا كيف كانت تنظيمات متطرفة مثل “داعش” تمتهن تجارة الآثار مع غيرها من تنظيمات وشبكات أفضت بمجملها إلى أن يشاهد السوري تاريخ بلده وقد صار في المتاحف الأوروبية.
الآن يعمل منقبون، سواء منفردين أو ضمن مجموعات صغيرة، لحساب أنفسهم، وهم في الغالب أشخاص عاديون ليس لبعضهم خلفيات إجرامية أو جنائية، فلدى اعتقال عدد من أولئك وهم يبحثون عن الآثار، تبين أن كثيراً منهم يواجه قضية جنائية للمرة الأولى.
استغل هؤلاء الحرب والتفلت والدمار وانعدام سيطرة الحكومة السورية على كامل أراضيها، فضلاً عن الروايات المتناقلة عن منقبي الآثار الذين وجدوا مرادهم وصاروا اليوم في مصاف الأغنياء.
وتكتنز الأراضي السورية ثروات تعادل عشرات أو مئات أضعاف ما اكتشف فيها، وكل تلك الثروات جعلت الأنظار تتجه إلى مواقع تنقيب سرية جديدة بصورة غير شرعية.
تشهد عموم المناطق السورية، عمليات تنقيب مستمرة بحثاً عن الآثار والعملات الذهبية واللقى النفيسة، وإن كان تنامي تلك الظاهرة مرتبطاً بصورة أساسية بالحرب، فإن كثافتها تختلف من مناطق لأخرى، بل من أزمان اشتدت فيها الحرب لأخرى خفت فيها صوت البنادق.
تكتنز الأراضي السورية ثروات تعادل عشرات أو مئات أضعاف ما اكتشف فيها، بدءاً من موقع “عين الفيل” على مسافة 90 كيلومتراً شمال تدمر بوسط سوريا، ويعود لقرابة مليوني عام، حيث وُجد هناك أقدم استيطان في المنطقة، وصولاً إلى جرار الذهب المدفونة، وكل تلك الثروات جعلت الأنظار تتجه إلى مواقع تنقيب سرية جديدة وبصورة غير شرعية.
بين كل تلك الفوضى “الفردية” في السعي نحو المال الحرام، يمكن التمييز بين أولئك المنقبين سراً، فبعضهم عثر على مراده واكتفى، هاجر أو أجرى عملية غسيل أموال ولا يزال يعيش بصورة طبيعية. وآخرون ملوا بعد أشهر أو أعوام من البحث، وعرفوا أن لا طائل مما يفعلونه، وأن الحظ لن يحالفهم، وفريق ثالث لا يزال حتى اليوم يبحث من دير الزور شرقاً إلى اللاذقية جنوباً، ومن حلب وإدلب شمالاً إلى درعا والسويداء في الجنوب.
ومن جهة قانونية فإن قانون العقوبات السوري المرتبط بالآثار مع تعديلاته يقضي بحبس كل من أقدم على تهريب الآثار أو حاول تهريبها بالسجن من 15 إلى 25 سنة، ومن 10 سنوات إلى 15 سنة لكل من سرق أثراً ثابتاً أو منقولاً أو ألحق ضرراً جسيماً به أو قام بعملية الاتجار به.
ويعاقب بالاعتقال من خمس سنوات إلى 10 سنوات وبالغرامة من 25 ألفاً إلى 500 ألف ليرة كل من خرب أو أتلف أو هدم أثراً أو صنع قطعة أو قطعاً تشوه الحقائق التاريخية أو أسبغ عليها الصفة الأثرية.
واتخذ قانون الآثار المعدل بمرسوم تشريعي عام 1999 أشد العقوبات بحق من يمتهن التعامل أو التنقيب عن الآثار، مضيفاً أن العقوبة تشمل من قام بالتنقيب عن الآثار في أرض تعود ملكيتها له، أو كانت أرضاً لا يملكها، وفي حال عُثِر مصادفة على قطعة أثرية فعلى من يجدها تسليمها ضمن مدة لا تتجاوز بأي شكل 24 ساعة إلى السلطات المختصة وإلا أصبح شريكاً في الجريمة.