لكل السوريين

الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية يؤثر على النسيج الاجتماعي في إدلب

إدلب/ عباس إدلبي

للوهلة الأولى يتساءل القارئ عن العامل المشترك ما بين الوضع الاقتصادي والفقر، وما بين النسيج الاجتماعي وحياة الفرد.

ومن خلال قراءة دقيقة للواقع المعيشي في شمال غرب سوريا عامة وفي إدلب بشكل خاص، نلاحظ الكم الهائل من علامات التباعد المجتمعي والأسري وظاهرة التفكك واضحة على أبواب المحاكم وفي أروقتها. ناهيك عن حالات الاقتتال وعودة ظاهرة الثأر تطفو من جديد.

ومن خلال قربنا من الواقع المعيشي لابد لنا من تقديم دليل الربط بين الحياة المعيشية والفقر، وآثارها على النسيج الاجتماعي، فكان لابد من إجراء استطلاع حول هذا الموضوع فما كان لنا هدف إلا زيارة محكمة الأحوال المدنية في إدلب، والتي تعني بفض الخلافات الشخصية كالطلاق والإرث وغيرها من المشاكل.

وعند وصولنا وبالقرب من المحكمة لاحظنا الكم الهائل من المواطنين ينتظرون دورهم للمثول أمام قضاة الأحوال الشخصية بحسب أقوال منظم الدور، وفي الناحية الأخرى عدد من المحامين أيضا شاهدناهم يتباحثون فيما بينهم حول قضايا موكليهم.

الأمر على ما يبدو يتوافق مع العنوان للمقال، إنما لابد من الاقتراب أكثر لنعرف أسباب تجمع تلك الأعداد، وماهي نوع القضايا لنعرف مدى صح المقولة.

فكان بداية مع الأستاذ نزار، وهو محامي وموكل بإحدى القضايا، وكان سؤالنا له هل هناك رابط ما بين الفقر وتفكك النسيج الاجتماعي.

وقال نزار: “للفقر آفات عدة وأهم آفات الفقر الانحلال الأخلاقي وزيادة معدلات الجريمة وارتفاع حالات الطلاق، وأغلب القضايا المتداولة هي حالات الطلاق والإرث”.

وأضاف “الفقر عنصر أساسي لزيادة التفكك الأسري وانهيار النسيج الاجتماعي، حيث البطالة وعدم قدرة رب الأسرة على تأمين أدنى متطلبات الحياة كان دافعا لزيادة معدلات الطلاق”.

وخلال جولتنا أيضا كان لنا حديث مع عدد من المراجعين الذين حضروا للمحكمة للمثول أمام القضاء، ومن بين الذين التقينا معهم السيد عدنان وهو من مهجري معضمية الشام.

وعند سؤاله عن سبب زيارته للمحكمة أجاب “زوجتي رفعت ضدي دعوى طلاق بعد زواج دام خمس سنوات، إنني مهجر من ريف دمشق تزوجت بعد تهجيرنا من بلدنا بسبب الحرب وأقيم بمخيم على الحدود التركية، ولكن بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة والفشل بتأمين مستلزمات الحياة اليومية دفع زوجتي لرفع دعوى ضدي وتريد الطلاق مع العلم أن لي ثلاثة أطفال منها”.

والتقت صحيفتنا مع رجل في العقد الخامس من عمره، وقد ظهر عليه آثار القهر، وحين سؤاله عن سبب مجيئه للمحكمة أجهش بالبكاء معللا عن قهر لا يتحمله الرجال، وقال “أنا من مدينة ادلب أملك منزلا ورثناه عن والدي وأقطن به منذ ثلاثون عاما، وبسبب الأوضاع الاقتصادية قام أشقائي برفع دعوى ضدي بهدف بيع البيت وأخذ حصصهم الإرثية منه بسبب فقرهم، وعلى إثرها أصدرت المحكمة قرارا بإخلاء المنزل خلال فترة وجيزة، وأنا فقير ولا أقدر على استئجار منزل في ظل ارتفاع إيجارات البيوت”.