لكل السوريين

التجربة البرلمانية السورية 14

إعداد/ لطفي توفيق 

تعتبر التجربة البرلمانية في سوريا من أولى التجارب في المنطقة، حيث تم انتخاب أول مجلس نيابي في بلام الشام، التي كانت تضم سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، في السابع من حزيران عام 1919، تحت اسم المؤتمر السوري، وعقد أول اجتماع له في دمشق بمشاركة 85 نائباً، ومثّل أول صيغة برلمانية فريدة من نوعها في الوطن العربي.

وتتالت التجارب البرلمانية في سوريا تحت تسميات مختلفة.

وقبل ذلك، بدأت محاولات أولى للتجربة البرلمانية، ولكنها كانت تتهمش أو تتعطل أو تلغى، بسبب فرمانات الإمبراطورية العثمانية، أو قرارات الانتداب الفرنسي، أو عدم الاستقرار السياسي وتتالي الانقلابات العسكرية في مرحلة الاستقلال وما بعدها.

ورغم قصر هذه التجارب، وتعثرها غالباً، لكنها ساهمت في بلورة العمل البرلماني، وتراكم الخبرات خلال هذه التجارب، قبل أن تصل إلى مرحلة النضج في بعض مراحلها.

انتخابات عام 1961

في أواسط الخمسينات من القرن الماضي، تطورت العلاقات بين سوريا والاتحاد السوفييتي، وبدأت علاقاتها تسوء مع الغرب، ودخلت البلاد في متاهات الحرب الباردة وما نتج عنها من قيام أحلاف وتكتلات في منطقة الشرق الأوسط.

وفي عام 1957، بلغ التوتر بين سوريا وتركيا ذروته، وكادت الخلافات بين البلدين أن تصل إلى حد المجابهة العسكرية، عندما حشدت تركيا قواتها على الحدود مهددة بغزو سوريا.

وكانت التوترات بين التكتلات والأحلاف في المنطقة، والتهديدات الغربية، أحد العوامل التي دفعت السوريين إلى الاتحاد مع مصر، إضافة إلى تعلق معظم السوريين بالرئيس جمال عبد بعد العدوان الثلاثي على مصر.

وفي 5/2/1958، وافق البرلمان السوري على اتفاقية الوحدة، وتحويل سورية إلى إقليم شمالي في الجمهورية العربية المتحدة، وترشيح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية، وحلت الأحزاب السياسية في سورية نفسها.

وفي 21 من الشهر نفسه، جرى الاستفتاء على الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الذي نص فيما يختص بالسلطة التشريعية على أن يتولاها مجلس سمي بمجلس الأمة، على أن يكون نصفه من مجلس النواب السوري، والنصف الآخر من مجلس الأمة المصري.

وكان الحزب الحاكم في الجمهورية العربية المتحدة حزب “الاتحاد الوطني”، الذي أسسه جمال عبد الناصر.

وفي 28 أيلول عام 1961 تم الانفصال بين سوريا ومصر، بانقلاب عسكري قاده العقيد عبد الكريم النحلاوي.

وتم وضع دستور مؤقت في كانون الأول من العام نفسه، لم يغير كثيراً من مواد دستور الوحدة، بل كان نظام الحكم في هذا الدستور هجيناً بين البرلماني والرئاسي، وأعطى لرئيس الجمهورية حق حل المجلس النيابي.

في شهر أيلول من العام 1962، تم إقرار دستور جديد، من 166 مادة، وبقي معمولاً به حتى شهر آذار من العام 1963.

الانتخابات التشريعية عام 1961

وهي أول انتخابات تجري في البلاد منذ عام 1954، وتمت في اليوم الأول والثاني من شهر كانون الأول عام 1961، وأجريت على أساس الأصوات البسيطة، كما كانت في الانتخابات السابقة، وتم رفع عدد مقاعد المجلس النيابي من 140 إلى 172، وبلغت نسبة المشاركة فيها 84% وهي أعلى نسبة من المشاركة في تاريخ الانتخابات السورية.

وفاز بها المستقلون بأكثر مقاعد البرلمان حيث حصلوا على 84 مقعداً، بيمنا حصل حزب الشعب على المركز الأول وفاز بـ 33 مقعداً، وحصل الحزب الوطني على 21 مقعداً، وحزب البعث على عشرين مقعداً، والإخوان المسلمون على عشرة مقاعد، وحركة التحرر العربي على أربعة مقاعد.

وهذه الانتخابات آخر انتخابات نيابية قبل أن يتحوّل البرلمان السوري، إلى مجلس الشعب منذ عام 1963، وتتلاشى التعددية السياسية.