لكل السوريين

الفستق الحلبي… كنز زراعي مهدد في ريف حلب وسط ضعف الدعم وخطر الألغام

حلب/ خالد الحسين

يُعد الفستق الحلبي من أبرز المحاصيل الزراعية الاستراتيجية في سوريا، ويشكّل مصدر دخل رئيسي لآلاف العائلات في مناطق ريف حلب، إدلب، وحماة، بفضل طعمه الفريد وجودته العالية التي جعلته مطلوباً في الأسواق المحلية والعالمية، وخاصة في صناعة الحلويات. لكن هذا الكنز الزراعي بات مهدداً اليوم، وسط تحديات متعددة، أبرزها ضعف الدعم الحكومي وانتشار الألغام في الحقول.

في حديثه لـ”السوري”، قال المزارع أحمد الخلف من منطقة النيرب؛ “كنا نعتمد على هذا المحصول لإعالة عائلاتنا طوال العام، لكن الحرب قلبت حياتنا رأساً على عقب. نحتاج إلى دعم حكومي حقيقي حتى نتمكن من النهوض من جديد”.

ويُزرع الفستق الحلبي بين شباط وآذار، ويُحصد عادة في الفترة الممتدة من أواخر آب وحتى منتصف أيلول، عندما تنضج الثمار ويتغير لون قشرتها الخارجية. ويتطلب المحصول مناخاً جافاً وتربة جيدة التصريف. ورغم ملاءمة البيئة السورية لهذا النوع من الزراعة، فإن الإنتاج تراجع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

ويعزو المزارعون هذا التراجع إلى قلة الدعم، ودمار أجزاء واسعة من الأراضي بفعل الحرب، بالإضافة إلى الخطر المتزايد من الألغام المنتشرة في الأراضي الزراعية.

وفيمن ريف حلب الغربي، يروي المزارع عدنان الحسين مأساة عائلته قائلاً: “في الموسم الماضي انفجر لغم بابن أخي أثناء عمله في الحقل. لم نعد نزرع بعض الأراضي رغم خصوبتها خوفاً على أرواحنا”. وأضاف: “نحتاج إلى فرق متخصصة لإزالة الألغام قبل أن نفكر في العودة إليها”.

ويؤكد العديد من المزارعين أن الحقول الخصبة باتت مهجورة، ليس فقط بسبب الألغام، بل أيضًا نتيجة لانعدام البنية التحتية، وارتفاع تكاليف الزراعة في ظل غياب الدعم الرسمي.

وبدوره المزارع سالم عبود عبّر عن معاناة المزارغ قائلاً: “لا نحصل على الأسمدة، والمازوت الزراعي شبه مفقود، وكل التكاليف على نفقتنا الخاصة. كيف سنستمر؟ نطالب السلطة بالتدخل لإنقاذ ما تبقى من محاصيلنا”.

وفي تعليق من أحد المسؤولين في مديرية الزراعة بريف حلب، قال لـ”السوري”، إن “المديرية تدرك حجم التحديات، وتبذل جهوداً لتأمين بعض مستلزمات الزراعة، لكن ضعف التمويل العام، والحاجة للتنسيق مع المنظمات الإنسانية بخصوص نزع الألغام، تؤخر تحقيق النتائج المرجوة”.

ويحذّر مراقبون من أن استمرار الأوضاع الراهنة قد يؤدي إلى اندثار هذا المحصول الذي يُعد رمزًا للهوية الزراعية في ريف حلب، مشددين على ضرورة وضع خطة وطنية شاملة تشمل إزالة الألغام، توفير مستلزمات الإنتاج، وتسهيل عملية التصدير بما يضمن حقوق المزارعين.

في ظل هذه التحديات، يبقى الفستق الحلبي محاصرًا بين الألغام والإهمال، فيما يواصل آلاف الفلاحين التمسك بأرضهم رغم كل الصعوبات، على أمل أن يعود هذا القطاع الحيوي إلى الازدهار من جديد.