لكل السوريين

انعدام المحروقات والصيد العشوائي والديناميت.. تلخص صعوبة الصيد في جبلة

اللاذقية/ سلاف العلي 

سورية من الدول الغنية بالثروة السمكية، البحرية والنهرية، وتمتلك واجهة بحرية، إضافة لغزارة نهر الفرات بالأسماك، ونهر العاصي وبعض الأنهار الداخلية.

هنالك المئات من الصيادين في جبلة يعملون بالصيد منذ عشرات السنوات، ويعتبر صيد الأسماك عملهم الرئيسي، ومصدر عيشهم الوحيد.

ويعاني صيادو جبلة بالقوارب من مشاكل مضاعفة هذه السنة قياسا بالسنوات الماضية، حيث يعاني أغلبيتهم من عدم القدرة على تحصيل قوتهم، بسبب قرارات حكومية قيدت حركتهم، إضافة لانعدام الوقود والمواد الأولية، إذ تمتد المشاكل لتصل إلى صعوبة التصريف، حيث لم يعد السمك وجبة أساسية لدى اهل الساحل، الذين اتجهوا نحو أشياء أكثر أساسية، مثلهم مثل باقي السوريين.

يقول لنا أبو سليم صياد سمك معروف منذ اكثر من 15سنة وعنده قارب: منعوا صيد السمك بالسنارة, من اجل إيقاف عمل الصيادين الهواة, بالرغم من أن الصيد بواسطة السنارة لا يشكل أي مخاطر على بنية الثروة السمكية، ولا يمثل اعتداء على المهنة، لكن سبيل للعيش ,لكنهم لم يقوموا ولا باي خطوة تجاه ظاهرة استخدام التجريف, وأصابع الديناميت للصيد، حيث تؤدي هاتين الطريقتين إلى مخاطر على الثروة السمكية.

ويضيف “لقد عادت ظاهرة الصيد باستخدام مراكب الجرف، رغم  ان هذه الطريقة ممنوعة,  ومن المتعارف عليه أن الصيادين الذين يقومون بهذه الطريقة لديهم علاقات أمنية تجعل الجهات المسؤولة غير قادرة على إيقافهم, وهنالك الكثيرين  من الصيادين في سواحل جبلة، يقومون بالصيد عبر استخدام أصابع الديناميت, بالرغم من انه في عام 2004 منعت وزارة الزراعة في الحكومة السورية، طريقة الصيد بالتجريف، والصيد بأصابع الديناميت، من أجل حماية الثروة السمكية, لان مخاطر الصيد بقوارب الجرف والديناميت، أنها تقتل الأسماك الصغيرة قبل أن تنضج، وتطيح بالأسماك الإناث الصغيرة قبل أن يتم تلقيحها”.

خالد أبو فاروق وهو صاحب مركب صيد يشرح لنا ما يلي: كانت مهنة الصيد تؤمن دخله ودخل أسرته طيلة السنوات الماضية، ورثت مهنة الصيد عن والدي، وهي مهنتي الرئيسية منذ الطفولة، فقد قضيت أكثر من 23سنة , اتجول يوميا في البحر داخل قاربي، ولكن اليوم ابحث عن مهنة جديدة، بعد أن يئست من قدرتي على تأمين طعامي وشرابي ، من هذه المهنة, كانت الأمور منيحة فيما مضى , وكنت أصيد وأبيع بشكل يومي ما يحقق لي دخلا مقبولا أعيش به ، ولكن اليوم أصبحت هذه المهنة غير مفيدة, وما تجيب همها, أن أكثر ما دفعني لترك المهنة هو إهمال الحكومة للصيادين، وعدم اتخاذ إجراءات لوقف الصيد غير الشرعي.

ويضيف “الذي يجعل بقية الصيادين يمكثون ساعات في البحر، دون اصطياد أي سمكة , إضافة الى وجود قرارات تضيق عمل الصيادين مثل إلزامهم باستخراج موافقة أمنية للصيد، وتحديد ساعات الصيد وضعف القدرة الشرائية للسوريين, جميع القرارات الحكومية، أدت إلى تفاوت بين الصيادين، فمنهم لديهم علاقات أمنية ويصيدون بكل الطرق المشروعة، وغير المشروعة، ويعودون في كل يوم ومعهم براميلا ممتلئة بالأسماك، وبالمقابل هناك صيادين في جبلة منعوا من استخدام السنارة، وباتت الشبكة هي الطريقة الوحيدة، والتي لا تفلح في صيد كمية كافية من الأسماك في كل مرة، هكذا أصبح هناك صيادا غنيا وآخر فقيرا”.

أبو جمال صياد قارب منذ أكثر من18سنة قال لنا: أن أكبر مشكلة تواجه الصيادين في جبلة، هي عدم توفر مادة المازوت لتشغيل المراكب، ولم يخرج للصيد منذ أكثر من شهر بسبب عدم وجود المازوت، وأن هذا السبب بحد ذاته كافيا للبحث عن مهنة أخرى, نحن نخرج للصيد ليلا او بالفجر، وانتهي من العمل قبل الظهر، حيث اتوجه بصيدي إلى سواق السمك، وهناك لا يتم فرز السمك، بل يتم بيعه ضمن مزاد علني (شيلة واحدة) ما يجعل الصياد يخسر مبالغ كبيرة من قيمة الأنواع الفاخرة من الأسماك، ثم يقوم التجار بعد ذلك بفرز جميع ما اشتروه، ويضعون له تسعيرة تزيد أو تنقص، حسب العرض، والطلب في الأسواق.

وتحدث أبو كامل وهو من صيادي القارب المعروفين: عن تأثير الحجوزات التعسفية التي يقوم بها عناصر حماية المرافئ بين فترة وأخرى في زيادة تطفيش الصيادين من المهنة، ويستغل هؤلاء العناصر القوانين الجديدة التي أصدرتها المحافظة بضرورة ابتعاد جميع قوارب الصيد عن اليابسة لمسافة لا تقل عن 500 م، بينما في السابق كانت مسافة 10 أمتار كافية, واكد لنا : أن عناصر المرافئ الموجودين على الشاطئ لا يلتزمون بالقانون وتتم الحجوزات بشكل تعسفي لاستغلال الصيادين وإجبارهم على دفع رشاوى مالية ,أن تهميش الصيادين ومعاقبتهم أدى بهم الى الافقار.

وتعد مهنة الصيد مهنة بسيطة، حيث تمارس بقوارب صيد تقليدية، يشتغل عليها أبناء المنطقة تدر عليهم ما يقيهم بؤس الحال ومصاعب العيش والبطالة.

وتعتبر قوارب الصيد هي المصدر الوحيد للعيش بالنسبة لهؤلاء الصيادين، تغنيهم عن الاعمال غير القانونية كالتهريب، المخدرات والاتجار في البشر.

وتعد هذه القوارب بالنسبة لهم، هي مسألة حياة أو موت، لأنها المورد الوحيد لعيشهم، أن الصيد البحري هو شريان الحياة لنا وللاقتصاد المحلي، حيث يشتغل فيه 30 بالمئة من القوى العاملة في جبلة، ويجلب ميناء المدينة وحده، ما يقارب 20 ألف طن من الأسماك سنويا.