لكل السوريين

تصاعد حدة الاحتجاجات في إيران.. ونظامها يرد بحملة قمع لإخمادها

تقرير/ محمد الصالح

تصاعدت حدة الاحتجاجات في شوارع خوزستان جنوب غربي إيران بسبب نقص المياه، فيما شهدت طهران تظاهرات هتف خلالها السكان بشعارات مناهضة للحكومة.

وعلى مدار الأسبوع الماضي، خرج المتظاهرون الإيرانيون إلى شوارع محافظة خوزستان في مشهد غضب يتكرر غالباً بالمنطقة ذات الأغلبية العربية، لكن الأوضاع المعيشية كانت هي المحرك الرئيسي للاحتجاجات الجديدة.

وردت السلطات الأمنية بحملة قمع بهدف إخماد هذه المظاهرات التي تأتي في وقت تشهد فيه البلاد مرحلة انتقالية استعداداً لتولي الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي، منصبه بصفة رسمية.

وبثت قنوات ناطقة بالفارسية من خارج إيران، مقاطع فيديو قالت إنها لاحتجاجات في مناطق عدة من خوزستان، مثل إيذه، سوسنكرد، ماهشهر، الأهواز وحميديه، مشيرة الى أن قوات الأمن تعاملت بالشدة مع المحتجين.

وأظهرت المقاطع مئات الأشخاص يتظاهرون في الشوارع مرددين هتافات تنتقد السلطات، بينما أحاط بهم عدد من رجال شرطة مكافحة الشغب.

كما أظهرت نساء يهتفن “تسقط الجمهورية الإسلامية” في محطة مترو بطهران، فيما عبر آخرون في العاصمة عن غضبهم بهتافات ضد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

تخدير موضعي

يواجه الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي، المعروف بموافقة المتشددة تجاه المعارضة السياسية، اختباراً حقيقياً في كيفية التعامل مع المظاهرات الحالية في ظل رغبة طهران بتخفيف وقع الأوضاع الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الأميركية من خلال العودة للاتفاق النووي.

ويرجح المراقبون أن يتعامل النظام مع الاحتجاجات بهدوء في هذه المرحلة، خاصة أن الرئيس الجديد يواجه ملفات كبرى وشائكة متمثلة في الاقتصاد والعلاقات الخارجية والمفاوضات النووية التي تتطلب الهدوء تجنباً لإشعال فتيل الغضب في المدن التي تعاني وضعاً معيشياً صعباً.

ويعتقد المراقبون أنه يمكن أن يسعى النظام الإيراني لتهدئة الأوضاع بحلول تخدير موضعية إلى أن يتمكن الرئيس الجديد من الاستقرار في منصبه.

دعم عالمي للمظاهرات

أعربت العديد من الدول، والمنظمات الدولية عن دعمها وتأييدها للمظاهرات الحالية في إيران،

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية دعم واشنطن لحق الإيرانيين في التجمع بشكل سلمي والتعبير عن رأيهم.

ووفقا للمتحدث باسم الوزارة ، فإن “الإيرانيين كغيرهم من الناس يجب أن يتمتعوا بهذه الحقوق من دون خوف من العنف والاعتقال التعسفي من قبل قوات الأمن”.

وكشفت الصحف الأميركية أن إدارة الرئيس بايدن تدعم حقوق الإيرانيين في التجمع السلمي والتعبير عن أنفسهم، وهو حق يجب أن يتمتعوا به دون خوف، وتؤكد الإدارة على حقوق المتظاهرين في التعبير، وتدين القمع الأمني.

كما أدان أعضاء في الكونغرس الأميركي الحكومة الإيرانية لرد فعلها العنيف على المتظاهرين.

وبدورها قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن السلطات في إيران استخدمت القوة المفرطة ضد المحتجين في محافظة خوزستان الذين خرجوا احتجاجاً على انقطاع المياه عن مناطقهم.

وطالبت طهران بإجراء تحقيقات تتمتع بالشفافية بشأن ثلاث حالات وفاة على الأقل وقعت بين المتظاهرين، ومحاسبة المسؤولين عنها.

وأشارت المنظمة إلى أن السلطات الإيرانية لديها سجل مقلق من الاستجابة بالرصاص للمحتجين المحبطين من الصعوبات الاقتصادية المتصاعدة وتدهور الأحوال المعيشية.

سياق تاريخي

يرى المتابعون للشأن الإيراني أن دافع الغضب الشعبي الجديد في المنطقة هو التمييز العنصري الذي تبلور من خلال تعمير المدن الفارسية الصحراوية مثل أصفهان وكرمان، على حساب تدمير إقليم خوزستان.

وتمثل موجة الغضب الجديدة تحدياً جديداً للنظام الإيراني الذي يواجه مجموعة ملفات مؤرقة، وسط مخاوف من أن تكون احتجاجات المياه شرارة لاشتعال مظاهرات أكبر في بقية مدن البلاد.

وبالرغم من أن شرارة الغضب بدأت بسبب شح المياه المخصصة للشرب والزراعة، فإن لهذه الاحتجاجات إطار تاريخي، بحيث لا يمكن إخراج هذه المظاهرات من سياقها التاريخي منذ احتلال الأهواز التي كانت تحت الحكم الذاتي، حيث تعرض أهلها إلى مجازر كبرى على خلفية سرقة النظام الإيراني لثروات المنطقة الغنية بالنفط.

يذكر أن سكان محافظة خوزستان من الأصول العربية، يعانون من التمييز العنصري، والإهمال المتعمد من قبل الأنظمة الإيرانية المتعاقبة منذ عهد الشاه رضا بهلوي الذي ضم المنطقة إلى الدولة الفارسية عام 1925، واستمر الوضع على ما هو عليه في عهد النظام الحالي.

وفي ذات السياق هزت المحافظة صدامات دامية، وتفجيرات عدة في عام 2005.