لكل السوريين

محافظة السويداء.. جدل حول الموقف من سلطة دمشق وقلق من تصاعد التوترات

شهدت محافظة السويداء انقسامات حادة حول الموقف من السلطة الجديدة في دمشق، وتصاعد التوتر والاضطرابات الأمنية بعد عملية سطو مسلح نفذها مسلحون على مستودع تابع لمديرية الاتصالات بريف المحافظة الغربي.

وقتل شاب من عشائر ريفها الجنوبي وأصيب شقيقه، في محيط المستودع خلال حالة الفوضى رافقت عمليات نهبه.

كما تم توقيف شابين في ريف محافظة درعا الشرقي، بذريعة ضبط أسلحة معدّة للتهريب كانت بحوزتهما، وقام مسلحون مقربون من الشابين باختطاف 15 مدنياً من محافظتي درعا وريف دمشق على حواجز أقاموها بشكل عشوائي.

وحسب مصادر محلية، تم سلب أسلحة ودراجات نارية تعود للأشخاص الذين تم اختطافهم.

ورداً على ذلك، احتجز مسلحون على طريق دمشق السويداء عدة سيارات لمدنيين من السويداء بشكل عشوائي، وأرسلوا تسجيلات صوتية مطالبين باستعادة الأسلحة والدراجات المسلوبة، مقابل الإفراج عن السيارات.

وأدت هذه الحوادث إلى تفاقم الأوضاع الأمنية في المنطقة، وسط مخاوف من اندلاع موجات أوسع من العنف في ظل تصاعد التوترات المجتمعية.

انقسامات وجدل

يتعمق الانقسام في محافظة السويداء حول الموقف من السلطة الجديدة في دمشق، وبتمحور بين الشيخ حكمت الهجري الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في السويداء، وبين الشيخ يحيى الحجار قائد حركة رجال الكرامة الذي يبدو أقرب إلى دمشق، بينما يتحفظ الهجري على طبيعة العلاقة معها.

فقد أعلن الهجري رفضه للإعلان الدستوري الذي وقعه أحمد الشرع، وطالب بتنظيم إعلان دستوري سليم أصولاً وقانوناً يؤسّس لنظام ديمقراطي تشاركي، عبر تشكيل لجان من كافة المحافظات، بهدف “إعادة صياغة إعلان دستوري يأخذ بالخصوصية التاريخية والثقافية لكامل البلاد، ويحترم حقوق الإنسان، ويضمن المشاركة الفعّالة للمواطنين في صنع القرار، بدولة ديمقراطية موحّدة، تقوم على مبدأ فصل السلطات واستقلاليتها، والحدّ من الصلاحيات الاستئثارية لمنصب الرئاسة”.

وطالب في بيان له، بإصلاحيات محلية إدارية أوسع للمحافظات السورية، وهاجم بعض
ممارسات الحكومة الانتقالية، وانتقد “إشراك الغرباء بالجيش الوطني وقطاعات الشرطة ومفاصل الدولة”.

كما انتقد “مؤتمر الحوار الوطني”، وما خرج عنه من توصيات، وختم بيانه بالتأكيد على عدم قبول تصرفات الحكومة الانتقالية أو الصمت عن الأخطاء وعدم تصحيحها.

بينما يشدد الحجار على “وحدة السلاح في مواجهة أي تهديد لمحافظة السويداء، ولكنه يؤكد على أن العلاقة مع دمشق ضرورية، ويقول “طريق الشام ضرورة ونحن لسنا قادرين على الاستغناء عنه في المسائل المجتمعية والاقتصادية”.

محامو السويداء يرفضون الإعلان

أعلن عدد من محامي السويداء رفضهم للإعلان الدستوري، معتبرين أنه “يشكل انتكاسة خطيرة لطموحات الشعب السوري في بناء دولة ديمقراطية حديثة”.

وأكد المحامون في بيان أن الوثيقة الدستورية الجديدة “لا ترسي أسس الحكم الرشيد، بل تعيد إنتاج الاستئثار بالسلطة عبر نظام مركزي يفتقر إلى ضمانات الفصل بين السلطات واستقلال القضاء، ويغلق الباب أمام التشاركية السياسية، ويزرع بذور استبداد جديد، ويؤسس إلى فرقة الشعب السوري لا تعاضده”.

وأشاروا إلى أن الوثيقة “لا تلبي تطلعات السوريين إلى المحاسبة الحقيقية والعدالة، بل تعمّق الشرخ المجتمعي، وتكرّس مناخ الإفلات من العقاب”.

وحذروا من أن “هذه الخطوات قد تؤدي إلى إعادة إنتاج القمع بوجوه مختلفة، مما يهدد مستقبل البلاد برمته”.

ودعا المحامون في بيانهم إلى عقد مؤتمر وطني سوري شامل، يفضي إلى صياغة دستور سوري عصري يرتكز على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة المتساوية، وأكدوا أن المرحلة الراهنة لحظة تأسيسية فارقة، لا تحتمل التسويات الهشة، أو التنازلات التي تعيد إنتاج الماضي.

مجلس لمتابعة القطاع الصحي

من ناحية أخرى، وفي خطوة تهدف إلى تعزيز الرقابة على القطاع الصحي في المحافظة، ومتابعة أداء المؤسسات الصحية، وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، تم تأسيس مجلس صحي يضم ممثلين عن المجتمع المدني، إضافة إلى أطباء وممرضين.

وجاءت هذه المبادرة خلال اجتماع عقد في المشفى الوطني بالسويداء، بحضور مدير الصحة ونائبه ومدير المشفى، إلى جانب عدد من الأطباء والحقوقيين وممثلي المجتمع المدني.

وطالب ممثلو المجتمع المدني بتحسين الخدمات الطبية، ومحاربة الفساد، وتفعيل آليات الشكاوى لضمان سرعة الاستجابة، إضافة إلى الضغط على وزارة الصحة لتوفير الاحتياجات الضرورية للمشفى الوطني.

وأكد ناشطو المجتمع المدني أن تأسيس المجلس، بادرة غير مسبوقة على مستوى سوريا بالنسبة للقطاع الصحي، وقد تمت بشكل تطوعي وبدعم من أطباء وحقوقيين ومنظمات المجتمع الأهلي،

ودعا المجلس المواطنين إلى تقديم الشكاوى عبر نقابة الأطباء، أو مديرية الصحة، أو إدارة المشفى الوطني، لضمان تحسين الخدمات الصحية في المحافظة ومراقبة أداء العمل.