لكل السوريين

تكريسٌ لمعاناة السوريين واستمرارٌ لمصالح “ثلاثي الصفقات”.. تكرار البيانات السابقة يكشف إفلاس أطراف “أستانا”

لم يفضي اجتماع العاصمة الكازاخية “نور سلطان” الذي تجري فيه اجتماعات ما تسمى بـ “اللجنة الدستورية السورية” إلى أي جديد يذكر، بل سوى تكريس لمعاناة الشعب السوري المستمرة منذ بداية العقد الماضي.

وحمل البيان الختامي لسلسة مسلسل “أستانا” الذي يشرف عليه ما بات يعرف بثلاثي الصفقات جملة من القرارات المكررة، تمحورت حول تحديد موعد الجزء الجديد، وتطرق إلى استمرار مصالح الدول الثلاث الراعية للمسلسل “روسيا، تركيا، إيران”، في حين استمروا في مهاجمتهم للإدارة الذاتية التي تمثل نحو 6 مليون سوري.

البيان الذي صدر عن الاجتماع الذي وصلت سلسلة أجزاءه للحلقة 16 بات أشبه بمسلسل مكسيكي لا تعرف نهايته، إلا إذا أراد المخرج أن يضع حدا له، كشف إفلاس أطراف أستانا باعتبار أن تكرار البيانات لم يفضي لطرح جديد يضمن حل الأزمة السورية.

واتفق ثلاثي الصفقات على “مواصلة التعاون بهدف استئصال تنظيمات داعش وجبهة النصرة وهيئة تحرير الشام والشخصيات والتنظيمات والكيانات المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش وغيرهما من التنظيمات المدرجة على لائحة الإرهاب الخاصة بمجلس الأمن الدولي، مع ضمان حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية وفقاً للقانون الدولي”.

وهذا الجزء يراعي مصالح روسيا، إذ تعتبر تركيا شريكة روسيا في أستانا أكبر داعم للجماعات التي ورد ذكرها في البيان، حيث تنشط هذه المجموعات في المناطق التي تحتلها تركيا من سوريا ومن إدلب وحتى عفرين وصولاً إلى رأس العين وتل أبيض.

وأدان أطراف السلسلة الهجمات الإسرائيلية في سوريا، معتبرين أنها تخالف القانونين الإنساني والدولي وسيادة سوريا وتهدد الأمن والاستقرار.

وتشن إسرائيل بين الحين والآخر هجمات على مواقع المجموعات المسلحة الموالية لإيران، وتتسبب بخسائر فادحة في صفوفهم.

الإدارة الذاتية كانت محل هجوم للثلاثي، على الرغم من أن روسيا كانت قد صرحت على لسان وزير خارجيتها بأن هناك مساعي لإجراء اتصالات بين الإدارة والحكومة السورية، وهذا يخدم الاحتلال التركي الذي على ما يبدو أنه فرض هذا في البيان.

ولم يذكر الثلاثي ولا حتى الذين وُكِلوا بالنيابة عنهم في الثلاثة وفود الممارسات التي تمارسها التنظيمات الإرهابية في المناطق المحتلة، ولم يصفوا حتى وجود تركيا في سوريا على أنه احتلال.

وأكدت الإدارة الذاتية مراراً وتكراراً حرصها على وحدة الأراضي السورية، وأن حل الأزمة السورية يجب أن يكون بإرادة شعبها بعيداً عن التدخلات الخارجية.

وتعقد روسيا وتركيا اتفاقيات بين الحين والآخر من أجل ضمان سيطرتهم على المناطق السورية، وتجريان عمليات مقايضة بين المناطق السورية وإجراء تغييرات ديموغرافية فيها لتتناسب مع مصالحهم وأهدافهم.

وعلى الرغم من عدم تمثيلها لكافة أطياف الشعب السوري إلا أن الثلاثي أكدوا على أهمية اللجنة الدستورية التي تشكلت من ثلاثة وفود، الأول من قبل الحكومة والثاني من قبل الاحتلال التركي والثالث مزيج بينهما.

واتفق ثلاثي الصفقات “روسيا، تركيا وإيران” على عقد الجولة الـ 17 من أستانا في “نهاية عام 2021 مع مراعاة الوضع الصحي والوبائي”.

ولم يحمل البيان الختامي لأستانا 16 أي جديد، بل هو نفسه البيان الختامي للجولة 15 التي عقدت في شباط الماضي، في تفسير فسره الكثير بأنه محاولة لإرضاء ثلاثي السلسلة، بدلا من وضع آليات لتحرك شمال ومشترك.

وكرر البيان في ديباجته عبارة «الالتزام بسيادة سوريا ووحدة أراضيها» التي تكررت في كل بيانات «مسار آستانة».

وكان لافتا، أن الوثيقة الختامية كما تجاهلت ملف المعابر الحدودية، فقد تجاهلت أيضا، الانتخابات الرئاسية الأخيرة في سوريا، ولم تشر إليها بأي عبارة، برغم أن الوفد الحكومي السوري كان أعلن أن «أولويات مناقشات آستانة هي تكريس نتائج تلك الانتخابات التي أظهرت رغبة الشعب السوري».