لكل السوريين

تقرير استخباراتي ألماني: الوضع الأمني في سوريا لا يزال كارثياً رغم سقوط النظام

كشفت مجلة “دير شبيغل” الألمانية عن مضمون تقرير سري صادر عن وزارة الخارجية الألمانية، حذّر من أن سوريا لا تزال تشهد وضعاً أمنياً “بالغ الخطورة”، رغم سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي.

‏وبحسب التقرير الذي يقع في 29 صفحة وصُنّف “سرياً”، فقد استند إلى معطيات جمعتها الخارجية الألمانية عبر السفارة الألمانية في دمشق ومنظمات دولية مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين واليونيسيف، إضافة إلى نشطاء حقوقيين وشركاء غربيين. وقد تم الانتهاء من إعداد التقرير في 30 أيار/مايو، وهو متداول حالياً في الأوساط الأمنية الألمانية.

‏يشير التقرير إلى أن الحكومة السورية الانتقالية برئاسة أحمد الشرع لم تنجح في فرض استقرار شامل، باستثناء مناطق محددة في دمشق ومحيطها وأجزاء من إدلب وحماة. كما أشار إلى استمرار نشاط الجماعات المسلحة بدرجة كبيرة من الاستقلالية، في وقت يواصل موالون للنظام السابق شنّ هجمات في مناطق الساحل وريف حمص الغربي، بحسب التقرير.

‏ووثق التقرير ارتكاب جماعات مسلحة مجازر بحق مئات المدنيين، غالبيتهم من الطائفة العلوية، في ردّ على هجمات شنها موالون للنظام المنهار في آذار الماضي.

‏كما سلط الضوء على استمرار الضربات الإسرائيلية والتهديد المتصاعد من التنظيمات المتشددة، إلى جانب تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدل الجرائم، بما في ذلك حوادث الخطف والقتل في المدن الكبرى. وقد بلغ عدد القتلى بين كانون الثاني وآذار نحو 4000 شخص، إضافة إلى مئات الضحايا بسبب الألغام، معظمهم من العائدين والنازحين.

‏رغم الصورة القاتمة، ذكر التقرير ببعض المؤشرات الإيجابية، من بينها الخطاب التصالحي لأحمد الشرع، وتنفيذ إصلاحات قضائية وإدارية، أبرزها إلغاء محكمة الإرهاب والعفو عن الفارين من الخدمة العسكرية، إضافة إلى وقف سياسات التجنيد الإجباري.

‏كما أشار إلى أن الإعلان الدستوري ينص على مبدأ فصل السلطات وحرية الصحافة والتعبير، لكنّه في الوقت ذاته شدد على أن هذه المبادئ ما تزال بحاجة لاختبار فعلي على أرض الواقع، في ظل استمرار الانتهاكات، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية وغياب استقلالية القضاء ووجود عقوبة الإعدام.

‏خلص التقرير إلى أن الظروف لا تزال غير مناسبة لعودة اللاجئين السوريين، رغم استئناف بعض الخدمات الرسمية كإصدار جوازات السفر. وأكدت منظمات الإغاثة الدولية أن عودة “آمنة وكريمة” غير متوفرة في الوقت الراهن.

‏ورغم أن الحكومة الألمانية الجديدة برئاسة المستشار فريدريش ميرتس أعلنت نيتها استئناف ترحيل اللاجئين، وخاصة من مرتكبي الجرائم والمصنفين كخطر أمني، إلا أن التقرير قد يشكل عقبة كبيرة أمام تنفيذ هذه الخطط.

‏هذا ولم يصدر أي موقف رسمي من الحكومة الألمانية بشأن التقرير، في حين اكتفى وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت بالتصريح بأن حكومته تعتزم “بشكل عاجل” ترحيل بعض الفئات من اللاجئين السوريين.