لكل السوريين

تطور الدساتير السورية 10

احتضنت الحضارة السورية الضاربة في القدم أولى الشرائع المكتوبة في تاريخ البشرية، حيث اكتشف علماء الآثار الكثير من القوانين المكتوبة في منطقة سوريا التاريخية، تعود إلى مراحل وحضارات تاريخية مختلفة، ويعود أقدمها إلى تاريخ 2360 قبل الميلاد، في مملكة ماري التي تأسست في الألف الثالث قبل الميلاد على ضفاف نهر الفرات في الجزيرة السورية.

ومع التطور الاجتماعي، عبر التاريخ المعاصر بقيت مركز التشريع والتقنين في محيطها الجغرافي رغم التقلبات السياسية والاجتماعية والانقلابات العسكرية التي عصفت بها.

ولعبت الأحزاب والقوى السياسية المستقلة دوراً بارزاً في تطور الدساتير السورية، وخاصة الكتلة الوطنية التي انقسمت فيما بعد إلى حزبين، حزب الشعب والحزب الوطني الذي استمر بالعمل إلى أن تم حل الأحزاب خلال فترة الوحدة بين سوريا ومصر، وعاد الحزب إلى العمل بعد الانفصال، وفاز بالأغلبية في انتخابات العام 1961.

حزب الاستقلال العربي

كرد على جمعية الاتحاد والترقي التركية التي كانت تدعو إلى تتريك كافة أقطار الامبراطورية العثمانية، تأسست جمعية العربية الفتاة السرية في باريس عام 1909، وبدأت أهدافها بالمطالبة بالحقوق العربية تحت الحكم العثماني.

وبعد الإعدامات التي طالت أعضاءها في سوريا على يد الوالي العثماني جمال باشا السفاح، رفعت الجمعية سقف مطالبها وطالبت بالحكم الذاتي للأقاليم العربية، ثم طالبت بالاستقلال التام لكافة الأقاليم العربية عن الحكم العثماني.

وبعد طرد العثمانيين من سوريا، أعلنت الجمعية عن وجودها، كحزب سياسي تحت اسم “حزب الاستقلال العربي”، الذي تشكل في دمشق في الخامس من شهر شباط عام 1919.

وفتح الحزب باب العضوية، فاكتسب شعبية واسعة في مختلف مناطق البلاد، وعرف أتباعه باسم “الاستقلاليون”.

وفي عام 1931، اجتمعت نخبة من الزعماء العرب بالقدس ووضعوا له ميثاقاً من أهم بنوده:

– إن البلاد العربية وحدة تامة لا تتجزأ وكل ما يطرأ عليها من أنواع التجزئة لا تقره الأمة، ولا تعترف به.

– توجَّه الجهود في كل قطر من الأقطار العربية إلى جهة واحدة هي استقلالها التام كاملة موحدة، ومقاومة كل فكرة ترمي إلى الاقتصار على العمل للسياسات المحلية والإقليمية.

– لما كان الاستعمار بجميع أشكاله وصيغه يتنافى كل التنافي مع كرامة الأمة العربية وغاياتها العظمى، فإن الأمة العربية ترفضه وتقاومه بكل قواها.

واختار المجتمعون لجنة معظم أعضائها من الفلسطينيين منهم عوني عبدالهادي وخيرالدين الزركلي وصبحي الخضرا وآخرون.

وكان المطلوب من اللجنة أن تدعو مندوبين من سائر الأقطار العربية لحضور مؤتمر عربي موسع لتنفيذ الميثاق على المستوى الشعبي في كافة أقطار العالم العربي.

وتمكنت هذه اللجنة من تأسيس فروع لها في فلسطين وسوريا والعراق.

وبعد دخول الفرنسيين دمشق واحتلالهم سوريا وإسقاط حكومة الأمير فيصل، تلاشى نشاط هذا الحزب ولم يعد له أي نفوذ سياسي يذكر في سوريا وفي الدول العربية الأخرى.