لكل السوريين

وسط رفض شعبي.. النظام التركي ينفذ قرار الانسحاب معاهدة إسطنبول

تقرير/ لطفي توفيق

بحجة أنها تقوض الروابط الأسرية وتروج للمثلية الجنسية، وتنفيذاً لقرار رئيس النظام التركي الذي أعلنه شهر آذار الماضي، خرجت تركيا رسمياً من اتفاقية إسطنبول الدولية لمنع العنف ضد المرأة.

وهي المرة الأولى التي تقرر فيها دولة الانسحاب من أول معاهدة دولية وضعت معايير ملزمة لمنع العنف ضد المرأة في ثلاثين بلداً.

وكان القرار الذي اتخذه رئيس النظام التركي، رغم تزايد جرائم قتل النساء في تركيا، قد أثار غضب المنظمات المعنية بحقوق المرأة، وانتقادات من جانب الاتحاد الأوروبي.

كما تظاهرت آلاف النساء في شوارع إسطنبول احتجاجاً على قرار الانسحاب من اتفاقية دولية تستهدف مكافحة العنف ضد النساء، ومطالبة السلطات التركية بالتراجع عنه.

وكان رئيس النظام التركي قد استغل فكرة الانسحاب من هذه المعاهدة العام الماضي، لحشد أكبر عدد من الناخبين المحافظين، بعد أن رضخ لضغوط مجموعات إسلامية متشددة تدعو إلى التخلي عن هذا الاتفاق الذي أضر، حسب زعمهم، بالقيم العائلية التقليدية من خلال الدفاع عن المساواة بين الجنسين و”دعم مجتمع المثليين من خلال دعوته إلى عدم التمييز بين الجنسين”.

ردود فعل محليه

أدان معارضون في الداخل التركي قرار انسحاب النظام التركي من المعاهدة، واستنكر رئيس بلدية إسطنبول الإعلان عن الانسحاب من الاتفاق في الوقت الذي يحدث فيه كل يوم اعتداء جديد يرتكب ضد نساء، ووصف القرار بأنه “ازدراء بالنضال الذي تخوضه النساء منذ سنوات”.

وفي تغريدة لها على تويتر اعتبرت نائبة رئيس حزب الشعب الجمهوري المكلفة بشؤون حقوق الإنسان، أن التخلي عن هذا الاتفاق يعني السماح بقتل النساء.

وأضافت “رغماً عنكم وعن شرّكم، سنبقى على قيد الحياة ونعيد إحياء الاتفاق”.

كما أعربت منظمة “كاديم” النسوية المحافظة المقربة من السلطة في أنقرة، عن استيائها من القرار، مشيرة إلى أن اتفاق إسطنبول “كان يلعب دوراً مهماً في مكافحة العنف”.

ووفقا لمجموعة “وي ويل ستوب فيميسايد” الحقوقية، تم قتل 300 امرأة خلال العام الماضي، على أيدي شركائهن، وارتفع عدد الجرائم ضد النساء خلال العقد الماضي.

ردود فعل دولية

شكل قرار انسحاب تركيا صدمة لحلفائه الأوروبيين، واعتبر مجلس أوروبا أن انسحاب تركيا من اتفاق إسطنبول “يهدد حماية المرأة” في هذا البلد.

ومن جانبه، كتب مقرر البرلمان الأوروبي في تغريدة له “هذا هو الوجه الحقيقي للحكومة التركية الحالية.. ازدراء تام لدولة القانون وتراجع تام لحقوق الإنسان”.

وأدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي انسحاب أنقرة، واعتبره متابعون للشأن التركي أنه يجعل تركيا أكثر ابتعاداً عن التكتل الأوروبي الذي تقدمت بطلب الانضمام إليه في عام 1987.

وبعثت مفوضة مجلس أوروبا لحقوق الإنسان رسالة إلى وزيري الداخلية والعدل في تركيا تعبر فيهما عن القلق إزاء أحاديث بعض المسؤولين الأتراك عن الخوف من المثليين.

وقالت المفوضة “تعزز جميع الإجراءات التي نصت عليها اتفاقية إسطنبول الأسس والروابط الأسرية من خلال منع ومكافحة السبب الرئيسي لتدمير الأسر، ألا وهو العنف”.

اتفاقية إسطنبول

تمت صياغة هذه الاتفاقية بواسطة مجلس أوروبا، بهدف وضع الأسس القانونية التي تضمن عقاب المتعدين على المرأة، والحيلولة دون وقوع العنف، وحماية ضحاياه.

وكان الاسم الرسمي للمعاهدة “اتفاقية المجلس الأوروبي لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف الأسري”، لكنها عرفت لاحقاً باسم اتفاقية إسطنبول، وهي المدينة التي شهدت التوقيع عليها عام 2011، من قبل 45 دولة أوروبية، إضافة إلى توقيع الاتحاد الأوروبي كمنظمة.

وتتضمن الاتفاقية التزامات قانونية تشمل جمع البيانات حول الجرائم المتعلقة بالنوع أو الجنس، وتقديم خدمات الدعم للضحايا.

ويرى المعترضون المتشددون من المحافظين الأتراك أن هذه الاتفاقية تروج لحقوق وتعاليم المثلية الجنسية بما يتناقض مع ما يسمونه، بقيم الأسرة التقليدية.

بينما يؤكد المتحدث باسم الأمين العام لمجس أوروبا “أن هذا الاتفاق له مهمة واحدة فقط وهي الحد من العنف ضد المرأة والعنف الأسري”، ويؤكد أن الاتفاق ليس له أجندة أخرى.

ويضيف “القول بأن ذلك الاتفاق يروج لزواج المثليين، كما أعلنت بعض الحكومات، ببساطة ليس صحيحاً… الاتفاق لا يروج لأي شيء أخر”.

يذكر أن آلاف النساء تظاهرن في شوارع إسطنبول، ومدن تركية أخرى، فور صدور قرار أردوغان بالانسحاب من الاتفاقية شهر آذار الماضي، للمطالبة بالعودة عن قرار الانسحاب من اتفاقية دولية تستهدف مكافحة العنف ضد النساء.

وتجمعت النساء المحتجات في ميدان مطل على الساحل في إسطنبول، ولوحن برايات أرجوانية اللون، ورددن هتافات تقول “جرائم قتل النساء سياسية”.

وأوضحت مديرة فرع منظمة العفو الدولية في تركيا أن “الانسحاب من اتفاقية إسطنبول كارثة على ملايين النساء والأطفال الذين يعيشون في هذا البلد”.

وطالبت أنقرة بالعودة عن هذا القرار.