لكل السوريين

سياسة الحكومة الاقتصادية الخاطئة تُنذر بالمزيد من الاحتجاجات.. ماذا ستفعل؟

تقرير/ بسام الحمد

يبدو أن الأصوات بدأت تتصاعد للتعبير عن نفاد صبر سكانها مثل غيرهم من السوريين، ورفض السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة السورية بحق المواطنين في الداخل، ومطالبة الحكومة باتخاذ عدد من الإجراءات لتحسين ظروفهم المعيشية، إلا أن كل ذلك يجري وسط شكوك حول مدى قدرة الحكومة على التعامل مع هذه الأزمات التي قد تقود بالبلاد إلى مستويات خطيرة، خاصة وأن حالة الغليان الشعبي قائمة منذ شهور. إلا أن اللافت في الاحتجاجات الحالية هو ثمة حالة من الغضب في مناطق ريفي حمص وحماة التي لطالما حُسبت من الحاضنة الشعبية للحكومة بنسبة كبيرة.

مصير اقتصادي مجهول يخيّم خلال الفترة الحالية أكثر من أي وقت مضى، بالتوازي مع مجموعة من القرارات الحكومية الجائرة التي زادت من حجم الظروف المعيشية في البلاد، وبالتالي رفعت النقمة المعيشية التي ارتدت على الحكومة، فحجم الاحتجاجات وحالة التذمر والغضب الشعبي ازداد في العديد من المناطق الخاضعة لسيطرتها، ولعل أبرزها الجنوب السوري، الأمر الذي يدلّ على مدى صعوبة الأوضاع الاقتصادية.

قبل نحو شهر، تدهورت الليرة السورية بشكل كبير أمام النقد الأجنبي، ووصلت إلى مستويات قياسية غير مسبوقة. واليوم الدولار الأميركي الواحد يعادل نحو أكثر من 16 ليرة سورية، ما أدى إلى ارتفاع مطّرد في الأسعار، وسط مخاوف شعبية من التدهور المستمر في الوضع المعيشي.

في حين كان الشارع السوري ينتظر من الحكومة السورية أن تحسّن واقعهم الاقتصادي، إلا أن المرسوم الرئاسي بزيادة الرواتب بنسبة 100 بالمئة، رافقه قرارٌ برفع أسعار المشتقات النفطية، ما يعني أن أسعار كل شيء تضاعفت أضعافا، نظرا لتأثير تسعير الوقود على جميع مفاصل الحياة الاقتصادية.

من الواضح أن قرار رفع الرواتب لن يعود بالنفع على الشعب السوري، بمعنى أن المستفيد من هذه العملية برمتها هي الحكومة السورية، حيث ترفع الرواتب من جيوب المواطنين، عبر رفع أسعار حوامل الطاقة. وفي ضوء ذلك، شهدت حمص وحماة وغالبية المدن السورية من أزمة مواصلات حادة، بسبب توقّف السائقين عن العمل بانتظار زيادة الأجرة، إضافة إلى أن معظم المحلات التجارية في العديد من المناطق بدأت بإغلاق أبوابها، وظهرت دعوات للعصيان المدني حتى تتخذ الحكومة إجراءات تفيد بالنفع على المستوى المعيشي في البلاد وليس العكس.

في تفاصيل تدهور الليرة السورية، فإن انخفاضها توقف لفترة ما بين شهري أيار وحزيران الماضيين، نتيجة انعقاد اجتماع “مجلس الجامعة العربية” وعودة سوريا إلى مقعدها، فضلا عن مؤتمر لإعادة الإعمار بسوريا، إذ كانت الأنباء تتوارد ولاسيما من قِبل وسائل الإعلام المحلية السورية بأن الأمور ستتحسن، إلا أنه وبسبب عدم وجود نتائج ملموسة من قبل دمشق تجاه المبادرة العربية، إضافة إلى وقف افتتاح السفارة السعودية في دمشق والجمود الذي حصل في التقارب العربي تجاه دمشق، هو ما جرى في الشهرين الماضيين.

بالإضافة إلى فشل الحكومة السورية في تقديم أي التزامات تجاه المبادرة العربية أو إجراء أي إصلاحات اقتصادية أو حتى سياسية ملموسة في البلاد، وبالتالي فُقد الأمل في عودة العلاقات العربية مع الحكومة السورية في ظل تصلب الأخيرة بسياساتها وعدم تنفيذ أيٍّ من شروط التقارب العربي وغياب أي رؤية واضحة لإعادة الإعمار.

الأمر الذي بدأ يؤثر على الاقتصاد السوري مجددا، وبدأت عجلة العجز تدور لينفد “المركزي السوري” من السيولة، أي حدوث عجز كبير فيها، وبالتالي بدأ الوضع يتدهور بشدة، من انهيار الليرة إلى القرارات الحكومية المجحفة لتحصيل هذا العجز من جيوب المواطنين.

اليوم باتت الحكومة مطالبة بتعديلات والعمل على تحسين الواقع الاقتصادي، إذ أن الشارع محتقن، وربما تبدأ عدوى المظاهرات في السويداء عموم المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، لذا فهي أمام مفترق طرق إما الفوضى أو العمل على تحسين أوضاع المواطنين.